يعتبر الحوار أحد الأساليب المستخدمة لتبادل وجهات النظر أو تصحيح المفاهيم، أو الرد على الشبهات، وقد دعا القرآن لاستخدامه سواء بين المسلمين أنفسهم أو حتى مع المخالفين، ومنها قوله تعالى «قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين». وهو أسلوب مؤثر يستخدمه الناس على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، إلا أن المتابع والمراقب للساحة السياسية والإعلامية بل والطلابية يرى وللأسف انحداراً في استخدام هذا الأسلوب عند البعض، تمثل باستخدام ألفاظ وعبارات تخرج عن نطاق الأدب العام، وفيها من النزول إلى الألفاظ الشوارعية ما لا يخفى على أحد، وكم حملت هذه العبارات من إساءات وتجريح، كقول بعضهم لمخالفيه (لا يضر السحاب نبح الكلاب) أو (ما على الذيب من... النعجة).
إن أعضاء مجلس الأمة والذين يعتبرون الممثلين للشعب، هم أولى الناس باستخدام الأسلوب الراقي في الحوار، إلا أن البعض منهم تعود على استخدام ألفاظ هي أقرب إلى (حي الطرب) منها إلى قاعة عبدالله السالم، وكم تكررت المطالبة بشطب بعض العبارات من مضابط الجلسة، بينما نجد بعض وسائل الإعلام تتنافس على نشرها.
والأبلى من ذلك أن ينتقل الحوار من لغة الكلام إلى لغة الأيادي والأفعال، كما حصل من بعض النواب حين قذف مطارة الماء لإسكات خصمه، والآخر الذي تناول طفايات السجائر ورماها على من يخالفه، أو ذاك الذي قذف أحد المسؤولين بتحفة كانت على مكتبه، والبعض يتساءل إذا كان هذا حال بعض ممثلي الأمة فهل على الآخرين من ملامة؟
وقد شاهدت لقطات مضحكة لبعض البرلمانات العربية والغربية وكيف تبادل فيها بعض النواب اللكمات والصفعات، وبعضها استخدم فيه البيض، ومن أطرفها هوشة وان طرفيها كانا من النساء وكيف استطاعت إحداهن من نزع باروكة زميلاتها، وصفعها على وجهها وتطيير نظارتها، فهل يا ترى ستنتقل العدوى إلى الرباعي الذي عندنا؟ إني لأدعو الله تعالى أن يلهم نوابنا رشدهم، فيكبرون عقولهم حتى لا نرى هذه المواقف في برلماننا فنضحك ساعتها العالم على تخلفنا.
وإننا عند الحديث عن تدني أسلوب الحوار فلا يمكننا بأي حال أن نغض الطرف عما يجري داخل الحرم الجامعي من مشاجرات وصدامات وخاصة أثناء الانتخابات الطلابية، وكم هو مؤسف أن يتعدى الأمر إلى استخدام السلاح الأبيض وإراقة الدماء بين المتنافسين، مما يجعلنا نطالب وبشدة من المعنيين والمسؤولين في الجامعة وخارجها بأهمية دراسة هذه الظاهرة والعمل على علاجها قبل استفحالها.
الحذاء يتكلم
اختلفت أساليب التعبير عن الرأي من بلد لآخر، ولكن من أغرب الوسائل والتي قد نتفق أو نختلف في جدواها، هو ما سنه الصحافي العراقي منتظر الزيدي عندما جعل الحذاء يعبر عن غضبه تجاه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، والذي كان الزيدي يراه المتسبب الرئيسي في تدمير بلاده، وانتقلت هذه العدوى من بلد إلى آخر حتى كان آخرها قيام استرالي بإلقاء فردتي حذائه تجاه رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق جون هاورد خلال برنامج تلفزيوني كان يتحدث عن الحرب على العراق والوثائق التي كشفها موقع ويكيليكس، واستخدم ذلك الأسلوب لبيان عدم الرضا عن قرار هاورد بالمشاركة في تلك الحرب.
رسالتي
يقول الله تعالى «... ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن». هذا مع الكفار فكيف إذا كان الحوار بين المسلمين؟
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com