د. سامي ناصر خليفة / العفاسي... وحق الإقامة الدائمة لقدامى الوافدين

تصغير
تكبير
طبيعي مع الطفرة النفطية التي أغدقت على الكويت عشرات المليارات من الدولارات فترتي الستينات والسبعينات من التاريخ، أن تتوافد الناس على البلاد أفواجاً ومن الملل والنحلل كافة للعمل، ومن الطبيعي أيضاً أن تتوافق مصالح الوافدين مع أهل الكويت في بناء البلاد بصورة تتناسب وكم التغير الذي طرأ على خزينتها المالية، خاصة وأن البلاد كانت تشح بالبشر، وتعاني من ضعف مهول في امكانياته الفنية والمهارية في أغلب مناحي الحياة مع تشكل البذرة الأولى في تأسيس الدولة الحديثة.

ولكن من غير الطبيعي أن تستفيد الكويت من مئات الآلاف من الوافدين المنتمين إلى أكثر من 140 جنسية دون أن تضمن لهم الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم في بلد هو الأغنى في العالم لو قارنا نسبة الدخل مع عدد المواطنين فيه الذي لا يزيد على المليون ونيف! ومن غير الطبيعي أيضاً أن يصل عدد الوافدين إلى أكثر من 66 في المئة من عدد السكان، دون أن تخصص لهم الدولة حتى وزارة واحدة ترعى شؤونهم! وهذا عين التناقض الذي نعيشه اليوم، والذي يدل على عدم اهتمام الدولة بضيوفها، بل عدم الاعتراف بهم، ويكفي الحديث مع صغارهم قبل كبارهم لتعرف حجم المعاناة التي يعانونها جراء تلك المفارقة اللا عادلة.

فالوافد الذي أمضى حياته في الكويت يعيش اليوم حالة من عدم التوازن في حقوقه المدنية، وبين ما تملي عليه الدولة من واجبات، خاصة من أتى إلى البلاد وهو في ذروة طاقته البدنية وقدرته الذهنية ليصرف جلّها في العمل هنا، وهي أجمل وأهم سني حياته، ليجد نفسه بعد ذلك في وضع لا يحسد عليه، حين تتخلى عنه الدولة. بمعنى آخر أعطى قدامى الوافدين كل ما يملكون من أجل الكويت حين احتاجتهم، ولكن عندما جاء اليوم الذي هم باتوا يحتاجون إليها، تم نسيانهم ولا كأنهم كانوا بيننا أصلاً، فلا تأمين اجتماعي ولا ضمان للحقوق المدنية ولا حق في استمرار العيش على هذه الأرض، واستقرار في الإقامة ولا أمن في المعيشة.

إنها مشكلة يعاني منها عشرات الآلاف من قدامى الوافدين العرب وغيرهم، من الذي هاجروا إلى الكويت للعمل مطلع الخمسينات وما زالوا في الكويت منذ تلك الفترة يحتضنون جيلين وثلاثة من أبنائهم دون أن يشعروا اليوم بالطمأنينة في وقت دخل العالم ألفيته الثالثة بمشروع العالم الواحد المبني على نظام العولمة الذي طوى المسافات وقرب الشعوب لبعضها البعض.

نقول لحكومتنا أن بيننا أناس بنوا الكويت بسواعدهم، وآثار النهضة العمرانية والعلمية في الكويت ارتسمت على محيّاهم، ولا يمكن الفصل بينهم وبين فترة التي انتقلت فيها الكويت من الرقعة الجغرافية البسيطة التي لا تملك مقومات الاستمرار كدولة إلى الوضع الذي نحن عليه اليوم، فلا يعقل اليوم إلا أن نجازي المحسنين لنا بالأمس إلا خيراً، ومصلحتنا اليوم في احتضانهم. لذا نقول أقل رد جميل من الكويت لهم أن نكرمهم بالإقامة الدائمة المستقرة والمريحة لما تبقى من حياتهم.

فعيب، والله عيب لمن ضحى 30 و40 عام خدمة عمل في الكويت أن يعيش تحت رحمة قانون الإقامة الظالم لهم ولأمثالهم. فهل من سبيل لمعالجة تلك الثغرة الرهيبة في القانون. ومنا إلى وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور محمد العفاسي.





د. سامي ناصر خليفة

أكاديمي كويتي

qalam_2009@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي