دعوا الشوارب... جانبا


لا يرضى أحد بأن يتحول النقاش السياسي الى حفلة شتم وردح تستخدم فيها كل انواع الطعن في الظهر ومن تحت الحزام ومن فوق الحزام. فهذا الامر يضر بأصحاب القضية انفسهم قبل غيرهم عدا عن كونه خارج الاصول والاعراف والتقاليد والآداب التي جبل مجتمعنا عليها. ثم ان وصول السجالات السياسية في البلد الى هذا المستوى من الانحدار يبدو انه صار هدفا لأصحاب المصلحة الحقيقية في استمرار انتهاك القوانين وضعف الرقابة على المال العام... ونتمنى ان نكون مخطئين.
احترام لغة الخطاب السياسي مطلب يجب أن ينطلق من تحت قبة عبد الله السالم قبل أن يأتي من خارجها، لأن المؤسسة التشريعية الرقابية يفترض ان تكون رأس حربة في تطوير الحياة السياسية سلوكا ومضمونا ومفردات، ومع ذلك لا يمكن اغفال ان اعرق برلمانات العالم تشهد احيانا ذاك الجنوح اللغوي خلال مناقشة قضايا مهمة وان الناخب هو الذي يجدد للنائب استنادا الى تقبله ام عدم تقبله لذلك الجنوح.
في الايام الاخيرة كثر استخدام كلمة «الشوارب». اقحمت في سجالات الثبات على المواقف وتغييرها. حتى من لم يربِ شاربه شارك في السجالات ظنا منه ان للكلمة وقعا رجوليا لدى الناخبين. انتقلت المشكلة من دفاع عن القانون والوحدة الوطنية الى الدفاع عن الشوارب والمواقف، ومن استياء نيابي من اداء وزير الى استياء وزاري من خلاف نيابي - نيابي.
فجأة وبسحر ساحر، لم تعد القضايا الرئيسية هي الفيصل في التقييم بل ما قاله فلان لفلان وما رد به فلان على فلان. اشتغلت «الجوقة» اياها من داخل السلطات بمختلف توجهاتها لاختصار مشاكل الكويت كلها بـ «الشوارب».
لم يعد سوء الاداء الوزاري هو القضية بل سوء الاداء النيابي.
لم يعد انتهاك القانون ومخالفته في كل مجالات الحياة العامة الكويتية هو القضية بل اسلوب من ينتقد مخالفة القانون.
لم يعد الفساد الاداري المعشش في كل الادارات هو القضية بل طريقة المواجهة النيابية للفاسدين والمفسدين.
لم تعد الرشاوى وكتب اللامانع قضية تهاون وزاري وصفقات حكومية بل قضية نواب تحولوا من التشريع والرقابة الى الخدمات والواسطات.
لم يعد التكفير السياسي والديني والوطني قضية مجتمع يتقسم وسلطات تتفكك بل صار التصدي النيابي والاعلامي هو القضية.
... والاهم من ذلك كله ان التعديات اللغوية والبذاءات والسفاهات لم تعد قضية بدأها بعض الحكوميين وبعض ابناء الاسرة الذين هددوا خلق الله علنا وعلى الهواء وشتموهم وتفاخروا بانتهاك القانون واعاقة تطبيقه، بل هي قضية من رد على ذلك في البرلمان وطالب بإيقاف كل متجاوز عند حدوده.
لم يعد في البلد غير «الشوارب»؟ امرنا غريب عجيب. فمع كل التحفظات على اسلوب التخاطب ودعواتنا الى تغييره والارتقاء بالممارسة الديموقراطية الا اننا ايضا مع وضع «الشوارب» جانبا والتعامل معها بالحجم الذي تستحقه والالتفات الحقيقي والجدي الى قضايا تطبيق القانون وحماية المال العام.
ولو كان للقانون لسان يتحدث به ضد من ينتهك بنوده، ولو كان له منبر اعلامي يومي يخاطب به السلطة الرابعة... لقال كلاما سيترحم الناس معه على لغة «الشوارب»!
جاسم بودي
احترام لغة الخطاب السياسي مطلب يجب أن ينطلق من تحت قبة عبد الله السالم قبل أن يأتي من خارجها، لأن المؤسسة التشريعية الرقابية يفترض ان تكون رأس حربة في تطوير الحياة السياسية سلوكا ومضمونا ومفردات، ومع ذلك لا يمكن اغفال ان اعرق برلمانات العالم تشهد احيانا ذاك الجنوح اللغوي خلال مناقشة قضايا مهمة وان الناخب هو الذي يجدد للنائب استنادا الى تقبله ام عدم تقبله لذلك الجنوح.
في الايام الاخيرة كثر استخدام كلمة «الشوارب». اقحمت في سجالات الثبات على المواقف وتغييرها. حتى من لم يربِ شاربه شارك في السجالات ظنا منه ان للكلمة وقعا رجوليا لدى الناخبين. انتقلت المشكلة من دفاع عن القانون والوحدة الوطنية الى الدفاع عن الشوارب والمواقف، ومن استياء نيابي من اداء وزير الى استياء وزاري من خلاف نيابي - نيابي.
فجأة وبسحر ساحر، لم تعد القضايا الرئيسية هي الفيصل في التقييم بل ما قاله فلان لفلان وما رد به فلان على فلان. اشتغلت «الجوقة» اياها من داخل السلطات بمختلف توجهاتها لاختصار مشاكل الكويت كلها بـ «الشوارب».
لم يعد سوء الاداء الوزاري هو القضية بل سوء الاداء النيابي.
لم يعد انتهاك القانون ومخالفته في كل مجالات الحياة العامة الكويتية هو القضية بل اسلوب من ينتقد مخالفة القانون.
لم يعد الفساد الاداري المعشش في كل الادارات هو القضية بل طريقة المواجهة النيابية للفاسدين والمفسدين.
لم تعد الرشاوى وكتب اللامانع قضية تهاون وزاري وصفقات حكومية بل قضية نواب تحولوا من التشريع والرقابة الى الخدمات والواسطات.
لم يعد التكفير السياسي والديني والوطني قضية مجتمع يتقسم وسلطات تتفكك بل صار التصدي النيابي والاعلامي هو القضية.
... والاهم من ذلك كله ان التعديات اللغوية والبذاءات والسفاهات لم تعد قضية بدأها بعض الحكوميين وبعض ابناء الاسرة الذين هددوا خلق الله علنا وعلى الهواء وشتموهم وتفاخروا بانتهاك القانون واعاقة تطبيقه، بل هي قضية من رد على ذلك في البرلمان وطالب بإيقاف كل متجاوز عند حدوده.
لم يعد في البلد غير «الشوارب»؟ امرنا غريب عجيب. فمع كل التحفظات على اسلوب التخاطب ودعواتنا الى تغييره والارتقاء بالممارسة الديموقراطية الا اننا ايضا مع وضع «الشوارب» جانبا والتعامل معها بالحجم الذي تستحقه والالتفات الحقيقي والجدي الى قضايا تطبيق القانون وحماية المال العام.
ولو كان للقانون لسان يتحدث به ضد من ينتهك بنوده، ولو كان له منبر اعلامي يومي يخاطب به السلطة الرابعة... لقال كلاما سيترحم الناس معه على لغة «الشوارب»!
جاسم بودي