طابخ السم... آكله


تقديم وزير الداخلية لاستقالته امس خطوة متأخرة وكان يفترض أن تتم قبل ذلك بكثير. وسواء اصر الوزير عليها او كانت تكتيكية فإن عملية الإصلاح لابد ان تبدأ في هذه الوزارة الحساسة التي كانت سببا في الكثير من عناصر التوتر بين السلطتين.
كانت الصورة في ظل قيادة الوزير الشيخ جابر الخالد للوزارة على الشكل التالي...
مواطن يراقبون هاتفه.
مواطن يراقبون حسابه الإلكتروني.
مواطن يراقبون مساهمته في «تويتر» وغيره من المواقع.
مواطن يراقبون تعليقه على مقال في موقع إلكتروني لجريدة.
مواطن يراقبون تحركاته منذ لحظة خروجه من منزله حتى عودته اليه.
مواطن يضرب ويسحل بعدما نصّب الشرطي نفسه قاضيا ونفّذ الحكم فيه أمام وسائل الاعلام تطبيقا لـ «الشفافية».
مواطن مخالف للقانون يصل الى المستشفى جثة هامدة وسط أنباء عن تعذيبه خلال التحقيق. ومواطن آخر يرتكب المخالفة نفسها فيعاقب من أوقفه أو تعرض له او كشف قضيته.
مواطن يصل الى المستشفى جثة هامدة فتعلن وزارة الداخلية انها ستشكل لجنة تحقيق من أطباء ومختصين للتشريح وكشف السبب لكن وزير الداخلية يستبق بيان الداخلية بتصريح يعلن فيه النتائج ويؤكد أن أسباب الوفاة طبيعية فيما تقرير وزارته يشير الى شبهة جنائية.
قيادي أمني يرتكب مخالفات جسيمة تعترف بها وزارة الداخلية ثم تنام على اعترافها نومة أهل الكهف فلا نعرف نوع المحاسبة او نوع «المكافأة».
وقيادي أمني آخر يُعطي علنا وعبر الاعلام تفسيرات سياسية تاريخية لاستخدام الهرّاوة فيتحدث معبدا الطريق لرفاقه كي ينفّذوا القانون استنادا الى تفسيراتهم السياسية لهذا التجمع أو تلك الندوة أو ذاك المهرجان.
وقياديون أمنيون ينشئون مواقع الكترونية لايهام اقطاب سياسيين بأن الشارع معهم وان مؤشرات ما يُنشر في مواقعهم تدل على نجاح «السياسة الامنية» بل وتدعوهم الى المزيد من القمع والتعسف.
وقياديون امنيون يتركون الامن الحقيقي ويتفرغون للعب السياسي وتصفية الحسابات وترجمة الاحقاد، فيجتمعون مع نواب وناشطين لتحريضهم على هذه الطبقة او الفئة او لتشجيعهم على التصعيد ضد هذا الوزير الشيخ او ذاك الوزير النظيف او....
وقياديون امنيون يلعبون ويتلاعبون بملفات البدون ويتحالفون مع تجار الاقامات.
طبعا، الغالبية تحترم قسمها وبذلتها وشرفها العسكري، لكن ما عرضناه هو غيض من فيض، ما لمسناه في الكويت في الايام الاخيرة وهو ليس فسادا عاديا يتطلب اجراءات حاسمة حازمة ضد مخالفين في وزارة الداخلية، بل هو إفساد للحياة السياسية الكويتية القائمة على مبادئ الدستور والحريات العامة والديموقراطية إنما بسيف آخر هذه المرة...
لم يع وزير الداخلية «المستقيل» ان لا حياة للكويت من دون الحريات المضبوطة على ايقاع القانون والدستور، لم يعرف ان طابخي السم الساعين الى وضع مؤسسة معينة في مواجهة الحريات والغالبية العظمى من الشعب الكويتي سيفشلون لأن الحريات ستبقى، وابناؤنا في مختلف القطاعات الامنية سيبقون مرفوعي الهامات... أما هم فسيأكلون السم الذي طبخوه.
وإذا كانت العقوبة ضرورية بحق كل مواطن يتجاوز القانون فإن العقوبة أيضا ضرورية بحق كل من تجاوز اختصاصاته الامنية وتعسف في تطبيق القانون واستخدم صلاحياته للقيام بتجاوزات مختلفة داخل الوزارة وخارجها. وظيفة رجال الأمن حفظ الأمن وكرامة المواطنين لا ملاحقة المواطنين ومراقبتهم وانتهاك كراماتهم.
من أجل الأمن ومن أجل المزيد من الحريات لا بد من اطلاق ورشة اصلاحية ضخمة في وزارة الداخلية، تحفظ هيبة رجال الأمن والقانون وتؤدي الى محاسبة من أساء الكرامات ومن استخدم الوحوش الطائفية والقبلية والمذهبية لإخافة الناس ثم أراد أن يصادر حرياتهم من خلال ذاك الاستخدام... وقد تكون استقالة الوزير مناسبة اليوم لاطلاق عملية الإصلاح.
