لن يهزمنا الظلاميون


بئس الزمن الذي وصلنا إليه... بئس الزمن الذي نكتب فيه... وبئس الزمن الذي يضطرنا الى النزول الى مستوى لا يليق الا بأصحابه.
اليوم عيد الام. عيد مَنْ كانت الجنة تحت قدميها. عيد الشريكة في الخلق. عيد التي هزت السرير بيمينها وهزت العالم بيسارها. عيد الاعياد فمن دونها لا عيد لإنسان ولا مناسبة لإنسان.
والمرأة، الابنة والشقيقة والزوجة أم ومشروع أم. نصف المجتمع وكل المستقبل، ولن نتحدث هنا عن حقوقها الاجتماعية والسياسية والانسانية ونظرتنا اليها، فهذا الأمر مأساة متجددة في زمن يبحث الآخرون امكانية العيش على كوكب المريخ. سنتحدث عن موجة التخلف الجديدة التي تعصف بالكويت من خلال الهجمة التي يقودها بعض النواب وبعض الشخصيات لفرض آرائهم على بناتنا استنادا الى اجتهاداتهم الخاصة في ما يتعلق بالرياضة والموسيقى والعمل والدراسة. نتحدث عن تسونامي الجهل الذي يريدنا ان نصدق ان حفنة من النواب ومن لف لفهم يصححون لنا مسارا شرعيا عمره 1400 سنة. سنتحدث عن اعصار الظلاميين الذين يعتقدون ان عقيدتنا ناقصة وسلوكياتنا شاذة وعاداتنا وتقاليدنا التي جبلنا عليها كانت خطأ في خطأ.
ماذا يحصل في الكويت؟ أو بالاحرى: هل نحن في الكويت؟ يأتي جاهل وقاصر ومنغلق ومحدود ليحدد لنا كيف نربي بناتنا وكيف نعلمهن ان الرياضة حرام وانها تصبح حلالا اذا فرضوا عليهن مجموعة شروط تبدأ بالثياب وتنتهي بكبت الفرح في حال الفوز. هؤلاء الذين لا ينظرون الى البنت او المرأة الا من خلال البنطال الذي ترتديه او حذاء الرياضة الذي تنتعله او صوتها او شكلها لا يحق لهم ان يتحولوا الى مفتين او ان يتدخلوا في حياتنا الخاصة، فحياتنا محكومة بولي الأمر اسريا وبولي الأمر وطنيا، اي الأب والأم في المنزل وسمو الامير على مستوى الدولة... وبين الولايتين دستور وقوانين وأعراف وتقاليد وتربية وأخلاق.
إذا كان هؤلاء يصورون أنفسهم في الغرف والمجالس الخاصة بأنهم «أمراء» و«أولياء امور» وانصاف انبياء واولياء ويجدون من يقول «سمعا وطاعة»، واذا كانوا يجدون من يعتقد، بموجب الغسيل المستمر للادمغة، انهم اصحاب كرامات فهذا شأنهم وشأن اسرهم وشأن مريديهم واتباعهم، أما خارج هذه المجالس والغرف فلكل اسرة ولي أمرها وللوطن ولي أمره... اعجبهم ذلك ام لم يعجبهم كي لا نقول «غصبا عليهم وعلى اللّي اكبر منهم».
بيننا وبينهم الدستور والقوانين التي وضعها المشرعون لصيانة الحريات والديموقراطية وحقوق الناس. وللعلم فقط فإن هذا الدستور وهذه القوانين هي التي أوصلت حفنة النواب الظلاميين الى مناصبهم، وهي التي كفلت لأدعياء الدين حرية التعبير والحديث، وهي التي نقلت صوتهم الى العامة من خلال وسائل الاعلام الحرة التي لن تعود كذلك اذا تمادوا في النفوذ السياسي والارهاب الفكري.
بيننا وبينهم الدستور والقوانين، أما اذا ارادوا تجاوز الخط الاحمر واقتحام بيوتنا وغرفنا وعاداتنا وتقاليدنا وهواياتنا ومفاهيمنا الصحيحة المعتدلة للشرع والايمان وجوهر الرسالات... اذا ارادوا ذلك ولم تردعهم السلطات والمؤسسات فسنكون مضطرين لردعهم وبكل الوسائل حرصا على قيم توارثناها من مئات السنين وحريات رسخناها بالدم.
وهنا ايضا لا بد من كلمة الى الحكومة ومؤسساتها وهيئاتها. لم يكن هؤلاء ليتجرأوا ويتمادوا في غيهم لولا انها فتحت لهم الباب واسعا. مرة لأنها تريد احلال توازن مع قوى معارضة لها، ومرة اخرى لانها تستخدمهم في مساومات، وثالثة لانها تجري معهم الصفقات، ورابعة لشراء اصواتهم في المجلس، وخامسة خوفا منهم، وسادسة رغبة في استيعابهم... والنتيجة اننا وصلنا الى يوم يتدخلون فيه بشؤون منازلنا وطرق تربيتنا وازياء اولادنا وسلوكياتهم واخلاقهم. والتاريخ لن يرحم حكومة لا تميز بين المرونة والتكتيكات السياسية من جهة وبين تقديم الحياة السياسية والاجتماعية والحريات والديموقراطية على طبق من فضة لمحاكم التفتيش الجديدة التي ستجرف اذا وصلت، وقبل كل شيء، الحكومة نفسها والنظام الذي سمح لها بالحضور والعمل.
الحكومة التي «سايرت» في موضوع التعبئة الفكرية من خلال المناهج التربوية والمؤسسات الدينية والمساجد والجمعيات لم تكن تدرك طبعا انها تسقط الحواجز بين فكر هؤلاء وسلوكياتهم وبين الطرق الموصلة الى بيوتنا وغرفنا، وهي الحكومة التي ستكون شاهدة ايضا على اضطرارنا لتحمل مسؤوليات هي في صلب عملها مهما كانت الاثمان باهظة.
لا يزايد احد علينا في التمسك بالدين والاخلاق والعادات والتقاليد، ولا يحاول احد فرض افكار مستوردة باسم الدين والشريعة ابادت دولا عندما سادت بها وحطمت مجتمعات وانتجت تخلفا في كل المستويات. وعلى الحكومة ان تفتح أعينها جيدا وتتحرك قبل خراب البصرة فتوصد الابواب امام تجاوز الخطوط الحمر او فلتقل علنا انها عاجزة وغير قادرة على مواجهة رموز الفكر الظلامي.
أما أنت أيتها الام والاخت والزوجة والابنة فأكرم من النظرات الوضيعة للوضيعين الذين لا يرون من انسانيتك سوى شكل الجسد ونبرة الصوت. هؤلاء المتخلفون راغبون في ابقائك أسيرة سجونهم الفكرية وعقدهم الشخصية لتغذية مكامن النقص في شخصياتهم. في عيدك انت حرة وكريمة وانسانة اعطيت عبر الحبل السري من روحك وجسدك طفلا جديدا لهذه الدنيا، واعطيت عبر الحبل العلني روحا للدنيا نفسها من خلال التوالد والتكاثر... وها هي حبالهم تريد توثيقك وتوثيقنا وتوثيق الكويت.
قالت الشجرة لفأس الحطاب وهو يقطعها: «آه، فإن عصاتك مني».
بئس الزمن الذي يضطرنا الى النزول الى مستوى لا يليق إلا بأصحابه... ومع ذلك، كل عام وأنت بألف خير يا أمي.
جاسم بودي
اليوم عيد الام. عيد مَنْ كانت الجنة تحت قدميها. عيد الشريكة في الخلق. عيد التي هزت السرير بيمينها وهزت العالم بيسارها. عيد الاعياد فمن دونها لا عيد لإنسان ولا مناسبة لإنسان.
والمرأة، الابنة والشقيقة والزوجة أم ومشروع أم. نصف المجتمع وكل المستقبل، ولن نتحدث هنا عن حقوقها الاجتماعية والسياسية والانسانية ونظرتنا اليها، فهذا الأمر مأساة متجددة في زمن يبحث الآخرون امكانية العيش على كوكب المريخ. سنتحدث عن موجة التخلف الجديدة التي تعصف بالكويت من خلال الهجمة التي يقودها بعض النواب وبعض الشخصيات لفرض آرائهم على بناتنا استنادا الى اجتهاداتهم الخاصة في ما يتعلق بالرياضة والموسيقى والعمل والدراسة. نتحدث عن تسونامي الجهل الذي يريدنا ان نصدق ان حفنة من النواب ومن لف لفهم يصححون لنا مسارا شرعيا عمره 1400 سنة. سنتحدث عن اعصار الظلاميين الذين يعتقدون ان عقيدتنا ناقصة وسلوكياتنا شاذة وعاداتنا وتقاليدنا التي جبلنا عليها كانت خطأ في خطأ.
ماذا يحصل في الكويت؟ أو بالاحرى: هل نحن في الكويت؟ يأتي جاهل وقاصر ومنغلق ومحدود ليحدد لنا كيف نربي بناتنا وكيف نعلمهن ان الرياضة حرام وانها تصبح حلالا اذا فرضوا عليهن مجموعة شروط تبدأ بالثياب وتنتهي بكبت الفرح في حال الفوز. هؤلاء الذين لا ينظرون الى البنت او المرأة الا من خلال البنطال الذي ترتديه او حذاء الرياضة الذي تنتعله او صوتها او شكلها لا يحق لهم ان يتحولوا الى مفتين او ان يتدخلوا في حياتنا الخاصة، فحياتنا محكومة بولي الأمر اسريا وبولي الأمر وطنيا، اي الأب والأم في المنزل وسمو الامير على مستوى الدولة... وبين الولايتين دستور وقوانين وأعراف وتقاليد وتربية وأخلاق.
إذا كان هؤلاء يصورون أنفسهم في الغرف والمجالس الخاصة بأنهم «أمراء» و«أولياء امور» وانصاف انبياء واولياء ويجدون من يقول «سمعا وطاعة»، واذا كانوا يجدون من يعتقد، بموجب الغسيل المستمر للادمغة، انهم اصحاب كرامات فهذا شأنهم وشأن اسرهم وشأن مريديهم واتباعهم، أما خارج هذه المجالس والغرف فلكل اسرة ولي أمرها وللوطن ولي أمره... اعجبهم ذلك ام لم يعجبهم كي لا نقول «غصبا عليهم وعلى اللّي اكبر منهم».
بيننا وبينهم الدستور والقوانين التي وضعها المشرعون لصيانة الحريات والديموقراطية وحقوق الناس. وللعلم فقط فإن هذا الدستور وهذه القوانين هي التي أوصلت حفنة النواب الظلاميين الى مناصبهم، وهي التي كفلت لأدعياء الدين حرية التعبير والحديث، وهي التي نقلت صوتهم الى العامة من خلال وسائل الاعلام الحرة التي لن تعود كذلك اذا تمادوا في النفوذ السياسي والارهاب الفكري.
بيننا وبينهم الدستور والقوانين، أما اذا ارادوا تجاوز الخط الاحمر واقتحام بيوتنا وغرفنا وعاداتنا وتقاليدنا وهواياتنا ومفاهيمنا الصحيحة المعتدلة للشرع والايمان وجوهر الرسالات... اذا ارادوا ذلك ولم تردعهم السلطات والمؤسسات فسنكون مضطرين لردعهم وبكل الوسائل حرصا على قيم توارثناها من مئات السنين وحريات رسخناها بالدم.
وهنا ايضا لا بد من كلمة الى الحكومة ومؤسساتها وهيئاتها. لم يكن هؤلاء ليتجرأوا ويتمادوا في غيهم لولا انها فتحت لهم الباب واسعا. مرة لأنها تريد احلال توازن مع قوى معارضة لها، ومرة اخرى لانها تستخدمهم في مساومات، وثالثة لانها تجري معهم الصفقات، ورابعة لشراء اصواتهم في المجلس، وخامسة خوفا منهم، وسادسة رغبة في استيعابهم... والنتيجة اننا وصلنا الى يوم يتدخلون فيه بشؤون منازلنا وطرق تربيتنا وازياء اولادنا وسلوكياتهم واخلاقهم. والتاريخ لن يرحم حكومة لا تميز بين المرونة والتكتيكات السياسية من جهة وبين تقديم الحياة السياسية والاجتماعية والحريات والديموقراطية على طبق من فضة لمحاكم التفتيش الجديدة التي ستجرف اذا وصلت، وقبل كل شيء، الحكومة نفسها والنظام الذي سمح لها بالحضور والعمل.
الحكومة التي «سايرت» في موضوع التعبئة الفكرية من خلال المناهج التربوية والمؤسسات الدينية والمساجد والجمعيات لم تكن تدرك طبعا انها تسقط الحواجز بين فكر هؤلاء وسلوكياتهم وبين الطرق الموصلة الى بيوتنا وغرفنا، وهي الحكومة التي ستكون شاهدة ايضا على اضطرارنا لتحمل مسؤوليات هي في صلب عملها مهما كانت الاثمان باهظة.
لا يزايد احد علينا في التمسك بالدين والاخلاق والعادات والتقاليد، ولا يحاول احد فرض افكار مستوردة باسم الدين والشريعة ابادت دولا عندما سادت بها وحطمت مجتمعات وانتجت تخلفا في كل المستويات. وعلى الحكومة ان تفتح أعينها جيدا وتتحرك قبل خراب البصرة فتوصد الابواب امام تجاوز الخطوط الحمر او فلتقل علنا انها عاجزة وغير قادرة على مواجهة رموز الفكر الظلامي.
أما أنت أيتها الام والاخت والزوجة والابنة فأكرم من النظرات الوضيعة للوضيعين الذين لا يرون من انسانيتك سوى شكل الجسد ونبرة الصوت. هؤلاء المتخلفون راغبون في ابقائك أسيرة سجونهم الفكرية وعقدهم الشخصية لتغذية مكامن النقص في شخصياتهم. في عيدك انت حرة وكريمة وانسانة اعطيت عبر الحبل السري من روحك وجسدك طفلا جديدا لهذه الدنيا، واعطيت عبر الحبل العلني روحا للدنيا نفسها من خلال التوالد والتكاثر... وها هي حبالهم تريد توثيقك وتوثيقنا وتوثيق الكويت.
قالت الشجرة لفأس الحطاب وهو يقطعها: «آه، فإن عصاتك مني».
بئس الزمن الذي يضطرنا الى النزول الى مستوى لا يليق إلا بأصحابه... ومع ذلك، كل عام وأنت بألف خير يا أمي.
جاسم بودي