| علي الرز |
قل انه انقلاب على من؟ سلطة تحكم بدعم اقليمي غير مسبوق تريد الانقلاب على نفسها تجاه سلطة استمدت غالبيتها من شرعية صناديق الاقتراع؟
سلطة تتحكم بقراري الحرب والسلم على المستوى الوطني العام. سلطة تشل عمل المؤسسات فتفرض جداول الاعمال وتلغيها. تعقد الاجتماعات الوزارية وتقاطعها. تعقد جلسات الحوار وتقاطعها. تفرض صيغتها على الشكل الحكومي كي تخرج كما تريد وتدخل كما تريد. توقف التعيينات وتقرها. تفبرك شهود الزور وتحتضنهم وتؤمن لهم المسكن والملجأ والمأكل والمشرب والمؤتمرات الصحافية بحراسة مخابراتية ثم تخزنهم في بنادقها كي تطلقهم على اولياء الدم.
ويسألونك عن الانقلاب. قل انه انقلاب ممن على من؟ اينقلب الانسان على نفسه بعدما انقلب السحر على الساحر؟ الانقلاب الحقيقي المنطقي يكون عندما يتمكن سعد الحريري رئيس اكبر غالبية نيابية عرفتها البلاد من الحكم والادارة وفق الدستور وبالتعاون والتنسيق مع مختلف السلطات. اما بالنسبة الى الواهمين الحالمين المراهنين على الارادة الشعبية والديموقراطية وصناديق الاقتراع فلا عزاء لهم سوى احصاء الخسائر المستمرة منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه الابرار كي يقتنعوا ان النظام الامني السوري اللبناني ترك مكانه للنظام الامني... اللبناني السوري الايراني.
لم يكن مسموحا لرجل بحجم وطن مثل رفيق الحريري ان يلعب ادوارا كبيرة كالتي لعبها، ولم يعد مسموحا لدماء هذا الرجل ان تلعب ادوارا كبيرة كالتي لعبتها. حصلت مقاومة مدنية سلمية مشرقة بعد استشهاده كتبت تاريخا جديدا لكنها لم توقف مسار الانقلاب. مشى مزهوا بأدواته. مسنودا بمحوره. مدعوما بمنظومته. نظر الى شارع مدني عفوي رسم حلم الدولة المقبلة وقرر العمل المنظم سياسيا وعسكريا لانهاء النبض الذي اشتعل من قلب بيروت.
«وثيقة التفاهم» قضمت جزءا من ساحة الحرية، ثم كانت العبارة الشهيرة على الهواء مباشرة «عبد مأمور لعبد مأمور» اشارة الانطلاق لتعطيل الحياة السياسية والدستورية في البلد وشل الحكومة، ثم كانت العبارة الاشهر «الغالبية منتج اسرائيلي يجب ان تسقط وستسقط» اشارة الانطلاق لاحتلال قلب بيروت، ثم تقرر تغيير الصيغة واجراء جراحة لوجه النظام تسمح لاحقا بـ «الشد» و«الشفط» والسيطرة على الاوزان الزائدة و«الثقيلة» وكان لا بد من مبرر لادخال بيروت غرفة «العمليات» فأتى المبرر سريعا وطارت بيروت الى الدوحة بعد 7 أيار... المجيد.
انتخب الرئيس التوافقي وفرضت على النظام سلة تعيينات في مختلف القطاعات. جرت الانتخابات وفازت الغالبية لكن «السلطة الفعلية» كانت في مكان آخر وبدأت تنفيذ اجندتها المتطورة. فتحت صفحات جديدة بين بيروت ودمشق. «وثائق تفاهم» علنية وسرية ابرمت بين سورية واقطاب تركت الغالبية واخرى في الغالبية. اقترب استحقاق القرار الظني فاقتربت الرعاية السورية - السعودية. صدرت مذكرات توقيف ضد الضحايا. صارت الغالبية اقلية في السلطة والقرار والحركة. اجتاح مسلحو «السلطة الفعلية» مناطق في بيروت وأشاعوا فيها الرعب والقتل والخوف في «بروفة» لتخويف «معارضيها» بما قد يحصل. وضع «الحاكمون» اولياء الدم بين خيارين: اما العدالة واما الاستقرار. ثم ضاقوا ذرعا بالردود الحوارية الهادئة والرؤوس الباردة فقرروا: لا عدالة ولا استقرار... ولا دولة.
ويسألونك عن الانقلاب؟ قل ان استشهاد رفيق الحريري كان البيان الرقم واحد... بغض النظر عن اليد التي ضغطت زر التفجير.
alirooz@hotmail.com