أسامة عيسى ماجد الشاهين / خيارنا كشعب

تصغير
تكبير
إن العمل الشعبي الكويتي لن يستطيع التقدم، ما لم يتحرر من مرحلته (الفردية) النزعة والمعتمدة على أشخاص قادته وأوزانهم الاعتبارية تجاه المجتمع والحكم، مع إيماننا لما كان لأولئك الأفراد من مواقف وطنية مميزة، ولعل أعضاء المجلس التأسيسي ورموز «مؤتمر جدة الشعبي» من المظاهر المختلفة لتلك الحقبة.

ولكنها مرحلة تتآكل بفعل الأعوام ورحيل الكثيرين إلى الدار الآخرة أو تقاعدهم عن العمل العام، ولعل النائب أحمد السعدون يمثل أحد آخر مظاهر تلك المرحلة المتبقية تحت قبة البرلمان، ولا تكاد تجد لبقية نواب مجلس الأمة كاريزما جماهيرية وثقلا اجتماعيا وسياسيا يوازي تلك الشخصيات السابقة.

ومحاولة إضفاء القداسة أو تمرير الهالة ما بين الأجيال لن تؤتي بثمارها أبداً، ولن نشهد أي استقرار، ومن باب أولى تقدم، للعمل الشعبي، ما لم نتخل عن اتباع الرموز الفردية، ونستبدلها بتقديم الأفكار الأساسية واتخاذ المشاريع الجماعية كعنوان لهذه المرحلة الجديدة.

بالأمس: حملت حركة «المرابطون» الشعبية نظرة متنورة وتقدمية للغاية، فأسست مشروعا وطنيا جماعيا هو «الحركة الدستورية الإسلامية» 1990 ولم تتوان عن إشهارها في 1991، وعكست بذلك آلام الغزو وآمال التحرير التي حملها الكويتيون على اختلاف مشاربهم، وكان «المنبر الديموقراطي الكويتي» و«التحالف الإسلامي الوطني» و»التجمع الإسلامي السلفي» شركاء حقيقيين في هذا التحول للعمل الجماعي.

واليوم: إن نوابنا المنتخبين... الحربش والمسلم والصواغ والطبطبائي، نجحوا في استيعاب المرحلة بل واستباقها، من خلال تكتلهم من أجل «التنمية» و«الإصلاح» برلمانياً، وكونوّا الكتلة الأنشط رقابياً وتشريعياً وفق المعايير العالمية لتقييم الأداء البرلماني وإحصاءات المراقبين المحليين.

ولكن العمل الشعبي لم ينجح بالانتقال من «الفردية» إلى «الجماعية» بصورة كاملة، فلا النظام الانتخابي قد تم تعديله بما يتوافق مع ذلك، وبعض «التيارات» قد تم اختطافها صراحة من خلال «عموميات» استثنائية، ومنذ زمن لم تنظم أي مشاريع مشتركة حقيقية بين القوى السياسية، وقيادات (بعض) التيارات تفتقد للإيمان بالعمل المشترك أو حتى التعاون المرحلي الموقت في ما بينها! مما أفقدها كثيراً من ثقة المواطنين بها.

إن علينا كمواطنين أن نؤمن بأن العمل الشعبي هو الحل الوحيد والصالح أمامنا، أما التعويل على (قطب) والانضواء تحت جناحه، أو الرجاء الفارغ بصلاح الأمور بلمسة من عصاة سحرية بين غمضة عين وانتباهتها، فهو من إضاعة الوقت الثمين في عالم لا يعرف الانتظار.

وواجبنا كشعب أن نتكتل حول أفكار رئيسية، حقيقية وليست عاطفية، تجمعنا، ونسطر مشاريع عملية لازمة لتطبيق الأفكار التي تهمنا، وندعم ذلك بما نستطيع من مواردنا مهما تواضعت، والتي بتجمعها تتحول إلى تيار شعبي جارف لا يمكن الوقوف أمامه، كما رأينا ذلك بوضوح في (رفض تنقيح الدستور) أو عبر (تجمعات دواوين الإثنين) أو في (حملة الدوائر الخمس)، رغم كل محاولات تشويه أو اختطاف تلك الوقفات الشعبية الجادة والحاسمة.





أسامة عيسى ماجد الشاهين

osama@nashiri.net
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي