قراءة / «تاريخ الأدب العربي» لأحمد الزيات... والاهتمام بالشاعر على حساب النص

تصغير
تكبير
|لطيفة جاسم التمار|

ان كتاب الأستاذ أحمد حسن الزيات يناقش تاريخ الأدب على مر خمسة عصور ذكرها بالتفصيل، وهي العصر الجاهلي من منتصف القرن الخامس للميلاد، وينتهي بظهور الاسلام سنة 622، بعدها عصر صدر الاسلام والدولة الأموية ومن ثم العصر العباسي ومبدؤه بقيام دولتهم ومنتهاه سقوط بغداد على أيدي التتار سنة 656هـ، ثم العصر التركي وينتهي عند النهضة الحديثة سنة 1220هـ، وأخيرا العصر الحديث ويبتدئ باستيلاء محمد علي على مصر. نلاحظ من هذا التسلسل استخدام المؤلف المنهج التاريخي ووفاءه له، وعموما هذا الكتاب كانت البداية حيث أنه كتب منذ ما يقارب الخمسين سنة، وطبيعة العصر والمجتمع تفرض هذا المنهج «المنهج التاريخي».

وما يستوقفنا أيضا تقسيم الشعراء الجاهليين الى طبقات وتقسيمهم على حسب الزمن والاجادة، وجعل على رأسهم أمرؤ القيس كما اهتم بنشأتهم وحياتهم ومميزاتهم، ومن ثم تحليل موجز لمعلقاتهم ونماذج من شعرهم، ونلحظ الاهتمام بالجوانب الأخرى من حياة الشاعر، أما شعره فكان الاهتمام به اهتماما موجزا اي أنه اهتم بالشاعر بدل الاهتمام بالنص الأدبي. أما العصر الاسلامي والدولة الأموية فأيضا قسم بها الشعراء الى طبقات الشعراء المخضرمين ثم الاسلاميين ورتبها ثم ذكر نشأتهم وحياتهم ثم نموذجا من شعرهم، نرى أن الاهتمام بالشاعر قد طغى على الاهتمام بالنص، وعندما نصل الى العصر العباسي نجده قسم الشعراء الى «مولدون» ثم الشعر والشعراء في الشام ثم في الأندلس كما نجد أنه وضع تقسيم الشعراء على أساس تاريخي تسلسلي, فالكاتب مهتم بالناحية التاريخية والمنهج التاريخي فالزيات وفي حق الوفاء للمنهج التاريخي.

وما جرى منذ البداية يوضح ذلك, من استخدامه للوصف التاريخي لحياة الشاعر وعن معلومات تتعلق بحياته وعن أغراضه الشعرية، ثم يعرض لنماذج شعر كل شاعر، ونجد أن عنايته بالنص الأدبي كانت عناية قليلة من حيث تحليل النص الأدبي, وتحليل بناه الداخلية والخارجية. ومما لا شك به أن المنهج التاريخي كان بداية حتمية لابد منه من حيث التطور الأدبي للوصول الى مناهج أخرى بعد ذلك ثم وصولا الى البنيوية التحليلية للنص الأدبي... كما نجد أن المنهج التاريخي جعل النص الأدبي شاهدا تاريخيا على صحة وسلامة العصر، ولم يدرس الأدب نفسه، أما ميزة هذا المنهج هو أنه ربط بين الأدب والحياة مما جعل النص وثيقة تاريخية تؤرخ حياة الشاعر وبيئته، ونماذج من شعره. ورغم الانتقادات التي وجهت للمنهج التاريخي في عصرنا لا نستطيع الاستغناء عنه في دراسة البحث. ولكن لا ننسى أن البحث هو الذي يحدد المنهج الذي يدرسه. ومن الملاحظ أن المؤلف حاله كحال العرب القدامى كانت مناهجهم تعتمد على الشرح أو الطبقات. ومن الضروري ألا يكتفي المؤلف في دراسة الشعراء بعرض لتاريخهم وحياتهم، والاستشهاد ببعض الأبيات من شعرهم، دون النظر في هذا الشعر ومحاولة تقييمه وتحليله ومن ثم نقده وفق منهج محدد في نقد الشعر.



* ماجستير أدب عربي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي