خواطر وتوجيهات / الإيثار من أعلى قمم الإيمان
د. عبدالرؤوف الكمالي
| د. عبدالرؤوف الكمالي* |
اننا حين نتحدث عن الإيثار فإننا نتحدث عن منزلية عالية جدا، ومقام رفيع الى اقصى الدرجات، لأنه تقديم غيرك على نفسك، وبذل ما عندك لإخوانك، مع حاجتك وضيقك، فمن يقدر على فعل ذلك إلا من اصطفاه الله تعالى وهداه؟
هؤلاء الانصار - رضي الله عنهم - ضربوا لنا اروع الامثلة في الايثار، ولولا ان الله تعالى اخبرنا به، ونقله لنا الثقات الصادقون، لما كان العقل يستوعب ذلك او يصدقه، فتصور ان رجلا يملك عشرة آلاف دينار او اكثر، فيأتي الى رجل ليس من قرابته، ولا من صداقته قديمة بينه وبينه، ولا من موقف يريد ان يرد جميله له، وانما لأن الله تبارك وتعالى يحب هذا العمل، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينهما حين قدم المهاجرون رضي الله عنهم الى المدينة، فيقسم ماله بينه وبين اخيه، لا دينار وقرضا، وانما هبة ومنحة، واعانة ومـــــساعدة لحاله.
ولعل هذا يقبل ويكون اسهل من الامر الآخر الذي فعله الانصاري رضي الله عنه ايضا، حين كان له زوجتان، فيعرض على أخيه المهاجري ليختار من شاء فيطلقها ويتزوجها! من يقدر - حقا - على ان يفعل ذلك؟ انهم المؤمنون الصادقون.
وان تعجب فاقرأ هذه القصة التي رواها البخاري في «صحيحه»، عن ابي هريرة رضي الله عنه: «ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث الى نسائه (اي ليضيفه) فقلن: ما معنى إلا الماء (هكذا حال امام الزاهدين وسيد المرسلين، صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يضم او يضيف هذا؟ فقال رجل من الانصار (في رواية مسلم: يقال له: ابو طلحة): انا (يا رسول الله)، فانطلق به الى امرأته فقال: اكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا الا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك، واصبحي سراجك (اي اوقديه) ونومي صبيانك اذا ارادوا عشاء، وفي رواية للبخاري: «ونطوي بطوننا الليلة» فهيأت طعامها، واصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه انهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما اصبح غدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ضحك الله الليلة - او عجب - من فعالكما، فأنزل الله (ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)».
لقد اثنى الله عز وجل في كتابه الكريم على المهاجرين والانصار، لإيمانهم الراسخ، وصدقهم العظيم، فقال سبحانه في سورة «الحشر»: (للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون، والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم) وهم الانصار (يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا) اي: (ما اوتي الانصار، فلا يحسدونهم على مشاركتهم لهم في الارض والمال (ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون، والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم).
اللهم اهدنا لأحسن الاخلاق لا يهدي لأحسنها إلا انت، وقنا سيئ الاخلاق لا يقي سيئها إلا انت، وارض اللهم عن صحابتك اجمعين، وعنا معهم برحمتك يا ارحم الراحمين، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
استاذ الفقه بكلية التربية الاساسية
اننا حين نتحدث عن الإيثار فإننا نتحدث عن منزلية عالية جدا، ومقام رفيع الى اقصى الدرجات، لأنه تقديم غيرك على نفسك، وبذل ما عندك لإخوانك، مع حاجتك وضيقك، فمن يقدر على فعل ذلك إلا من اصطفاه الله تعالى وهداه؟
هؤلاء الانصار - رضي الله عنهم - ضربوا لنا اروع الامثلة في الايثار، ولولا ان الله تعالى اخبرنا به، ونقله لنا الثقات الصادقون، لما كان العقل يستوعب ذلك او يصدقه، فتصور ان رجلا يملك عشرة آلاف دينار او اكثر، فيأتي الى رجل ليس من قرابته، ولا من صداقته قديمة بينه وبينه، ولا من موقف يريد ان يرد جميله له، وانما لأن الله تبارك وتعالى يحب هذا العمل، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينهما حين قدم المهاجرون رضي الله عنهم الى المدينة، فيقسم ماله بينه وبين اخيه، لا دينار وقرضا، وانما هبة ومنحة، واعانة ومـــــساعدة لحاله.
ولعل هذا يقبل ويكون اسهل من الامر الآخر الذي فعله الانصاري رضي الله عنه ايضا، حين كان له زوجتان، فيعرض على أخيه المهاجري ليختار من شاء فيطلقها ويتزوجها! من يقدر - حقا - على ان يفعل ذلك؟ انهم المؤمنون الصادقون.
وان تعجب فاقرأ هذه القصة التي رواها البخاري في «صحيحه»، عن ابي هريرة رضي الله عنه: «ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث الى نسائه (اي ليضيفه) فقلن: ما معنى إلا الماء (هكذا حال امام الزاهدين وسيد المرسلين، صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يضم او يضيف هذا؟ فقال رجل من الانصار (في رواية مسلم: يقال له: ابو طلحة): انا (يا رسول الله)، فانطلق به الى امرأته فقال: اكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا الا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك، واصبحي سراجك (اي اوقديه) ونومي صبيانك اذا ارادوا عشاء، وفي رواية للبخاري: «ونطوي بطوننا الليلة» فهيأت طعامها، واصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه انهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما اصبح غدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ضحك الله الليلة - او عجب - من فعالكما، فأنزل الله (ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)».
لقد اثنى الله عز وجل في كتابه الكريم على المهاجرين والانصار، لإيمانهم الراسخ، وصدقهم العظيم، فقال سبحانه في سورة «الحشر»: (للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون، والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم) وهم الانصار (يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا) اي: (ما اوتي الانصار، فلا يحسدونهم على مشاركتهم لهم في الارض والمال (ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون، والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم).
اللهم اهدنا لأحسن الاخلاق لا يهدي لأحسنها إلا انت، وقنا سيئ الاخلاق لا يقي سيئها إلا انت، وارض اللهم عن صحابتك اجمعين، وعنا معهم برحمتك يا ارحم الراحمين، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
استاذ الفقه بكلية التربية الاساسية