| علي الرز |
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله. الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، فرغم بشاعة ما حصل في اشتباكات برج ابي حيدر الا انها «كشفت لنا أشياء كثيرة وسيناريوات وبروفات» على تعبير رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد الذي اضاف مصرا على ربط كل ما يحصل على الارض برباط قدسي: «لعل الله أراد من خلال ما حدث أن ينبّه الناس جميعاً الى مخاطر الاستدراج والاندفاع دون أن تكون الحسابات دقيقة ومدروسة».
يوم 24 آب بهذا المعنى هو ايضا «يوم مجيد» لانه كشف لاصحاب السلطة الحقيقية اشياء كثيرة. كانت ارادة الله ولم تكن همجية شباب مسلح بكل انواع العصبيات المنفلتة درسا ربانيا لتنبيه الناس الى مخاطر الاستدراج ولم تكن نتيجة طبيعية لتخصيب الفتنة المذهبية في مفاعلات الدولة الحقيقية الموازية للدولة الوهمية... وكانت اشارة قدسية الى ضرورة ان تكون الحسابات في المرة المقبلة دقيقة ومدروسة ولم تكن «بروفة» لسيناريو إسقاط العاصمة اذا لم يسقط القرار الظني.
لن تعدم السلطة الحقيقية الحاكمة في لبنان (حزب الله والجبهة الوطنية التقدمية الدائرة في فلكه) اي فرصة لاثبات قدرتها على ارسال اشارات تصاعدية حول المدى الذي يمكن ان تصل اليه ردا على المحكمة الدولية و«أي مؤامرة خارجية»، ويخطئ كثيرا من يظن ان هذه السلطة تأبه للشكليات و«البرستيج» وردود الفعل في حال انفلش مقاتلوها المقنعون او السافرون بين الاحياء قاتلين مروعين هادمين مخربين، ويخطئ اكثر من يرى ان تطور الامور الى الاسوأ يسمح بتنفيذ شعارات وردية مثل «بيروت منزوعة السلاح».
كشفت لهم الاشتباكات «اشياء كثيرة»؟ طبعا، فقد ارتكب نواب «المستقبل» فعل المطالبة بعاصمة منزوعة السلاح بعد سقوط اربعة قتلى وعشرات الجرحى، وغدا مع سقوط المزيد من القتلى قد يتجرأون اكثر فيطالبون بسيادة الجيش على مقادير الامن، وبعد غد قد يذهبون الى مطالبة القوى الامنية بدهم مخازن الاسلحة التابعة للميليشيات المختلفة. هذا ما انكشف عندهم في علم التبريرات لما حصل... لكن ما خفي كان اعظم.
كشفت سيناريوات وبروفات اكثر من صحيح، فالفتنة تحتاج الى اطراف عدة كي تترجم عملا ميدانيا على الارض وليس الى طرف واحد يهدد ويتوعد، ومع استمرار تلقي من يهمهم الامر رسائل من «المستقبل» واهالي بيروت بأن احدا لن يحمل «شفرة» في مواجهة الراغبين «بسبعين سبعة أيار»، وان من ينشد الحرب عليه ان يتحمل مسؤولياته محليا وعربيا ودوليا، كان لا بد من الاستعانة بصديق لاجراء بروفة تمهد لاحقا لتحويل السيناريو عملا حقيقيا ثلاثي الابعاد. تريد صديقا سنيا؟ موجود. شيعيا؟ موجود. درزيا؟ موجود. مسيحيا؟ موجود وغير موجود.فلسطينيا؟ موجود... «جود من الموجود» وليكف تيار المستقبل عن تهديدنا بأن احدا لن يرفع سلاحا في وجه المقتحمين.
هذه هي البروفة الحقيقية ولو غطتها عشرات التحليلات، فخروج الف مسلح دفعة واحدة، وفتح مخازن الاسلحة الخفيفة والثقيلة، ومنع الجيش من اداء مهمته، ورمزية الاماكن التي دارت الاشتباكات في نطاقها، وغزارة النار والقذائف الصاروخية، وحديث الاعلام الموالي للحزب الحاكم وجبهته الوطنية عن انتشار «مقاتلي المستقبل» في الشوارع. كلها تذكر بأن غالبية المشاريع الاقليمية مرت على ركام تقاتل ابناء البيت الواحد والصف الواحد... من حرب المخيمات الى حرب العلمين مرورا باقليم التفاح.
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، فالاندفاعات المقبلة ستكون حساباتها دقيقة ومدروسة... اسألوا الحاج محمد رعد.
alirooz@hotmail.com