سعود عبدالعزيز العصفور / بصراحة / «بي ال تي» المنامة

تصغير
تكبير
في أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982 وقبل خروج المقاومة الفلسطينية إلى تونس تمكن الديبلوماسي الأميركي ذو الأصول اللبنانية فيليب حبيب من إيصال الأطراف المتنازعة إلى اتفاق يقضي بانسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت ودخول قوات دولية متعددة الجنسيات قوامها الرئيسي من القوات الأميركية والفرنسية للحفاظ على السلام الهش آنذاك، لم يدم ذلك السلام المصطنع طويلاً ودخلت القوات اللبنانية بغطاء من الجيش الإسرائيلي لترتكب مجزرة صبرا وشاتيلا واغتيل الرئيس اللبناني بشير الجميل في الأشرفية، وتصاعدت الأمور حتى منيت هذه القوات بكارثة كبرى تمثلت بتفجير مقري القوات الأميركية «المارينز» والقوات الفرنسية في 1983/10/23 وصعود نجم حزب الله اللبناني ورحلت القوات متعددة الجنسيات، بعد ذلك عن لبنان المدمر المقسم تتناهشه ضباع الحرب الأهلية فلا تواجدها خدم لبنان ولا هي سلمت على جنودها النائمين في مبنى الـ «بي ال تي».

وإذا صحت الأنباء المتداولة عن إرسال دول مجلس التعاون الخليجي لقوات عسكرية لدعم النظام في البحرين فتأكدوا بأننا مقبلون على كارثة لن يكون طيّ التاريخ لصفحاتها سريعاً ولا سهلاً على الجميع. إرسال قوات عسكرية خارجية مهما كانت النوايا سليمة وطيبة وأخوية للمشاركة في حل نزاع داخلي لن يزيده إلا تأزماً واستفزازاً وتهييجاً للشارع وستكون هذه القوات هدفاً لبعض الأطراف المتنازعة والتي قد تلجأ في ظل وجود مثل هذه العوامل الخارجية المحفزة إلى تطوير وسائل معارضتها ومقاومتها إلى النزاع المسلح، وحينها فقط، سنكتشف أن هذه القوات التي دخلت لتعيد الهدوء والأمن والأمان إلى المنامة وغيرها من المناطق البحرينية، كانت عاملاً مساعداً وللأسف في إعطاء الهدوء والأمن والأمان هناك تذكرة ذهاب من دون عودة، وستجني المنطقة من مثل هذا الإجراء المتسرع حقبة طويلة من عدم الاستقرار قد تنتقل من البحرين إلى جيرانها.

طرحت هذا التصور بالأمس على المتابعين في شبكة التويتر وقد كانت الردود في غالبيتها مؤيدة لإرسال هذه القوات وبرر البعض مثل هذا التأييد بوجود دعم خارجي للمتظاهرين، وأن القوات المرسلة ما هي إلا قوات «درع الجزيرة»، وضمن اتفاقيات مجلس التعاون، ومثل هذا الكلام يرد عليه بأن وجود هذه القوات «غير» البحرينية هناك هو المدخل الرئيسي وكلمة المرور لكل دعم خارجي يود أن يقفز إلى عربة الصراع داخل البحرين، كما أن قوات «درع الجزيرة» هي في أساسها قوات لحماية دول الخليج من الاعتداءات الخارجية مثلما حدث في تحرير الكويت، وليست للاستخدام ضد شعوب المنطقة مهما كانت درجة الاختلاف في المطالب.

نسأل الله السلامة للبحرين وجميع أهلها وأن ينعم عليهم بالأمن والأمان، ولكننا نضع أيدينا على قلوبنا من تبعات مثل هذا التدخل المتسرع. لا تتوقفوا عن الدعاء لهم، وتابعوا بدقة تطور الأحداث المتسارعة هناك.





سعود عبدالعزيز العصفور

salasfoor@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي