أوراق ملونة / مسجد السلطان الصالح نجم الدين

تصغير
تكبير
| بريشة وقلم علي الجاسم |

مسجد السلطان الصالح نجم الدين أو المدرسة الصالحية من أشهر مساجد القاهرة، بني عام 641 هجرية الموافق 1243-1244م. بامر من الصالح نجم الدين أيوب سابع من ولى ملك مصر من** سلاطين الدولة الأيوبية، والصالحية هي أول مدرسة في القاهرة تفتح أبوابها لطلاب المذاهب السنية الرئيسة الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، ولم يسبقها في خطوتها هذه إلا المدرسة المستنصرية التي بناها الخليفة المستنصر العباسي سنة 631هـ/ 1233م في بغداد فجاءت صالحية القاهرة على خطى مستنصرية بغداد وتبعتها في طرازها المعماري، الذي تميّز بشكل مستطيل غير مستوي الأضلاع. أقامها السلطان على جزء من المساحة التي كان يشغلها القصر الفاطمي الكبير وأتمها سنة 641 هجرية الموافق 1243 /1244م وكانت تتكون من بناءين أحدهما قبلي وقد ضاعت معالمه وشغلت مكانه أبنية حديثة، والثاني بحري لم يتخلف منه سوى إيوانه الغربي الذي يغطيه قبو معقود، وكان كل من البناءين يشتمل على إيوانين متقابلين أحدهما شرقي والآخر غربي وصف من الخلاوي على كل من الجانبين ويفصل هذين البناءين ممر يقع في نهايته الغربية مدخل المدرسة الذي تعلوه المئذنة الجميلة التي انطلق اساسها من قاعدة مربعة الشكل ثم مثمنة الشكل في جزئها الثاني تحلى أوجهها صفف تغطيها عقود مخوصة فتح بها فتحات بعقود على شكل أوراق نباتية. ويغطى المثمن قبة مضلعة ازدانت قاعدتها بفتحات على هيئة أوراق نباتية أيضا تعلوها تروس بارزة.وتمثل مئذنة مسجد الصالح طراز أغلب المآذن التي أنشئت في مصر أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الهجرى،وقد اوقف السلطان الايوبي الصالح نجم الدين عائد إيجار حي الصاغة المقابل للمدرسة بالإضافة إلى ممتلكاته الأخرى لضمان استمرار المدرسة في أداء واجباتها على أكمل وجه بعيداً عن تدخل الملوك والسلاطين من بعده في شؤونها، وهو نظام كفل لها ولمعلّميها الحرية والاستقلالية.

حيث ان السلطان الصالح كان يحب العلماء ويقدر طلبة العلم كما عرف عنه ايضا حبه للعمارة فقد كان يشرف بنفسه على عمليات البناء وتصميم العمائر الاسلامية،وقد ذكره المقريزي في كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك « بأنه كان ملكاً شجاعاً حازماً مهيباً، وأنه كان كثير الحياء والعفة، معرض عن الهزل ولا يصدر عنه فحش الكلام وكان إذا شتم أحداً لا يزيد عن كلمة متخلف». وقد استغلت زوجته شجرة الدر قاعة شيخ المالكية في المدرسة الصالحية لبناء قبر عليه قبة لمولاها السلطان الصالح نجم الدين عند وفاته يوم 15 شعبان 647 هـ/ 23 نوفمبر 1249م، بينما الحرب مشتعلة بين المسلمين والصليبيين، فنقلت جثمانه سراً في تابوت من المنصورة إلى قلعة جزيرة الروضة، وأخفت خبر وفاته خوفاً من اضطراب الجيش والبلاد، ولما انهزم الصليبيون وأسر قائدهم لويس التاسع ملك فرنسا وانتهت الحملة الصليبية السابعة بانسحاب الجيوش المغيرة، أعلنت شجرة الدر نبأ وفاة السلطان الصالح ونقلت جثمانه في احتفال مهيب لا تنقصه أبهة الملوك إلى القبة التي بنتها خصيصاً له في شارع المعز ولا تزال قائمة حتى اليوم.



* كاتب وفنان تشكيلي

Ali_watercoulor@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي