أعلن رئيس مجلس الأمة فض دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثالث عشر بذكر جملة من الانجازات، قال منها ان: «عدد اقتراحات ومشاريع القوانين بلغ 208، أنجز المجلس منها 46 فقط»، أي أقل من ربعها تقريباً، في وقت بلغ عدد الاستجوابات 6، وهي عملية قد يختلف من يُرجّح أهمية المراقبة والمحاسبة على التصدي للتشريع، وإن تسبب هذا الترجيح في تعطيل دور البرلمان وتأخرت مصالح الناس كما هو حاصل اليوم، ولكن ينتفي هذا التبرير تماماً ويصبح لا قيمة له حين تفوق الجلسات الفاقدة للنصاب الـ8، والجلسات المرفوعة بسبب التراشق بين النواب إلى 6، ما يدل على أن هناك حال تقاعس شديدة عند البعض من النواب جعل آخر همهم حرصهم على استمرار جلسات المجلس من البداية وحتى النهاية، وأيضاً عزوفهم عن حضور اجتماع اللجان ما تسبب في تعطيل الكثير من القضايا المصيرية التي يحتاج إليها الناس. وهناك من النواب ممن أضاع مشيته وعجز عن تمكين إرادته من تحقيق مبتغياتها تحت قبة عبدالله السالم، فأصبح جل همّه هو الظهور الإعلامي وتوزيع المانشيتات على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بمناسبة وغير مناسبة، وهوايته النزول إلى الشارع لتسييسه وتعبئته ضد الحكومة والمجلس معاً، وعند الصباح بدلاً من انشغاله في عمل المجلس، تجده ينشغل في تخليص المعاملات غير المستحقة للمقربين من أبناء القبيلة الواحدة، أو الطائفة، أو العائلة، أو غير ذلك. وفي المساء بدلاً من التحضير المسؤول عبر استشارة المختصين في القضايا التي ستتم مناقشتها على جدول أعمال المجلس، تجده ينشغل في الاعتصامات والمهرجانات الخطابية والسهر مع الناس حتى ساعات متأخرة من الصباح، غير عابئ بالوقت الذي سيصرفه في نومه قبل وصوله للمجلس متأخراً عن جلساته، وما النتيجة؟ افتقاد الجلسات للنصاب، وتعطل البرامج، وتأخير مصالح الناس التي كان ينادي بها تلك الشريحة من النواب في مهرجاناتهم الليلية. وهناك من النواب من أصبح همه الأول والأخير في استخدام وسائل البهرجة لدغدغة مشاعر الناس واللعب على عواطفهم والعزف على جراحاتهم، لا لشيء سوى للظهور كـ «مارد» مزيف، و«هرقل» خادع يقف معهم في السراء والضراء ليعطي صورة على أنه منهم وفيهم ولهم، من أجل ضمان بقائه على الكرسي البرلماني ما بعد الانتخابات المقبلة، والذي أحسب أنه لا يستحق ذلك بالتأكيد، لانها كارثة حقيقية حين يمارس هذا البعض من النواب التضليل على الناس، وقيادة المعارضة بتبرير السعي لتحقيق الإنجازات، في وقت هو من يمثل أهم معولات هدم الحلول لجل القضايا التي تطرح على جدول أعمال مجلس الأمة طيلة فترة انعقاده الماضية، وكلنا يتذكر من تغنى بالمهرجانات الشعبية متباكياً على حال المواطنين من فئة «البدون» متوعداً أن تكون قضيته الأولى في المجلس، كيف عزف عن حضور جلسات لجنة «البدون» لمرات عدة ما استدعى رئيسها إلى التنبيه عن أسمائهم صراحة في الجرائد عل وعسى أن يسبب لهم حرجاً أمام الناس فيلتزموا حضوراً، وكلنا يتذكر تلك الشريحة نفسها من النواب حين جاءوا متأخرين عن الجلسة الخاصة لطرح مشكلة «البدون»، فهرولوا بعد فقدان النصاب لمكتب رئيس المجلس ليزايدوا على وضع تاريخ لجلسة خاصة أخرى بأسمائهم في طرفة مبكية مضحكة في آن واحد. انها حقاً مهزلة وخديعة كبرى يعلم الله وحدة حجم أضرارها على العامة من الناس، وللأسف أن يكون مثل هؤلاء هم من يجني أغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأربعة الماضية. انها شقشقة هدرت، كنت أود التنبيه إليها.
د. سامي ناصر خليفة
أكاديمي كويتي
qalam_2009@yahoo.com