هل كنا بحاجة إليه؟

تصغير
تكبير
هل نحن بحاجة إلى الدستور؟

هل كان ليوم 11/11 ضرورة وطنية؟

هل ساعدنا الدستور على التقدم أم أن بيئتنا السياسية والاجتماعية تخلفت بهذا «الدليل»؟

أسئلة حقيقية ومشروعة وجدية تتوزع إجاباتها بين السلب والإيجاب في فترات متباعدة من الزمن، فهناك من يؤيد وهناك من يعارض ولكل طرف من الحجج الشيء الكثير.

أمس كان 11/11. مرّ تحت وطأة الحديث عن الدستور. من تمسك به كنص جامد ووجه بهجوم عنيف واتهامات بتجميد الحياة السياسية لأهداف خاصة، ومن طالب بتعديله ووجه بهجوم أعنف واتهامات بتقييد الحريات والديموقراطية وأيضا لأهداف خاصة. إنما قبل الاجابة عن الاسئلة أعلاه لابد من النظر إلى واقع الأمور في الكويت بعين أخرى تتسع لرؤية المكان... والزمان.

قبل كل شيء لنعترف أن حالة الدستور في الكويت مثلها مثل حالة القانون. هناك من يدعو بحماسة مفرطة الى تغيير قوانين وتعديلها لكن الرؤية والروية والحكمة تنقصه في البحث عن إجابة لسؤال:«هل تم تطبيق هذه القوانين بالشكل الذي يجب أن تطبق فيه قبل أن نفكر بالتعديل والتغيير؟».

هنا، نحن أمام معادلة صعبة: سوء إدارة أم سوء نية! لأن الإدارة السيئة تحجب الفهم المطلوب لتطبيق القانون أما سوء النية فيقضي بترك الأمور تتفاقم بلا علاج من أجل أن يقال آخر الدواء الكي... والكي يحرق القانون.

نعود إلى الدستور نفسه ونخضعه لمعادلة سوء الادارة ام سوء النية. بمعنى آخر: هل طبقناه كما يجب قبل أن نفكر بتعديله؟ أم أن هناك من ترك الامور تتفاقم بلا علاج كي يكون آخر العلاج... التعديل؟

النظرة السريعة ترينا أن الدستور طبق... إنما في كل الوجهات الخطأ. فالخلل السياسي الذي تعيشه الكويت منذ عقود وانعكس على كل القطاعات بما فيها التنموية تحديدا أدى الى ان يكون للحكومة دستورها الخاص بها وتفسيرها الخاص له. وأدى الى أن يكون لمجلس الأمة دستوره الخاص به وتفسيره الخاص له. وأدى إلى أن يكون لبعض أبناء الأسرة دستورهم الخاص بهم وتفسيرهم الخاص له. وأدى إلى أن يكون للتيارات السياسية أو «الأحزاب المقنعة» دستورها الخاص بها وتفسيرها الخاص له... وقس على ذلك نزولا إلى ساحات الاقتصاد والإعلام والطوائف والقبائل والمناطق وغيرها وغيرها.

طبعا، هذا الكلام لن يعجب كثيرين، وسيستغربه كثيرون، وسيقولون إن لا دستور سوى دستور الكويت، ولكنهم يعرفون في قرارة أنفسهم انه الكلام الحقيقي المباشر لان كل طرف يحارب الآخر حاملا الدستور على رؤوس السيوف فكيف،اذاً، يكون الجميع تحت لوائه؟

من حق الإنسان أن يختار دينه، اسلوب حياته، خياراته العلمية والعملية، طريقه السياسي، لكن هذه الحقوق تختلف عن مسألة الدستور لانه ليس خيارا يتغير بتغير الأمزجة والمصالح والصفقات. انه النظام الضابط للأمة وحركة المجتمع وهو الذي سمح لكل الحقوق الأخرى أن تعبر عن نفسها تحت مظلته.

صحيح ان الدستور نفسه أقر بضرورة تعديله لمزيد من الحريات والحقوق والمشاركة الشعبية لكن ذلك في رأيي يتطلب ثلاثة أمور متلازمة : أن يطبق الدستور أولا كما يجب وبالروحية التي أرادها المشرعون، وأن تعطى الحياة السياسية فترة استقرار صحية ينتج عنها توافق فإرادة شبه جامعة للتعديل، وأن يكون التعديل جزءا من عملية شاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

هل نحن بحاجة الى الدستور؟ نحن بحاجة الى تطبيقه.

هل كان ليوم 11/11 ضرورة وطنية؟ 11/11 هو الضرورة الوطنية.

هل ساعدنا الدستور على التقدم أم أن بيئتنا السياسية والاجتماعية تخلفت بهذا «الدليل»؟ «الدليل» وضع لمساعدتنا على التقدم لكن ممارساتنا قدمت «الدليل» على تخلفنا.



جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي