| علي الرز |
بعد الانتفاضات العفوية لـ «الاهالي» في الجنوب ضد القوات الدولية والتي ادت الى نتائج محددة على صعد التحرك والمراقبة والمتابعة، ها هم «الاهالي» انفسهم يتحركون «عفويا» في بيروت حتى يترجموا على الارض مقولات مرجعياتهم السياسية بأن ما قبل القرار الاتهامي في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليس كما بعده.
وبما ان ما قبل القرار الاتهامي هو غير ما بعده، فلابد ان يسيطر «الاهالي» على مفاصل الحكم كون الغالبية الخارجة من صناديق الاقتراع إما متآمرة مع الخارج على لبنان ومقاومته وإما جاهلة لحجم المخططات الدولية. ولذلك سيضغط «الاهالي» في الشارع والمؤسسات لتسمية حكومة جديدة تناسب تطلعاتهم او لخلق فراغ سياسي يسمح لهم بشل يد الغالبية. وفي الحالتين سيتصدرون سدة السلطة علنا بعد التهديدات التي ساقها رموز المعارضة للقوى العسكرية والأمنية من التحرك ضدهم.
واذا كان الخيار بين حكومة «الاهالي» واللا حكومة، فالاولى افضل للبنان حقنا للدماء وحجبا للاضطرابات وحتى ينزع المعطلون اقنعتهم ويتحملوا مسؤولية السياسات التي شلوا البلد فيها بدل كيل الاتهامات للآخرين وتحميلهم مسؤوليات اعمال غيرهم.
واذا كان سنّة الصف الاول يفهمون في الحسابات السياسية التي تمنعهم من قبول الوصول الى الرئاسة الثالثة بخلاف ارادة الغالبية، فليس صعبا على «الاهالي» ايجاد اسماء من الصفوف الثانية والثالثة، مع العلم ان مرحلة مواجهة المؤامرة الدولية تحتاج مواصفات مثل مواصفات السيد شاكر البرجاوي فهو زعيم لحركة «6 شباط»، وهو ابن «جبل النار» (الطريق الجديدة)، واثبت من خلال تجاربه الرائدة قدرته على تمتين الصف الوطني، فعندما طُلب منه ضرب الجيش ضربه، وعندما طُلب منه اطلاق النار على هذا الحزب او ذاك فعل، وعندما «تمرّد» خضع لدورة تثقيفية تأهيلية في سجون الاستخبارات السورية انارت طريقه الوطني والقومي وزودته بمناعة التكيف مع اي أمر.
ان حكومة برئاسة شاكر البرجاوي قادرة على تحقيق جملة ايجابيات للبنان لا يمكن لغيره ان يحققها. فعدا عن تعامله مع المحكمة الدولية بما يقتضي منطق «حزب الله» والجبهة الوطنية التقدمية الحليفة له يمكن ان يضمّن برنامج الحكومة جملة نقاط تنقل لبنان نهائيا من مرحلة المراوحة.
من هذه الخطوات:
- الاعلان عن تحويل قوات اليونيفيل الى رهائن اذا لم تقم الامم المتحدة بتعطيل مفاعيل القرار الاتهامي في اغتيال الشهيد الحريري او على الأقل اعادة هذه القوات الى اوطانها كي يكون الأمن في الجنوب حصرا على المقاومة ومن ترتئيه من قوى امنية لبنانية.
- اعادة احياء «الادارات المدنية» في الأحياء والشوارع بهدف تولي كل مجموعة ادارة منطقتها وذلك من خلال الأمن المحلي عبر التجنيد الالزامي للاحزاب والميليشيات والجباية المحلية.
- طرد جميع سفراء الدول التي تشعر الحكومة انها غير صديقة او تتدخل في الشؤون الداخلية للبنانيين من خلال التصريح باحترام الخيارات الديموقراطية او الدعوة الى التزام الأمن والاستقرار.
- ترجمة العروبة الحقيقية والتحالف الحر الخياري مع الجمهورية الاسلامية من خلال ربط المواقف الأمنية والسياسية والاقتصادية برباط وثيق حتى ولو اقتضى الامر تكرار تجربة ثمانينات القرن الماضي حين كان الاجنبي يخطف في لبنان ويحرر في دمشق، او لو اقتضى الأمر اقامة منشآت تخصيبية مساعدة للبرنامج النووي الايراني في مناطق ملائمة على الاراضي اللبنانية.
ترجمة الالتزام الحقيقي بمتطلبات الصراع العربي الاسرائيلي من خلال ضبط عمليات المقاومة الحدودية مع عمليات حركة «حماس» في فلسطين، اضافة الى مساعدة الحركة على السيطرة على مجمل القرار الفلسطيني في عموم اراضي السلطة.
- اجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد يسمح للخيارات الحقيقية للناخبين بان تتبلور.
- محاسبة جميع المسؤولين عن ادارة المرحلة اللبنانية السابقة من لون وتيار سياسي معينيْن بدءا من العام 1992. وفتح المجالات الاستثمارية لدول المال النظيف دون غيرها.
- دعم كوريا الشمالية دعما مطلقا في خلافها مع كوريا الجنوبية وانشاء مقر في بيروت لمنظومة الدول المعادية للامبريالية من اميركا الجنوبية الى آخر جزيرة في آسيا.
- منع اللبنانيين من الهجرة، وتنظيم عملية السفر الى دول معينة فقط من خلال اتفاقات التعاون التي ستبرم بينها وبين الحكومة الجديدة.
- اصدار قوانين خاصة للطوارئ، واعتبار اي اعتراض على اي من البنود اعلاه من قبل مواطنين او قوى او تيارات سياسية بمثابة انقلاب على خيارات «الاهالي» ونيل من هيبة الدولة واضعاف للشعور القومي ونشر انباء من شأنها ان توهن نفسية الأمة.
alirooz@hotmail.com