تعتبر فكرة انشاء الجمعيات التعاونية من الأفكار الرائدة في الكويت، حيث يدفع المساهمون قيمة المساهمة والتي تعتبر رمزية مقارنة مع الأرباح التي يفترض جنيها آخر العام المالي.
وهناك بنود في الخدمة الاجتماعية تمكن مجلس إدارة الجمعية من تقديم خدمات للمساهمين وأهالي المنطقة، كما أنها تساهم في عرض السلع بقيمة تنافسية تكون متاحة للجميع.
إلا أن المتابع لكثير من أوضاع الجمعيات التعاونية يرى انحرافاً كبيراً عن الهدف والغاية التي أنشئت من أجلها، ومن دلائل ذلك الثراء السريع والملاحظ على بعض الأعضاء خصوصا بعد حصولهم على عضوية مجلس الإدارة، وكذلك الخلاف والنزاع والذي وصل أحياناً إلى استخدام السلاح الأبيض بين أبناء القبيلة الواحدة، في التصارع على كرسي العضوية، والأموال الكبيرة والمبذولة خلال الحملات الانتخابية، كل هذا وغيره يطرح تساؤلاً عند الناس ألا وهو هل فعلاً كل تلك الجهود تبذل من أجل الإصلاح وخدمة المساهمين، أم أنه لمآرب أخرى؟
أعتقد أن هذا الانحراف في مسيرة الجمعيات التعاونية تقع مسؤوليته على أطراف عدة، أولها أولئك الذين يعتقدون أن الوصول إلى مجلس إدارة الجمعية هو أقصر طريق لسداد الديون وبناء القصور، وزيادة الثراء.
وهؤلاء مساكين يجمعون للدنيا من الحرام، ثم يخرجون منها، ليتمتع ورثتهم بالمال، ويحملون هم الوزر، وقد رأيت كلمة جميلة كتبت على إحدى الواجهات أتمنى أن يتأملها هؤلاء حيث تقول (اجمعت كما شئت، سترجع كما جئت).
والطرف الثاني في المشكلة هم المساهمون حيث انهم الذين يختارون مثل هذه النوعيات من الأعضاء، ثم في نهاية العام المالي يتذمرون من قلة الأرباح الموزعة، هذا إذا كانت هناك أرباح وليست خسائر، وأقول هذا ما جنته أيديكم، أما الطرف الثالث المشارك في الجريمة فهم بعض أعضاء مجلس الأمة ممن يتدخلون ويقفون حجر عثرة في وجه فرض أو تطبيق العقوبات ضد السراقين والمختلسين، فبدوافع قبلية أو انتخابية يتدخل هؤلاء النواب غفر الله لهم، ليحولوا دون تصحيح مسار المنحرفين، وأقول لهؤلاء النواب الأفاضل والذين نعرف تدخلاتهم بالاسم، لن تنفعكم القبيلة ولا الأصوات الانتخابية ولا العلاقات الشخصية عند لقاء الله، ووالله إنكم لتحملون أنفسكم أوزاراً فوق أوزاركم ولن تستطيعوا حملها يوم القيامة وصدق الله تعالى إذ يقول «وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون».
إن أوضاع بعض الجمعيات التعاونية تحتاج إلى تصحيح، وبلا شك أن وزارة الشؤون معنية بالأمر في الدرجة الأولى، سواء من خلال المجالس المعينة والتي ينبغي اختيارهم من أصحاب الكفاءات والخبرة، حتى لا نكون ممن أراد أن يكحلها فعماها، ومن مجالس الإدارات المعينة والتي أثبتت نجاحها مجلس إدارة جمعية الصليبيخات والدوحة التعاونية، وبقيادة رئيس مجلس إدارتها الدكتور مطر المطيري، والذي لا أعرفه شخصياً، ولم ألتق به إلا أن سمعته الطيبة معروفة لدى أهالي المنطقة، حيث أصبح للمساهمين أرباح يفرحون بها بعد أن كان ذلك من الأحلام والأمنيات.
وكذلك أن تسعى الوزارة إلى إعادة دراسة شروط التقدم لعضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية، سواء في رفع سن الترشح حتى لا يأتي شباب حديثو السن وقليلو الخبرة ليديروا مؤسسة تحتوي ميزانيتها على الملايين، وأتمنى أن يشترط فيمن يتقدم للعضوية بأن يأتي بشهادة حسن سير وسلوك، وألا يكون قد دين بقضية تخل بالأمانة والشرف.
وهناك تصحيح للأوضاع لكنه بيد المساهمين من خلال اختيار القوي الأمين، حتى لا يكونوا ممن خانوا أمانة الاختيار، ولي عتب على بعض الأخوة من بعض العائلات والقبائل فبرغم أن لهم أعدادا لا يستهان بها في بعض المناطق إلا أنهم لا يشاركون في التصويت والاختيار ويتركون الأمر لمن نجح في الفرعيات.
أيها الأخوة والأخوات، إن الجمعيات التعاونية مؤسسات رائعة في فكرتها، وأرى من الظلم أن تترك سائبة لمن يعبثون بها وينهبون خيراتها.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com