د. سامي ناصر خليفة / اقتراح بقرار ... لا يكفي

تصغير
تكبير
حسناً فعل بعض أعضاء مجلس الأمة عزمهم التوقيع على اقتراح بقرار يطالب الحكومة تقديم تقريراً دورياً حول جهودها واستعداداتها إلى اليوم المخصص لاستعراض سجل الكويت في مجلس حقوق الإنسان في جنيف والمرحلة الثانية من آلية استعراض ملفها الحقوقي، ولكن أحسب أنه لا يكفي بالتأكيد، وذلك لسبب أساس وهو أن الحكومة بإمكانها في شهر سبتمبر المقبل تقديم تقريرها بصورة إنشائية يغلب عليه الطابع الدعائي والتسويقي بعيداً عن الأوضاع الحقوقية على أرض الواقع، كما تفعل أغلب الدول، ولن تُحاسب الكويت هناك عن أي شيء من ذلك. عدا أن هناك 20 دقيقة ستخصص لمؤسسات المجتمع المدني المسجلة في المجلس، والتي يمكن استخدامها من قبل منظمات لها متابعات واسعة لأوضاح حقوق الإنسان في داخل الكويت، وقد تحرج تلك المؤسسات الحكومة إعلامياً أمام المجتمع الدولي إذا ما ذكرت أدلة عينية تتناقض وما تم ذكره في تقارير الكويت التي سلمت للمجلس في المرحلة الأولى من المناقشة تاريخ 12 مايو الماضي، مما يتطلب من الحكومة الكويتية الرد عليها حينها.

ولكن ما أراه اليوم هو عدم جدية الحكومة في العمل على تحسين أوضاعها المتعلقة بحقوق الإنسان في تلك الفترة الوجيزة، بدليل انشغالها الكامل بمجلس الأمة والاستجوابات والتهديدات وملفات الرياضة والكهرباء وغيرها من جانب، وغياب الكوادر المؤهلة القادرة على دراسة تلك التحسينات وتحويلها إلى قرارات بتلك العجالة، إضافة إلى جهل الكثير من نواب مجلس الأمة لطبيعة التعاطي مع مجلس حقوق الإنسان وآلياته. لذلك أقترح ألا يكتفي النواب بتقرير دوري من الحكومة فقط، بل عليهم مطالبتها بمجموعة من الخطوات العملية المهمة، والتي إذا ما أضيفت للتقرير الإنشائي الذي من المقرر أن تقدمه في سبتمبر المقبل، فإن كلمة الكويت سيكون فيها جديد لافت ورسالة للمجتمع الدولي مفادها أن الكويت صادقة في نواياها ووعودها بتحسين ملفها المتعلق بحقوق الإنسان.

بمعنى آخر، من المهم اليوم أن يضغط النواب على الحكومة للإسراع في تأسيس هيئة وطنية لحقوق الإنسان في الكويت تشترك فيها السلطات الثلاث، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان، وأيضاً الضغط عليها للإسراع في اتخاذ قرار بالتوقيع على اتفاقية ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين)، وأيضاً قانون خاص بالنساء العاملات، وأيضاً مجموعة قرارات تتعلق بفئة المواطنين بلاهوية والتي تسميهم الحكومة «مقيمين بصورة غير قانونية».

وإذا ما نجحت الكويت في إقرار تلك الأمور أو بعضها، فإن لاجتماع شهر سبتمبر نكهة عبقة بالتأكيد ستصب في مصلحة الكويت ومستقبل ملفها الحقوقي. أقول ذلك وأعلم أن الحكومة والمجلس مقبلان على إجازة طويلة تمتد إلى أكتوبر المقبل، ولكن لتكن مصلحة الكويت فوق كل اعتبار.

اختبار مصداقية

وعدت الكويت في جنيف قبل شهر تقريباً بدراسة التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وعلى الاتفاقية الدولية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية لعام 1954، والاتفاقية الدولية بشأن خفض حالات انعدام الجنسية لعام 1961. ووعدت أيضاً بإنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفق مبادئ باريس. ووعدت بإصدار دعوة رسمية مفتوحة ودائمة لنظام الإجراءات الخاصة (أو المقررين الخواص). ووعدت بتقديم التقارير الدورية المطلوبة للجان الاتفاقيات الدولية التي صدّقت عليها دولة الكويت. ووعدت بإلغاء نظام الكفالة للوافدين، واستبداله بقوانين تتفق مع المعايير الدولية وإدخال العمالة المنزلية في قانون العمل. وفي منتصف سبتمبر المقبل سينتظر العالم ما أنجزته الكويت من خطوات لتأكيد مصداقيتها أمام العالم والتزامها بما وعدت. فهل من مدرك لأهمية ذلك اليوم؟



د. سامي ناصر خليفة

أكاديمي كويتي

qalam_2009@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي