عندما ظهرت نتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة، كان من أبرزها وصول أربع نائبات لعضوية المجلس، وانقسم الناس تجاه ذلك إلى ثلاث فئات، فئة هللت وطبلت وزمرت لوصولهن وهذه الفئة شملت بعض النساء اللائي اعتبرن ذلك الفوز نصراً لبنات جنسهن، والليبراليون الذين رأوا في ذلك تحقيقا لأهدافهم في تغريب المجتمع، وبعض الحكوميين الذين اعتبروا هذا الوصول نكاية وضربة في وجه الإسلاميين الذين تزعموا المعارضة تجرأوا على تقديم استجواب لرئيس الوزراء، وانضم لهؤلاء بعض الغربيين الذين اعتبروا ذلك الفوز مؤشراً على تبعية بعض بني جلدتنا لأفكارهم وأطروحاتهم.
والفئة الثانية هم قوم (ما كاري) الذين لا هم لهم في العير ولا في النفير، لا يهمهم من فاز ولا من خسر، إسلامي، أو ليبرالي، سني أو شيعي، رجل أو امرأة، حكومي أو معارض، المهم عنده ما يأكل وما يشرب، وكم سيتسلم من راتبه آخر الشهر.
وأما الفئة الثالثة فهم الذين صدموا من تلك النتائج وحزنوا عليها، وهم قطاع كبير من المجتمع من رجال ونساء من إسلاميين، أو مستقلين من محافظين، أو حتى من المتحررين، ولا أخفي سراً إن قلت انني أحد الذين تأثروا بالنتائج، لا كرهاً في العنصر النسائي أو تقليلاً من شأنه، وإنما لاعتقادي بأن العضوية في مجلس الأمة هي من باب الولاية العامة والتي لا يجوز شرعاً للمرأة أن تتولاها، وثانياً ليقيني بأن دخول المرأة للمجلس سيفتح على المجتمع باب شر لا يعلم مداه إلا الله.
إلا أنه مما خفف الصدمة علي، وهون البلية لدي هو تذكري لقول الله تعالى «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم». وهذا ما أثبت الواقع صدقه ودلت ممارسات النائبات على حقيقته.
لقد كشف لنا الواقع ضعف المرأة عند دخولها للمعترك السياسي بين الرجال، وعدم قدرتها غالباً على الصمود والمواجهة، فنحن لا نزال نتذكر تلك الدموع التي لم تملك إحدى العضوات دفعها ومنعها، عندما احتد النقاش بينها وبين أحد النواب الرجال في المجلس. وكثير منا لا يزال في ذاكرته خيانة العبارات واختلاط المصطلحات لدى إحدى النائبات الفاضلات عندما خاطبت زملاءها النواب قائلة لهم: «لا تسيسوا العمل السياسي»!
كما أن المتابع لتصويت النائبات في المجلس والذي غالباً ما كان يصب في صالح الحكومة من تصديق على الميزانيات من دون دراسة كافية، ومعارضة للاستجوابات، وحرماناً للشعب من بعض المكتسبات، وهو الذي يفسره البعض على أنه نوع من رد الجميل للحكومة التي لم تقصر معهن في القديم أو الحديث مادياً أو معنوياً.
لقد أكدت الشواهد على أن المرأة ليست معصومة من استغلال منصبها لتحقيق مكاسب شخصية لها، ولا أدل من مشروع القانون الذي تقدمت به احدى النائبات والذي يقضي بمعاملة المولود من أم كويتية وأب غير كويتي معاملة الكويتي حتى بلوغه سن الرشد، ويكتسب الجنسية الكويتية عند بلوغه هذه السن.
وهو القانون الذي ستستفيد منه أسرة تلك النائبة بالدرجة الأولى. ولا أدري ساعتها ما هو موقفها عندما يصبح أبناؤها من فئة مزدوجي الجنسية؟
بل إن الصدمة القوية التي تعرضت لها قطاعات كبيرة من النساء، والتي تمثلت بموقف النائبات عضوات لجنة المرأة في المجلس، من مشروع قانون الحقوق المدنية والاجتماعية للمرأة والمحال من المجلس إلى اللجنة، حيث تعمدت النائبات الإطالة والتأخير في عرضه على المجلس بحجة إجراء المزيد من الدراسة، ثم أتين ببدعة جديدة لم يسبقهن أحد لها وهي تجزئة مقترحات النواب والدعوة إلى التصويت على بعض المقترحات المتوافقة مع هواهن، وتأجيل المقترحات الأخرى التي لا تتوافق مع أهدافهن وأطروحاتهن كقانون دعم ربة المنزل، وقانون تقاعد المرأة بحيث يحق لها التقاعد بعد خدمة 15 عاما. وهن بذلك يسعين لتفريغ القانون من محتواه.
انني أدعو الأخوات الفاضلات عضوات المجلس إلى التكفير عن خطاياهن في حق الأمة عامة والنساء خاصة، من خلال الاصطفاف مع مصالح الناس، والنأي بأنفسهن عن الشبهات، وإلا فإنهن سيخرجن من أي انتخابات مقبلة بخفي حنين، وستحمل لهن صناديق الاقتراع صدمة سيصعب عليهن نسيانها.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com