تلوث... تلوث... تلوث!


وحده فاقد الضمير الذي لا تهزه صور المأساة الناتجة عن تلوث منطقة ام الهيمان والمناطق الكويتية الاخرى وخصوصا مأساة «شهيدة أم الهيمان» الطفلة ديمة عادل الشمري التي اصيبت بالسرطان بسبب أدخنة المصانع ورحلت الى باريها.
ووحده متحجر القلب الذي لا يتألم لوفاة او إصابة الاطفال والشباب والشياب بأمراض ثبت أن سببها التلوث. ووحده عديم الإحساس الذي نظر الى هذه القضية الخطيرة بعينين سياسيتين لا بعينين انسانيتين.
ام الهيمان وما ادراك ما ام الهيمان. والكويت وما ادراك ما الكويت. مشكلة البيئة والتلوث مشكلة مزمنة. قضية صاغتها يد الإهمال وملفات التجاهل ورفوف النسيان. قضية تمس صحة ابنائنا ولا تعرف التصنيفات المتخلفة التي تعصف ببلدنا ومجتمعنا، فالأدخنة لا تميز بين بدوي وحضري والغازات لا تفرق بين شيعي وسني والسموم لا ترحم الليبيرالي والاسلامي، ولذلك كله لا بد من شكر ودعم من يحرك هذا الملف وينفض عنه غبار السنين، ولا بد ان تكون مكافحة التلوث اولوية وطنية جامعة تستقطب كل الطاقات في مختلف المواقع... واذا كان من ايجابيات لما حصل في قضية الاستجواب فهي بالتأكيد توسيع التحرك ضد هذا العدو البيئي واستمراره بمختلف الطرق.
لكن ما جرى في الايام الماضية في الكويت كشف ان التلوث البيئي ليس بالضرورة التلوث الاكبر. وان سموم أم الهيمان قد لا تكون اقوى من سموم السياسة والفتن وانتهاك القانون والاعتداء نعم الاعتداء - على النسيج الوطني وخصائص المجتمع وثوابت البلد.
نائب وصل الى منصبه بشعارات التضامن مع الناس ومشاركتهم آلامهم والعمل على رعاية مصالحهم، ثم فجأة وفي اللحظة التي يحتاجون فيها اليه يدير ظهره لهم ويتنكر لمبادئه وتتبخر شعاراته مع دخان المصانع المخالفة... فقط من اجل منفعة شخصية او استفادة من «عطاء» او «مناقصة» سياسية او تجارية.
انه التلوث بعينه.
شيخ لا يحترم توصيات صاحب السمو الأمير بأن يكون ابناء الاسرة القدوة في احترام القانون والاقتراب من الناس ومصالحهم. يملأ قاموسنا بعبارات نابية لا يقولها «بلطجي» في شارع ويطبق قوانينه الخاصة على الامور العامة ويعطي انطباعا سيئا عن الاسرة والدولة.
انه التلوث بعينه ايضا.
وزراء ونواب اقسموا بالله العلي العظيم بأن يعملوا وفق الدستور وبموجب القانون من اجل الكويت كلها، ثم تجاوزوا قسمهم والتفتوا الى مصالحهم الخاصة ومصالح دوائرهم الحزبية والمناطقية والطائفية... وأسوأ منهم الوزراء المنتخبون الذين اقسموا على حماية المال العام ثم نفعوا ابناء دائرتهم من المال العام عبر السفرات والترقيات ومنحهم الاولوية في الخدمات والاستفادات.
تلوث ما بعده تلوث.
سياسيون يضحكون عليهم، ومن يضحك عليهم يبدو انه أهبل منهم. يقررون، او يُقَرر لهم، ان عليهم فتح النار على التجار وغير التجار، خالطين بين قضايا مطلبية وتطويرات مطلوبة وتحسينات اقتصادية وبين الحديث في الغرائز والتلميح عن عصبيات والتصريح بتصفية حسابات. جاهلين ما هي الكويت وكيف تبلور نظامها السياسي والاجتماعي ودور الشرائح التي يهاجمونها في تأسيس الدولة واعلان الدستور وارساء الديموقراطية والحريات العامة التي سمحت لهم بالوصول الى ما وصلوا اليه وقول ما قالوه.
