رد الهيئة الذي نشرناه في هذه الزاوية في المقال الماضي احتوى، بعد الترتيب والتنسيق وإزالة الديباجات السابقة واللاحقة، على سبع نقاط جعلتني أقف في حيرة من أمري، وألا ليت هذا التوقف كان لعجزنا عن الرد أو لقوة حجة وبيان الرد، بل وقفت واضعاً كلتا يدي على رأسي مندهشاً من محاولة استذكاء مسؤولي الهيئة واستغالفهم للرأي العام في ذلك الرد. تعالوا نرد عليه نقطة بنقطة وتدليسه بحقيقة واستغفال بحجة واستذكاء بـ«جعمه»:
النقطة الأولى لم تكن إلا هروباً من المدير الحالي ووزير العدل من المسؤولية من خلال إلقائها على عاتق المسؤولين السابقين، متبعين منهج «وجدنا آباءنا كذلك يفعلون». ولا أرى في ذلك الرد إلا اعترافا من مسؤولي الهيئة بأنهم يطبقون ما قام به رغم أن قانون إنشاء الهيئة لا يجيز لهم بأي شكل من الإشكال حجز أموال القصر بعد بلوغهم سن الرشد تحت أي ذريعة كانت.
أما ثانياً والخاصة بمجلس إدارة الهيئة «الكويتيين»، وهنا لا أعلم ما علاقة كونهم كويتيين بذلك، فهل كونهم كويتيين يعطيهم مصداقية أكبر؟، إذا كان مجلس إدارة الهيئة وافق على ميزانياتها وعلى اقتطاعها لأموال الأيتام وعدم إعادتها لهم بعد بلوغ سن الرشد فهذا المجلس بأعضائه «الكويتيين» مشارك في هذا الاعتداء السافر.
أما النقطة الثالثة، فيا للعجب العجاب، اللجنة الشرعية للهيئة تشكلت عام 2000 فمن أين كانت تستمد الهيئة فتاواها الشرعية منذ 1983 وحتى عام 2000؟ هل لم تكن تعمل حسب الشريعة الإسلامية قبل ذلك العام؟ وإذا علمنا أن للدولة جهة إفتاء رسمية، فلماذا أنشئت هذه الهيئة في ذلك العام بالتحديد؟ سأنتظر إجابة الهيئة على سبب إنشاء هذه اللجنة غير الشرعية قبل نشر ما لديّ من معلومات ستغضبهم بالتأكيد.
رابعة المصائب أو النقطة الرابعة تحجج الهيئة بموافقة إدارة الفتوى والتشريع من الناحية القانونية، واللجنة الشرعية من الناحية الشرعية، ويرد على هذه النقطة تقارير ديوان المحاسبة المتتالية، واخرها تقريره عن السنة المالية 2009/ 2010 وهو ما اعتبره الديوان انتقاصاً من الهيئة لحقوق المشمولين برعايتها ومخالفة لأحكام المادة 11 من قانون إنشائها. كل هذه الموافقات الشرعية والقانونية لم توقف ديوان المحاسبة من اعتباركم منتقصين لحقوق القصر.
خامساً، تدعي الهيئة في ردها بأن المحاكم بكل درجاتها الأولى والاستئناف والتمييز حكمت بعدم جواز الطعن بنظام الاحتياطي العام والأرباح المرحلة، وهذا الأمر عار عن الصحة، حيث قمنا بالبحث عن هذه الأحكام ولم يصدر من أي محكمة حكم بهذا الأمر البتة، وليقدمه مسؤولو الهيئة في ردهم اللاحق. أما إقحام بعض الورثة نتيجة مخاصمتهم الهيئة عن بعض الأمور فأمر مرفوض وغير جائز ومحاولة تضليل الرأي العام بان الهيئة تستند على أحكام كان من الأولى تقديمها لديوان حتى تزال المخالفة؟
أما النقطة السادسة، فمؤسفة من جهاز يدير أموال أيتام أهل الكويت، ولا يمكن لي اعتباره إلا خلطاً واضحاً للأمور وتضليلاً متعمداً عندما يدعي الرد أن مجلس الأمة قد جدد الثقة بالوزير الأسبق أحمد باقر بعد الاستجواب، في الوقت الذي لم يقدم فيه طلب لطرح الثقة من المجلس؟ الأمر الآخر، إذا كانت الهيئة تعتقد أن استجواب باقر كان تأكيداً لصحة إجراءاتها، فالاستجواب انتهى إلى أربع توصيات من مجلس الأمة، فماذا فعلت الهيئة في هذه التوصيات منذ ذلك التاريخ وحتى الآن؟
أما النقطة السابعة في رد الهيئة حول توزيعها الأرباح، فهي دليل ضد مسؤولي الهيئة وليس معهم، خصوصاً إذا ما علمنا أن أرباح الهيئة تكاد تكون من مصدر وحيد وهو بيت التمويل الكويتي ولا عبقرية في ذلك حتى تتشدق بها الهيئة. الأمر الآخر النسب التي يتحدث عنها رد الهيئة وهي 10% و 12% فمن الممكن زيادتها إلى أيتام الكويت لو توقفت الهيئة عن استقطاع أموال الأيتام بصورة غير قانونية وتوقفت عن دعم مغامرات مسؤوليها بأرباح أموال القصر.
معكم إن شاء الله حتى يتوقف مسؤولو الهيئة عن الاعتداء على أموال «أيتام الكويت»، ويتوقفوا عن محاولاتهم استغفال الرأي العام.
سعود عبدالعزيز العصفور
salasfoor@yahoo.com