بناء جسر بين بر وجزيرة لن يكون أبدا جزءا من تنمية طالما اننا بسياساتنا الضيقة نهدم جسور التواصل الحضارية الراقية بين الناس والناس وبين الناس والسلطة وبين الأمن والحريات وبين الحريات والاستقرار.
اللهم احفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.
جاسم بودي
كانت الصورة في ظل قيادة الوزير الشيخ جابر الخالد للوزارة على الشكل التالي...
مواطن يراقبون هاتفه.
مواطن يراقبون حسابه الإلكتروني.
مواطن يراقبون مساهمته في «تويتر» وغيره من المواقع.
مواطن يراقبون تعليقه على مقال في موقع إلكتروني لجريدة.
مواطن يراقبون تحركاته منذ لحظة خروجه من منزله حتى عودته اليه.
مواطن يضرب ويسحل بعدما نصّب الشرطي نفسه قاضيا ونفّذ الحكم فيه أمام وسائل الاعلام تطبيقا لـ «الشفافية».
مواطن مخالف للقانون يصل الى المستشفى جثة هامدة وسط أنباء عن تعذيبه خلال التحقيق. ومواطن آخر يرتكب المخالفة نفسها فيعاقب من أوقفه أو تعرض له او كشف قضيته.
مواطن يصل الى المستشفى جثة هامدة فتعلن وزارة الداخلية انها ستشكل لجنة تحقيق من أطباء ومختصين للتشريح وكشف السبب لكن وزير الداخلية يستبق بيان الداخلية بتصريح يعلن فيه النتائج ويؤكد أن أسباب الوفاة طبيعية فيما تقرير وزارته يشير الى شبهة جنائية.
قيادي أمني يرتكب مخالفات جسيمة تعترف بها وزارة الداخلية ثم تنام على اعترافها نومة أهل الكهف فلا نعرف نوع المحاسبة او نوع «المكافأة».
وقيادي أمني آخر يُعطي علنا وعبر الاعلام تفسيرات سياسية تاريخية لاستخدام الهرّاوة فيتحدث معبدا الطريق لرفاقه كي ينفّذوا القانون استنادا الى تفسيراتهم السياسية لهذا التجمع أو تلك الندوة أو ذاك المهرجان.
وقياديون أمنيون ينشئون مواقع الكترونية لايهام اقطاب سياسيين بأن الشارع معهم وان مؤشرات ما يُنشر في مواقعهم تدل على نجاح «السياسة الامنية» بل وتدعوهم الى المزيد من القمع والتعسف.
وقياديون امنيون يتركون الامن الحقيقي ويتفرغون للعب السياسي وتصفية الحسابات وترجمة الاحقاد، فيجتمعون مع نواب وناشطين لتحريضهم على هذه الطبقة او الفئة او لتشجيعهم على التصعيد ضد هذا الوزير الشيخ او ذاك الوزير النظيف او....
وقياديون امنيون يلعبون ويتلاعبون بملفات البدون ويتحالفون مع تجار الاقامات.
طبعا، الغالبية تحترم قسمها وبذلتها وشرفها العسكري، لكن ما عرضناه هو غيض من فيض، ما لمسناه في الكويت في الايام الاخيرة وهو ليس فسادا عاديا يتطلب اجراءات حاسمة حازمة ضد مخالفين في وزارة الداخلية، بل هو إفساد للحياة السياسية الكويتية القائمة على مبادئ الدستور والحريات العامة والديموقراطية إنما بسيف آخر هذه المرة...
لم يع وزير الداخلية «المستقيل» ان لا حياة للكويت من دون الحريات المضبوطة على ايقاع القانون والدستور، لم يعرف ان طابخي السم الساعين الى وضع مؤسسة معينة في مواجهة الحريات والغالبية العظمى من الشعب الكويتي سيفشلون لأن الحريات ستبقى، وابناؤنا في مختلف القطاعات الامنية سيبقون مرفوعي الهامات... أما هم فسيأكلون السم الذي طبخوه.
وإذا كانت العقوبة ضرورية بحق كل مواطن يتجاوز القانون فإن العقوبة أيضا ضرورية بحق كل من تجاوز اختصاصاته الامنية وتعسف في تطبيق القانون واستخدم صلاحياته للقيام بتجاوزات مختلفة داخل الوزارة وخارجها. وظيفة رجال الأمن حفظ الأمن وكرامة المواطنين لا ملاحقة المواطنين ومراقبتهم وانتهاك كراماتهم.
من أجل الأمن ومن أجل المزيد من الحريات لا بد من اطلاق ورشة اصلاحية ضخمة في وزارة الداخلية، تحفظ هيبة رجال الأمن والقانون وتؤدي الى محاسبة من أساء الكرامات ومن استخدم الوحوش الطائفية والقبلية والمذهبية لإخافة الناس ثم أراد أن يصادر حرياتهم من خلال ذاك الاستخدام... وقد تكون استقالة الوزير مناسبة اليوم لاطلاق عملية الإصلاح.
بناء جسر بين بر وجزيرة لن يكون أبدا جزءا من تنمية طالما اننا بسياساتنا الضيقة نهدم جسور التواصل الحضارية الراقية بين الناس والناس وبين الناس والسلطة وبين الأمن والحريات وبين الحريات والاستقرار.
اللهم احفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.
جاسم بودي