واذا كان من يضحك على هؤلاء السياسيين يعتقد انه يسجل اهدافا في مباراة ظرفية قصيرة العمر فإنه لا يعلم ربما انه يقترب من الخطوط الحمر، وانه يلعب بالثوابت لا بالملاعب، وان الانعكاسات السلبية لتحركاته ستطوله هو قبل الجهات التي يهاجمها.
والتلوث هنا سيخنق صاحبه.
موظفون لا يداومون يعطلون مصالح البلاد والعباد. مرضى اصحاء يسافرون الى الخارج للسياحة بحجة العلاج منهكين خزينة الدولة وحارمين من يستحق. متعاملون مع الادارات بسلاح الرشوة والهدايا والمصالح. مسؤولون في الوزارات يتجاوزون على المال العام بحجة انه مال سائب. ادعياء اعاقة يحصلون بموجبها على مزايا اناس حرمهم الله نعمة الصحة وابقى لهم الكرامة والحق في حياة حرة شريفة. متجنسون مقابل مزايا واستنادا الى واسطات لا الى حقوق. «قياديون» رياضيون انتهكوا كل القوانين وحولوا امجادنا الرياضية الى كرسي يجلسون عليه كي ترتفع قاماتهم الوهمية وتكبر مصالحهم الشخصية. طلاب يشترون الشهادات وكتاب يسرقون المقالات. سائقون متهورون يحصدون الحياة في الشوارع ومحسوبيات الفساد والرشوة تمحي مخالفاتهم... واللائحة تطول.
تلوث... تلوث... تلوث.
ويا ديمة الشمري. يا طفلتنا الشهيدة. نعتذر منك بكل خجل الدنيا، فشهادة الزور التي تعطى لمخالفات البيئة والسياسة والقانون والدستور والمبادئ والقيم والانسانية حولت الكثيرين من اهل الكويت مشاريع شهداء... بعضنا يصفق للفساد ولا يعلم انه يحفر هاوية جديدة لغيره ولنفسه.
سامحينا يا ديمة... سامحينا!
جاسم بودي
ووحده متحجر القلب الذي لا يتألم لوفاة او إصابة الاطفال والشباب والشياب بأمراض ثبت أن سببها التلوث. ووحده عديم الإحساس الذي نظر الى هذه القضية الخطيرة بعينين سياسيتين لا بعينين انسانيتين.
ام الهيمان وما ادراك ما ام الهيمان. والكويت وما ادراك ما الكويت. مشكلة البيئة والتلوث مشكلة مزمنة. قضية صاغتها يد الإهمال وملفات التجاهل ورفوف النسيان. قضية تمس صحة ابنائنا ولا تعرف التصنيفات المتخلفة التي تعصف ببلدنا ومجتمعنا، فالأدخنة لا تميز بين بدوي وحضري والغازات لا تفرق بين شيعي وسني والسموم لا ترحم الليبيرالي والاسلامي، ولذلك كله لا بد من شكر ودعم من يحرك هذا الملف وينفض عنه غبار السنين، ولا بد ان تكون مكافحة التلوث اولوية وطنية جامعة تستقطب كل الطاقات في مختلف المواقع... واذا كان من ايجابيات لما حصل في قضية الاستجواب فهي بالتأكيد توسيع التحرك ضد هذا العدو البيئي واستمراره بمختلف الطرق.
لكن ما جرى في الايام الماضية في الكويت كشف ان التلوث البيئي ليس بالضرورة التلوث الاكبر. وان سموم أم الهيمان قد لا تكون اقوى من سموم السياسة والفتن وانتهاك القانون والاعتداء نعم الاعتداء - على النسيج الوطني وخصائص المجتمع وثوابت البلد.
نائب وصل الى منصبه بشعارات التضامن مع الناس ومشاركتهم آلامهم والعمل على رعاية مصالحهم، ثم فجأة وفي اللحظة التي يحتاجون فيها اليه يدير ظهره لهم ويتنكر لمبادئه وتتبخر شعاراته مع دخان المصانع المخالفة... فقط من اجل منفعة شخصية او استفادة من «عطاء» او «مناقصة» سياسية او تجارية.
انه التلوث بعينه.
شيخ لا يحترم توصيات صاحب السمو الأمير بأن يكون ابناء الاسرة القدوة في احترام القانون والاقتراب من الناس ومصالحهم. يملأ قاموسنا بعبارات نابية لا يقولها «بلطجي» في شارع ويطبق قوانينه الخاصة على الامور العامة ويعطي انطباعا سيئا عن الاسرة والدولة.
انه التلوث بعينه ايضا.
وزراء ونواب اقسموا بالله العلي العظيم بأن يعملوا وفق الدستور وبموجب القانون من اجل الكويت كلها، ثم تجاوزوا قسمهم والتفتوا الى مصالحهم الخاصة ومصالح دوائرهم الحزبية والمناطقية والطائفية... وأسوأ منهم الوزراء المنتخبون الذين اقسموا على حماية المال العام ثم نفعوا ابناء دائرتهم من المال العام عبر السفرات والترقيات ومنحهم الاولوية في الخدمات والاستفادات.
تلوث ما بعده تلوث.
سياسيون يضحكون عليهم، ومن يضحك عليهم يبدو انه أهبل منهم. يقررون، او يُقَرر لهم، ان عليهم فتح النار على التجار وغير التجار، خالطين بين قضايا مطلبية وتطويرات مطلوبة وتحسينات اقتصادية وبين الحديث في الغرائز والتلميح عن عصبيات والتصريح بتصفية حسابات. جاهلين ما هي الكويت وكيف تبلور نظامها السياسي والاجتماعي ودور الشرائح التي يهاجمونها في تأسيس الدولة واعلان الدستور وارساء الديموقراطية والحريات العامة التي سمحت لهم بالوصول الى ما وصلوا اليه وقول ما قالوه.
واذا كان من يضحك على هؤلاء السياسيين يعتقد انه يسجل اهدافا في مباراة ظرفية قصيرة العمر فإنه لا يعلم ربما انه يقترب من الخطوط الحمر، وانه يلعب بالثوابت لا بالملاعب، وان الانعكاسات السلبية لتحركاته ستطوله هو قبل الجهات التي يهاجمها.
والتلوث هنا سيخنق صاحبه.
موظفون لا يداومون يعطلون مصالح البلاد والعباد. مرضى اصحاء يسافرون الى الخارج للسياحة بحجة العلاج منهكين خزينة الدولة وحارمين من يستحق. متعاملون مع الادارات بسلاح الرشوة والهدايا والمصالح. مسؤولون في الوزارات يتجاوزون على المال العام بحجة انه مال سائب. ادعياء اعاقة يحصلون بموجبها على مزايا اناس حرمهم الله نعمة الصحة وابقى لهم الكرامة والحق في حياة حرة شريفة. متجنسون مقابل مزايا واستنادا الى واسطات لا الى حقوق. «قياديون» رياضيون انتهكوا كل القوانين وحولوا امجادنا الرياضية الى كرسي يجلسون عليه كي ترتفع قاماتهم الوهمية وتكبر مصالحهم الشخصية. طلاب يشترون الشهادات وكتاب يسرقون المقالات. سائقون متهورون يحصدون الحياة في الشوارع ومحسوبيات الفساد والرشوة تمحي مخالفاتهم... واللائحة تطول.
تلوث... تلوث... تلوث.
ويا ديمة الشمري. يا طفلتنا الشهيدة. نعتذر منك بكل خجل الدنيا، فشهادة الزور التي تعطى لمخالفات البيئة والسياسة والقانون والدستور والمبادئ والقيم والانسانية حولت الكثيرين من اهل الكويت مشاريع شهداء... بعضنا يصفق للفساد ولا يعلم انه يحفر هاوية جديدة لغيره ولنفسه.
سامحينا يا ديمة... سامحينا!
جاسم بودي