«محادثات الغرف المُنفصلة» تنتهي بلقاء مُعلن لدقائق بوساطة عُمانية... للتحيّة
«مفاوضات إيجابية» بين ويتكوف وعراقجي واتفاق على مواصلتها... السبت المقبل










- وزير الخارجية الإيراني توجّه إلى عُمان بـ «صلاحيات كاملة»... وأشاد بالمجهود الأميركي الكبير
- طهران وواشنطن تريدان اتفاقاً على المدى القصير وليس مجرد محادثات
- الوسيط العُماني نقل الرسائل 4 مرات بين وفدي التفاوض
- البوسعيدي: توسطنا لبدء حوار بهدف التوصل لاتفاق عادل وملزم
- ترامب يُهدد عسكرياً ومستعد لتقديم تنازلات... واحتمال التوصل إلى اتفاق مرتفع جداً
- «أكسيوس»: محادثات مباشرة إذا كان الاجتماع الأول إيجابياً
- «تسنيم»: إيران لن تناقش سوى الملف النووي على قاعدة مفاوضات رابح
- رابح
- المحادثات الأعلى مستوى منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي
في خضم تصاعد التوترات الإقليمية، والتحشيد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، ووسط سيناريوهات معقدة قد تعيد رسم خريطة الاشتباك في المنطقة، عقدت الولايات المتحدة وإيران، في مسقط، أمس، محادثات اختبار النوايا وجس النبض، بهدف إطلاق مفاوضات جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تقدماً سريعاً، مع تهديد الرئيس دونالد ترامب بعمل عسكري في حال الفشل بالتوصل إلى صفقة جديدة، وتحذير طهران من «إجراءات رادعة» إذا استمرت الضغوط.
وعقب المفاوضات غير المباشرة بوساطة عُمانية، أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، حديثاً مقتضباً لدقائق، بحضور وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، قبل مغادرة مقر المحادثات، بينما أوضحت الخارجية الإيرانية أن الوفد الإيراني التقى الوفد الأميركي وتحدث معه لتحيته.
وكشف عراقجي أنه أجرى محادثات غير مباشرة مع واشنطن لمدة ساعتين ونصف الساعة، لافتاً إلى أن طهران وواشنطن تريدان اتفاقاً على المدى القصير وليس مجرد محادثات.
وأضاف أن واشنطن قدمت مجهوداً كبيراً لإثبات جديتها في المحادثات، مشيراً إلى أن الوسيط العُماني نقل الرسائل 4 مرات بين وفدي التفاوض.
كما قال إن من المتوقع أن يناقش مع الوفد الأميركي الإطار العام لأي اتفاق محتمل.
وكتب عراقجي على «تلغرام» أن المحادثات جرت في «أجواء بناءة وإيجابية قائمة على الاحترام المتبادل»، مشيراً إلى مواصلتها السبت المقبل في عُمان أيضاً.
الوساطة العُمانية
من جانبه، أكد البوسعيدي أن المحادثات «جرت في أجواء ودية بناءة لتقريب وجهات النظر».
وأضاف أن بلاده ستواصل العمل للمساعدة في تحقيق السلام والاستقرار، مشيراً إلى ان مسقط «توسطت لبدء حوار أميركي - إيراني بهدف التوصل لاتفاق عادل وملزم».
وفي وقت سابق، قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن المحادثات الأعلى مستوى بهذا الشأن، منذ أن انسحب ترامب من الاتفاق بشأن البرنامج النووي عام 2018، «مبدئية، لكنها مهمة وحاسمة».
وأوضح أن الاجتماع الأول، عقد في غرف منفصلة، بوساطة البوسعيدي، بعدما قدمت طهران رؤيتها إلى الجانب العماني لنقله إلى الوفد الأميركي.
وعقب وصوله إلى عُمان، بحث عراقجي مع البوسعيدي ترتيبات المحادثات، وأطلعه على موقف طهران التي تصر على المحادثات «غير المباشرة» وتمسكها بوجود وسيط، بينما تصف واشنطن المفاوضات بأنها مباشرة.
وقال عراقجي إن «نيتنا التوصل إلى اتفاق عادل وشريف، منطلِقين من موقف متكافئ».
وأضاف: «إذا دخل الطرف الآخر المحادثات من المنطلق ذاته، فإنّ هناك، فرصة للتوصل إلى تفاهم أولي قد يُمهد لمسار تفاوضي بنّاء».
وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أنه «في إطار المحادثات غير المباشرة، قدم عراقجي لنظيره العماني النقاط والمواقف الرئيسية لطهران لنقلها إلى الجانب الأميركي».
وترأس عراقجي وفداً يضم مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، بقائي، وعدداً من المساعدين والخبراء الآخرين من وزارة الخارجية.
وأكد الجانب الإيراني أن المفاوضات غير المباشرة تقتصر حصراً على القضايا النووية، مشدداً مجدداً على أن طهران «ترفض التهديد تحت أي شكل، ولن تناقش سوى الملف النووي على قاعدة مفاوضات رابح - رابح».
ونقلت «رويترز» عن مصدر عماني ان المحادثات ركزت على تهدئة التوترات الإقليمية وتبادل السجناء والتوصل إلى اتفاقات محدودة لتخفيف العقوبات مقابل كبح البرنامج النووي.
وأبلغت مصادر عُمانية، وسائل إعلام إيرانية، أن «احتمال التوصل إلى اتفاق مرتفع جداً».
إلى ذلك، أوضح مصدر مطلع، بأن التفاوض سيبدأ بشكل غير مباشر ثم يستأنف بشكل مباشر إذا كان الاجتماع الأول إيجابياً، بحسب موقع «أكسيوس».
مطالب مُتبادلة
ويبقى السؤال الأبرز: ماذا يريد كل طرف من تلك المحادثات؟
بناءً على مسار المفاوضات، يمكن أن يقرر ترامب ما إذا كان سيستخدم الدبلوماسية أو القوة العسكرية لمعالجة مخاوفه من البرامج النووية والصاروخية الإيرانية ودور طهران في الشرق الأوسط.
وصرح للصحافيين على متن طائرة الرئاسة، الجمعة، «أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة. لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي».
ونقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي، الجمعة، إن ترامب مستعد لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق.
وتابع الموقع أن طهران لا تثق في ترامب، كما نقل عن مسؤولين أميركيين: «لسنا متأكدين مما يمكن توقعه من جانب إيران في هذه المحادثات».
وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة تريد أن تعرف ما إذا كانت طهران لديها إرادة سياسية لإجراء مناقشات جادة «حتى لا نضطر للجوء إلى خيار آخر».
كما تسعى واشنطن لإبرام اتفاق نووي جديد قبل أن تنتهي صلاحية آلية العودة التلقائية للعقوبات التي كانت جزءا من الاتفاق السابق، في أكتوبر المقبل.
وقال ويتكوف، الجمعة، في إشارة إلى الرسالة التي ينوي إيصالها إلى الإيرانيين «أعتقد أن موقفنا يبدأ بتفكيك برنامجكم. هذا هو موقفنا».
وتابع «هذا لا يعني... أننا لن نجد طرقاً أخرى لمحاولة الوصول إلى حل وسط بين البلدين».
وعشية المباحثات، أعلن علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الأعلى السيد علي خامنئي، أن وزير الخارجية يتوجه إلى عُمان بـ «صلاحيات كاملة»، مؤكداً جاهزية طهران بمقترحات قابلة للتنفيذ، ومشدداً على أن التوصل إلى اتفاق حقيقي مرهون بجدية الولايات المتحدة.
وصرح مسؤول إيراني لـ«رويترز»، طالباً عدم الكشف عن هويته، بأن «مدة المحادثات، التي ستقتصر على القضية النووية، ستعتمد على جدية الجانب الأمريكي وحسن نيته».
وترفض طهران التفاوض حول قدراتها الدفاعية مثل برنامجها الصاروخي.
وتصاعدت النبرة الخميس، بين الجانبين، إذ لوّحت طهران عن طريق شمخاني بـ«إجراءات رادعة» في حال تواصُل التهديدات بحقها، تصل إلى حد «طرد» مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ورداً على ذلك، اعتبرت الخارجية الأميركية أن طرد طهران المفتشين الدوليين «سيشكل تصعيداً وخطأ في الحسابات من جانب إيران».
وفي حين تحدث كل جانب عن فرص تحقيق بعض التقدم، إلا أنهما ما زالا بعيدين عن بعضهما بشأن صراع استمر لأكثر من عقدين من الزمن.
وسيفاقم الفشل المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقاً في منطقة تُصدّر معظم نفط العالم.
«اتفاق موقت»
نقل موقع «أكسيوس» عن دبلوماسي أوروبي ومصدر مطلع على تفاصيل محادثات مسقط، أن إيران تعتزم تقديم مقترح للتعاون بهدف التوصل إلى «اتفاق نووي موقت يمهّد الطريق نحو مفاوضات أشمل في شأن اتفاق نهائي وكامل».
وعزت ذلك إلى أن «طهران ترى أن التوصل إلى اتفاق نووي شامل ومعقّد في غضون شهرين ليس واقعياً»، في إشارة إلى المهلة التي حددها ترامب.
وأوضح أن الاتفاق الموقت يمكن أن يتضمن التعليق الجزئي لبعض نشاطات تخصيب اليورانيوم، وتخفيف تركيز مخزون اليورانيوم المخصب إلى حدود 60 في المئة، وزيادة وصول مفتشي الأمم المتحدة إلى المنشآت النووية الإيرانية.
مراجعة الأهداف المحتملة... للهجوم الأميركي
ترافقت الخطوة الدبلوماسية المهمة مع تكثيف الحشود العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط والبحار المحيطة به، ومع تقارير عن أن البيت الأبيض بدأ بالفعل مراجعة الأهداف المحتملة للهجوم ضد إيران، لتشمل المنشآت النووية ومراكز إنتاج الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، وربما أكثر.
ونقل موقع «فري برس» عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، أن البيت الأبيض بدأ بالفعل مراجعة الأهداف المحتملة للهجوم، التي تشمل المنشآت النووية الرئيسية ومراكز إنتاج الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.
وأضاف أنه قد يكون أحد الأهداف المحتملة هو البنية التحتية لإنتاج النفط، بما في ذلك محطة تصدير النفط في جزيرة خارك على الخليج. ورأى أنه «إذا كان الهدف من الهجوم هو زعزعة استقرار النظام الإيراني، فيمكن أن يكون أحد الأهداف الأخرى هو المكاتب ومراكز قيادة الحرس الثوري».
نفي إيراني
نفى مهدي فضائلي، عضو مكتب المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، أمس، ما ورد في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» بشأن موافقة خامنئي على التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، واصفاً ما ورد بأنه «عملية نفسية كاذبة».
وكانت الصحيفة نقلت، في تقرير مطول، عن مصادر مطلعة، أن خامنئي عقد اجتماعاً سرياً مع رؤساء السلطات الثلاث، لمناقشة الرد على رسالة بعث بها الرئيس دونالد ترامب.
وكتبت أن كبار المسؤولين حذروا خلال الاجتماع من تصاعد المخاطر، سواء بسبب احتمال اندلاع حرب مع واشنطن أو بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، ما قد يؤدي إلى «انهيار النظام».
ووفق التقرير ذاته، فإن خامنئي، الذي طالما وصف التفاوض مع الولايات المتحدة بأنه «غير حكيم»، وافق خلال الاجتماع، بتحفّظ، على بدء مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن، تمهيداً لاحتمال التفاوض المباشر لاحقاً، في حال تقدم مسار الحوار.
كما أشار التقرير إلى أن طهران أبدت استعداداً لمناقشة سياساتها الإقليمية ودعمها للفصائل المسلحة، لكنها لا تزال تصر على أن برنامجها النووي غير قابل للتفاوض، وإن كانت ستبقى ضمن التزاماتها في إطار معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.