... حتى 26 أكتوبر!

تصغير
تكبير
يستريح المجلس حتى 26 اكتوبر المقبل لكن الحياة السياسية الكويتية لا تستريح. كان دور الانعقاد حافلا بكل شيء، بالمفيد والضار، بالغث والسمين، بالجيد والسيئ... هي الديموقراطية نرضى بحكمها حتى ولو لم يوافقنا.

ولكن، الى 26 اكتوبر، لا بد من الاستفادة من الاستراحة لنعيد تقييم ما جرى حتى نؤسس عليه مرحلة اكثر تقدما.

آخر ما يحتاج الكويتيون اليه اليوم وغدا هو الموعظة والتنظير والكلام الانشائي الذي يحض على التعاون والمحبة. الكويتيون يحتاجون الى افعال وانجازات، او على الاقل الى وضع القطار في مساره الصحيح حتى لو لم يصل الى محطته النهائية سريعا. والكويتيون يحتاجون اكثر فاكثر الى حلول جذرية مهما كان الثمن مكلفا حتى نخرج من ثقافة الاستهلاك والاعتماد والاتكال الى ثقافة الانتاج والانجاز.

في دور الانعقاد السابق انجازات لم تأخذ حقها لان الصوت العالي والمشاكل الاخرى المفتعلة غطت عليها، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر قانون المعاقين، وقانون العمل، والخصخصة، وخطة التنمية، وسوق المال، وصندوق المعسرين، ونصف «حقوق المرأة». وفي دور الانعقاد السابق سقطات وثغرات غالبيتها بسبب الوعود الانتخابية او لضرورات «الدغدغة الشعبية» وهذه السقطات والثغرات تبدأ بإسقاط القروض وتنتهي باللغة الطائفية مرورا بانتقاد حصن الكويت... القضاء.

لم تكن اللغة الطائفية والعنصرية والقبلية والمناطقية طاغية في اي دور انعقاد مثلما كانت طاغية في دور الانعقاد السابق. تحول المجلس في احيان كثيرة الى «موقعة الجمل» او استشهاد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه او «موقعة صفين». أليس من المعيب والمخجل ونحن على ابواب عام 2011 ان يتبارى النواب في تصنيف الصحابة الكرام فيقول احدهم ان هذا جيد والآخر سيئ والثالث ضعيف والرابع قوي؟ هل هذا هو المكان والزمان المناسبان لذلك فيما العالم يجند طاقاته للبحث عن علاقة الجيل الخامس للتكنولوجيا في القضاء على امراض مزمنة؟

كانت الفتنة عاصفة في الاشهر السابقة، والاشد ايلاما في الامر ان من يفترض بهم تمثيل الامة كانوا الاكثر صبا للوقود عليها لتشتعل اكثر، غافلين (او قاصدين) عن الاخطار الاقليمية التي تحيط بالكويت، وغافلين اكثر عن حقيقة المجتمع الكويتي المتسامح الموحد الذي لم يعرف في تاريخه هذه الفتنة وكأن الذين يشعلون النار يريدون الانتقام ايضا من تاريخ الكويت الحضاري لانه لا يناسب تخلفهم.

ومن الفتنة الى الاساءات لرموز الكويت، حيث يطلق نائب هنا او هناك العنان للسانه بالتعرض للشخصيات الوطنية التي كان لها دور مهم وفاعل في تاريخ الكويت، مسيئا للسيرة والصورة والعائلات. وهؤلاء عليهم ان يستريحوا حتى 26 اكتوبر المقبل ويفكروا في الرقابة والتشريع ويتركوا بذاءاتهم في محيطهم الخاص وخارج قاعة المجلس.

اما القوانين الشعبوية التي تعكس وعودا انتخابية مثل اسقاط القروض بما يكلف خزينة الدولة خسائر ضخمة ويضع على كاهل الاجيال المقبلة اعباء كثيرة ويهدد المستقبل المالي للكويت... فدور الانعقاد الماضي كشف «فرسانها المزيفين» الذين سقطوا بالصفقات والعطايا والهبات في «الاتراح والافراح» وزيارات آخر الليل و«قعدات الجواخير» «وإبر غرفة العناية المركزة».

والمؤسف ان دور الانعقاد أبى إلا ان يختتم فصله بالغمز من قناة القضاء... وهنا لا بد من وقفة اخرى.

القضاء ايها السادة هو السور الحامي للحريات والديموقراطية والحياة السياسية والنظام السياسي وامن الناس وامان المجتمع. انه السور الحامي للكويت.

لم تستقم حياة سياسية ديموقراطية في اي بلد في العالم من دون حصانة القضاء وقوته، ولم تنتعش الحريات العامة في اي بلد في العالم من دون العين الساهرة للقضاء، فالديموقراطية من دون قانون فوضى والحريات من دون قضاء اقصر طريق الى الفتنة والتقاتل.

وحتى لا نكون مثاليين نقول انه لا يوجد في العالم كله دستور مدني او قانون وضعي خال من العيوب والثغرات، لكن تغيير الحال لا يمكن ان يكون بالتصويب على السلطة القضائية... اكثر من ذلك، الهجوم على القضاء هو المعول الاكبر لضرب المؤسسات ويمهد لما هو اسوأ في الكويت.

تخيلوا هذا الكابوس: فتن طائفية، وفتن عائلية وقبلية من خلال اساءات معلنة، واقتراحات مسيئة لمستقبل الكويت، واخرى تكرس التواكل والاتكال، وفوضى سياسية قد تنتقل الى الشارع... وقضاء يتعرض لهجوم.

ربما كانت دائرة واحدة، ابطالها يعلمون ماذا يفعلون او لا يعلمون، لكننا لا نريد لهذا الكابوس ان يستمر او يتكرس، ولن يسمح احد من الكويتيين العقلاء بذلك.

حتى 26 اكتوبر استريحوا وفكروا.

ملاحظة: حين نقول المجلس نذكر فقط ان اعضاء الحكومة جزء من المجلس.



جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي