دعوة مصرية لمراجعة العلاقة مع أميركا










| القاهرة - من محمد عبدالحكيم |
عقدت جمعية «الصداقة المصرية - الأميركية» أخيرا ندوة عن العلاقات بين البلدين وأكد خلالها سياسيون وديبلوماسيون واستراتيجيون من الطرفين على أهمية تلك العلاقات غير أنهم اختلفوا على شكلها ومداها.
أمين التثقيف بالحزب «الوطني الحاكم» الدكتور محمد كمال لفت الانتباه الى أنه يتم حاليا داخل الولايات المتحدة مراجعة للعلاقات المصرية - الأميريكية، وأن تلك المراجعة والتي بدأت أولا في مراكز الأبحاث قد انتقلت حاليا الى مراكز صنع القرار في واشنطن، ودعا كمال بناء على ذلك الى ضرورة أن يبدأ المصريون أيضا فى مراجعة أسس هذه العلاقة فى ظل الأوضاع الحالية سواء الداخلية أو الاقليمية والدولية.
أكد كمال على أن المراجعة التى يدعو اليها يجب أن تستند الى مفهوم المصلحة مشيرا الى أن الولايات المتحدة واضحة جدا في تحديد مصالحها مع مصر، وهي تشير الى ذلك من دون خجل من خلال الاستفادة من دور مصر القيادي في الوطن العربي خصوصا وأنها صوت الاعتدال في المنطقة، كما أن واشنطن ترى أيضا من مصلحتها استمرار معاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية.
واستطرد: «وفي المقابل ماهي مصالحنا مع واشنطن؟ للأسف الشديد ليس لدي ّمعلومات بأن هناك وثيقة مصرية رسمية أو غيرها تحدد أولويات مصالحنا مع الولايات المتحدة وماذا نريد منها».
وقال: «ان من مصالحنا مع واشنطن اقامة علاقات طيبة معها وليس من الذكاء الدخول في صراع معها» وقال «هذا لا يمنع من وجود اختلافات في وجهات النظر بين البلدين».
وأضاف كمال أن العلاقات بين القاهرة وواشنطن تقوم على ثلاث ركائز أساسية ديبلوماسية واقتصادية وعسكرية، مشيرا الى وجود اتفاق بين البلدين على ضرورة حل الصراع العربي - الاسرائيلي بشكل سلمي.
وتابع: «انه حان الوقت للتعامل بشكل نهائي مع الصراع العربي - الاسرائيلي والتعامل مع قضايا الوضع النهائي ورغم الاتفاق بين البلدين في العديد من القضايا لكن كانت هناك اختلافات كثيرة خصوصا في موضوع العراق أو فرض عقوبات على السودان وكذلك التهديد باستخدام القوة ضد ايران».
وأكد كمال أن موضوع الديموقراطية من الموضوعات التي تثار من وقت لآخر في العلاقات المصرية - الأميركية فهي ليست موضوعا جديدا فالادارات الأميركية المختلفة كانت تثيره وليست ادارة بوش وحدها وان كان الحديث قد زاد عن الديموقراطية في فترة تولي الادارة الحالية.
ولفت كمال الى أن الولايات المتحدة قدمت تفسيرا لأحداث سبتمبر وربطته بالأحداث في المنطقة معتقدة بأن هذه الأحداث تخلق تربة خصبة لظهور الارهاب، وهو الأمر الذي أدى الى أن واشنطن بدأت تعتقد أن من حقها التدخل في الشأن الداخلي العربي لحماية نفسها من خطر الارهاب.
وأردف: «كانت رؤيتنا أن مسألة الديموقراطية مسألة داخلية وبالتالي نرفض أي مشروطيات في شأنها».
واعتبر كمال أن الادارة الأميركية في الوقت الراهن أصبحت أكثر عقلانية في موضوع الديموقراطية، غير أنه استدرك قائلا: «رغم هذا فان الحديث عن الديموقراطية سيستمر في العلاقات المصرية - الأميركية.
وأكد «أن مجيء ادارة جديدة لن يوقف الحديث حول هذا الأمر فهذا الموضوع سيستمر ومن المهم أن نتدبر في كيفية التعامل معه».
ودعا كمال لأن يكون هناك حوار مجتمعي تشارك فيه جميع القوى المعنية في مصر على العلاقات مع واشنطن، وتحديد ماذا نريد منها في الفترة المقبلة موضحا أن تفكيرنا يجب أن ينصب في كيفية تعظيم منافعنا وتقليل الخسائر التي يمكن أن تعرض لها في هذه العلاقات.
وقال: «ان عمليات الاصلاح التي تتم في الداخل واصرار مصر على لعب دور قيادي في المنطقة سوف ينعكس بالايجاب على العلاقة مع واشنطن».
بدوره، أكد أمين عام حزب الجبهة الديموقراطية المعارض الدكتور أسامة الغزالي حرب أن هناك مصلحة قوية مصرية لأن تكون هناك علاقات طيبة بين القاهرة وواشنطن، موضحا أن المؤشر الأساسي في هذا الأمر هو المصلحة القومية المصرية.
وقال: ان المصالح بين البلدين كثيرة ومتشعبة، وأن غالبية الشعب المصري لديها قناعة بأن واشنطن تعادي المصالح العربية خاصة في مسألة الصراع «العربي - الاسرائيلي».
وأضاف الغزالي: «أن أحد ملامح فشل السياسة الخارجية المصرية أنها لم تستطع اقناع واشنطن بأهمية ومحورية الصراع وأهمية الاسهام الأميركي في حله ولاتزال مشكلة الصراع العربي - الاسرائيلي تعوق العلاقات المصرية - الأميركية.
أما المفكر المصري الدكتور جلال أمين فجدد رفضه للمحاولات الأميركية الداعية الى تغيير المناهج الدراسية في مصر وقال: « نحن بلد طه حسين والذي يضع المناهج هم المصريون وليس الأميركان»، مرجعا تعثر مفاوضات اقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والولايات المتحدة الى الأخيرة التي رأت أن اقامة مثل هذه المنطقة سيلغي اتفاقية الكويز التي تربطنا باسرائيل.
وتمنى أمين: « أن تبقى أميركا طيبة ونعمل معاها علاقات طيبة، ولكن هناك أمورا كثيرة تعطلها أميركا، مثل علاقاتنا بايران، وكذلك العلاقات «العربية - العربية»، أميركا معطلاها، لقد ظللنا نحلم بدولة عربية موحدة طوال السنوات الماضية، والآن لا يستطيع أي رئيس عربي يتحدث مع رئيس دولة عربية أخرى الا باذن من واشنطن».
وتساءل أمين: هل أميركا فعلا عايز ديموقراطية؟ ورد ساخرا: «ديموقراطية ايه اللي يتكلموا عنها كتر خيركم»!!
من جانبه، أكد المستشار الثقافي للسفارة الأميركية بالقاهرة هينجز ماهوني، أن بلاده لا تفرض نموذجا ديموقراطيا بعينه على أي دولة، وذلك لأن كل شعب يختار الطريق المناسب للديمقراطية حســـب ظروفه الخاصة.
وقال: « من الطبيعي أن نعلق على التطورات التي تحدث في أي بلد مثل مصر فنحن نعيش في هذه الأيام وكل شيء مكشوف، فقد يحدث في بعض الأحيان ان تعلق بعض وسائل الاعلام المصرية والأكاديميين المصريين على ما يحدث في الولايات المتحدة ولكننا لا نعتبر هذا تدخلا في شؤوننا الداخلية».
وأشار ماهوني الى أن واشنطن تعتبر حرية الصحافة ركنا أساسيا من أركان الديموقراطية، وأنه من الضروري تشجيع حرية الصحافة لافتا الى أن البيت الأبيض علق أخيرا على الأحكام التي طالت رؤساء تحرير بعض الصحف المصرية بالسجن معربا عن شعوره بالقلق من هذه الأحكام وهو تعليق واضح.
وأوضح ماهوني أن تطورات ايجابية كثيرة حدثت في مجال العلاقات المصرية - الأميركية»، وأن هنــــــــــــــــاك العـــــــــــــديد من الأهداف المشتركة بين البلدين، مقراً بوجود بعض الاختلافات في وجهات النظر بين البلدين، لكنه اعتبرها «اختلافات بين الأصدقاء».