د. سامي ناصر خليفة / دوامة انقطاع الكهرباء

تصغير
تكبير
مع بداية الصيف وانقطاع الكهرباء عن بعض المناطق السكنية في الكويت بصورة دورية، ومعاناة الكثير من المواطنين جراء هذه المشكلة، حيث الحر الشديد والرطوبة المرتفعة، ينتابنا الألم أكثر ونحن نشهد حجم المزايدات واللعب على معاناة الناس من قبل بعض النواب، ومحاولة تسييس المشكلة دون أن يبذل بعض هؤلاء بعض الوقت لاستشارة متخصصين وخبراء محليين في هذا المجال، داخل وخارج الوزارة، كل فقط لأن الوزير الشاب قد حاول لفت نظر الجميع لخطورة ترك الأمر على الوزارة وحدها تعالج الأزمة.

والملفت اليوم هو أن ما تنقله الصحف من تهديدات باستهداف وزير الكهرباء يثير الشفقة والغرابة في آن واحد، خاصة حين دعا أحدهم الوزير إلى الاستقالة من منصبه تاركاً مصير المشكلة تتقاذفه أهواؤه إلى المجهول! واللافت أيضاً أنه بين النواب من ما زال يجهل الفرق بين الخطة البعيدة المدى والمتوسطة والقريبة المدى، ولا يستطيع التفريق بين أداء وسياسة وخطط الوزراء السابقين وبين أداء وعمل وخطط الوزير الحالي، وتلك طامة أخرى حين يختلط الحابل بالنابل، ليدفع المواطن وحده الثمن غالياً.

لا أعرف الوزير الشريعان ولم ألتق به، ولكن أحسب من خلال متابعاتي لتصريحاته الأخيرة أنه دق ناقوس الخطر في الوقت الصح، واختار كلماته لينذر بأزمة مقبلة في الاتجاه الصح أيضاً، وهي خطوة تحسب له حين يقول في طيات كلامه إنه لاجتياز الأزمة لابد أن تتضافر جهود الجميع. فالقضية ليست مجموعة ملايين من الدنانير تصرف لجلب محطات موقتة ترفع من انتاج الفولتات لتعوض ارتفاع الحاجة عند الناس، بقدر ما يمكن أن يتولد دافعاً معنوياً وانطلاقة قيمية لدى المواطن نفسه تعينه على المشاركة في تفعيل دوره الوطني ومبدأ التعايش مع الآخر، من خلال التزامه بسياسة ترشيد استخدماته للكهرباء والتي أحسب أن إفراط البعض هو الذي أوصل الحال إلى ما وصل إليه.

لقد فهمت من رسالة الوزير الشاب للشعب الكويتي قبل نوابه وعبر الإعلام، أن المحطات الجديدة التي ستعمل الوزارة على تشغيلها خلال أعوام طويلة لا يمكن أن تحل أزمات الصيف في الأشهر المقبلة، أو في أشهر الصيف في الأربعة أعوام المقبلة أيضاً، لذا على المواطنين أن يقفوا وقفة تأمل وتدبر في خلفيات وأسباب المشكلة والكيفية التي يمكن الحد منها.

فالكرة اليوم في ملعب المواطن والوافد، وترشيد الاستهلاك هنا هو الحل، ثم الترشيد، وثم الترشيد، ورابعاً تأتي تلك المحطات الموقتة التي تسعى وزارة الكهرباء لتنصيبها هذه الأيام. فكي نضع النقاط على الأحرف، نقول المشكلة بدأت عند نقطة مهمة تكمن في حجم اللا مبالاة في الاستهلاك، والاسراف غير المبرر، والبذخ في استخدام الطاقة إلى درجة لا يمكن يسلم المجتمع من تبعاته السلبية اليوم وفي المستقبل المنظور.

لذا أشد على يد الوزير الدكتور بدر الشريعان في اختيار التوقيت أولاً، وفي عدم الانجرار إلى مزايدات النواب، فالقضية تتطلب حملات توعية مكثفة تُنشّط الحس الوطني والدافع القيمي عند عامة الناس لتمكنهم من الاستجابة في المشاركة الفاعلة في ترشيد الاستهلاك، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال قنابل التصريحات التي ألقاها الوزير الشاب على مسامع الناس. فهي بحق تمثل الخطوة الأولى التي على الجميع احترام اختيار الوزير لها.





د. سامي ناصر خليفة

أكاديمي كويتي

qalam_2009@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي