الموفدة الأميركية عائدة لمراقبة تنفيذ تعهدات بيروت

لبنان يلتزم بسحْب سلاح «حزب الله»... على البارد

عون مستقبلاً بري في قصر بعبدا
عون مستقبلاً بري في قصر بعبدا
تصغير
تكبير

فيما كانت المنطقةُ مشدودةً إلى «مفاجأةِ بعد الثامنة مساءً» التي جرى الترويجُ له قبيل لقاء البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، تَبَلْوَرَ أكثر فأكثر في بيروت المَسارُ الذي رَسَمتْه واشنطن للبنان للاستفادة من «النافذة» المفتوحة لأجَل «غير مفتوح» وإكمال نقْل البلاد إلى ضفةِ الاستقرار المستدام، أمنياً ومالياً واقتصادياً، على قاعدة ترجمة «إعلان النيات» الرسمي من قِبل المسؤولين اللبنانيين بولوج الإصلاحاتِ العميقة وحصْر السلاح بيد الدولة وحدها «بأسرع وقتٍ» تفادياً لتكرار محاولاتٍ عقيمة من شراء وقتٍ أو انتظارِ تبيان «الخيط الأبيض من الأسود» على جبهاتٍ أخرى، أبرزها إيران، وما قد يرتّبه ذلك من إضاعة فرصة قد لا تتكرر لتجنيب الوطن الصغير استنزاف آخِر «احتياطي»، ذاتيّ ودولي، يمكنه الركون إليه للخروج من فم الخطر الوجودي.

وإذ عبّر عن هذا المسار «بالصوت والصورة» كلام الموفد الأميركية مورغان اورتاغوس في ختام زيارة الأيام الثلاثة لبيروت واختصرتْه عبارة «as soon as possible» في ما خص المهلة الزمنية الممنوحة للبنان لسحب سلاح «حزب الله»، ثم تأكيد رئيس الجمهورية جوزف عون أمس «كما قلتُ في خطاب القسَم لا يوجد مكان لأي أسلحة أو مجموعات مسلحة إلا ضمن إطار الدولة، والمسائل تُحل بالتواصل والحوار ففي نهاية المطاف حزب الله مكون لبناني، وسنبدأ قريباً العمل على صوغ إستراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها إستراتيجية الدفاع الوطني»، فإنّ بيروت بدت متهيِّبةً اللحظة التي جعلتْها تسير في «حقل ألغام»، بعضها تُفَجِّره اسرائيل يومياً في أكثر من منطقة ومن خارج مندرجات اتفاق وقف النار، وبعضها الآخَر يُخشى أن يكون برسْم «التفجير عن بُعد» بحال سلك الملف الإيراني طريق «الحلّ ولو بالحرب لإنهاء الحروب» الذي يعتمده ترامب.

وفي الوقت الذي كان لقاءُ ترامب - نتنياهو يَنعقد على وهج شبهِ اكتمالِ نصاب «القوة الضاربة» الأميركية في المنطقة، بالتوازي مع «الإشارات المزدوجة» من إيران، عبر اندفاعةِ تحذير لدولٍ عدة من أن تكون ممراً لأي حربٍ عليها، ومزيدٍ من التراجعاتِ ولو «التكتية» حتى الساعة في ما خص احتضان ميليشياتها في المنطقة، وفق ما عبّرتْ عنه التقارير حول الفصائل المدعومة منها في العراق بعدما وُضع في «رأسها» المسدس من واشنطن وتل أبيب، فإنّ لبنان تَلَقَّفَ الرسائل الأميركية العاجِلة والمستعجلة بتّ مسألة سلاح «حزب الله» بما يؤدي إلى إنهاء وجوده خارج الشرعية وإنهاء تمكين الحزب في مَفاصل السلطة وشرايين تمويله وتسليحه، ولو بأي وسيلةٍ تعتبرها بيروت «آمنة» ولكن من دون مَنْحها «شيك على بياض» في المهلة الزمنية المضبوطة على «الساعة والسرعة» الأميركية.

«الشكل الناعم»

وفي موازاة تَحَوُّل «الشكل الناعم» الذي صاغت فيه اورتاغوس جوهر الموقف الأميركي عنصراً أتاح للبنان الرسمي هامشاً لمقاربة «الأساس» الثابت الذي حملتْه بما يجنّب البلاد أي رياح ساخنة جديدة، فإن التدقيقَ في ما قالته لتلفزيون LBCI وما رشح عن لقاءاتها يَعكس أن الجوهر هو نفسه ما عبّرت عنه سواء في زيارتها الأولى (فبراير الماضي) ولكن «بلا قفازات» أو في تصريحات لها من واشنطن، وصولاً لإعلان النائب قاسم هاشم (من كتلة الرئيس نبيه بري) أن «أورتاغوس كانت واضحة في ما قالتْه في كواليس لقاءاتها، أنه إذا لم يستجب لبنان فلن يتوقف العدوان الإسرائيلي عليه بأي شكل، ووفق ما رسمه العدو الإسرائيلي يبدو أنه برعاية أميركية».

«مجموعات العمل الدبلوماسية»

وفي حين تتقاطع المعلومات عند أن اورتاغوس ستعود إلى بيروت بحلول نهاية الشهر الجاري أو أوائل مايو لمتابعة و«مراقبة» ما استجدّ على صعيد إيفاء لبنان بتعهداته والمدى الذي بلغه في الإصلاحات وسحب سلاح «حزب الله» بعدما بات المساران متلازمين، فقد تم وضع زيارة بري أمس لقصر بعبدا ولقائه عون في إطار استكمال البحث في ما يتعيّن على لبنان القيام به بعد ما أبلغه إلى الموفدة الأميركية وتَبَلّغه منها، ليس فقط في ما خص مسألة السلاح ولكن أيضاً «مجموعات العمل الدبلوماسية» التي أكدت أنها لم تسمع من عون رفضاً لها، في موازاة محاولة المسؤولين اللبنانيين القيام بأمرين:

-ربْط «الجهوزية» لدخول مفاوضات حول الحدود البرية بأن تحترم اسرائيل وقف النار وذلك على قاعدةٍ جوهرها «لا تفاوض والقنابل تتساقط على رؤوسنا» كما قال وزير الثقافة غسان سلامة.

- والسعي لحضّ واشنطن على إقناع تل أبيب بالانسحاب أولاً من التلال الخمس وإعادة الأسرى اللبنانيين بما يسهّل فتْح الباب أمام نقاشٍ حول الحل المستدام ويجعل مسألة السلاح أقلّ قابلية لـ «اشتعالاتٍ» يُخشى أن تمسّ السلم الأهلي و«متوائمة» في حلها مع «الخصوصية اللبنانية».

مجموعة العمل لدعم لبنان

ولم يقلّ دلالة أن تزور لبنان بعد محطة اورتاغوس «مجموعة العمل الأميركية لدعم لبنان» ناقلة «رسالة من واشنطن» بلسان ادوارد غبريال «تؤكد ضرورة نزع سلاح حزب الله وإجراء الإصلاحات اللازمة لحصول لبنان على المساعدات المالية، وان العاصمة الأميركية تتطلع الى ان تتم التغييرات على هذا الصعيد بشكل سريع».

وأمام الوفد قال عون إن الإصلاحات وسحب السلاح هما مطلبان لبنانيان كما هما مطلبان للمجتمع الدولي والولايات المتحدة «ونحن ملتزمون العمل من أجل تحقيقهما»، مؤكداً التزام لبنان بالقرار 1701، بشكل كامل، مثنياً على عمل «اليونيفيل» في قطاع جنوب الليطاني، ومشيرا الى الخروق الإٍسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار. وكشف أنه «بالنسبة للشمال من نهر الليطاني، فقد قمنا بالفعل بتفكيك ستة مخيمات كانت تحت سيطرة مجموعات فلسطينية خارج المخيمات. والآن، أصبحت خالية، وتمت مصادرة أو تدمير الأسلحة الموجودة فيها».

وأكد عون أن الأولوية هي لتخفيف حدة التوتر في الجنوب. وقال: «الإرادة موجودة». و«اليونيفيل» تقوم بعملها على أكمل وجه. لكن علينا أن نأخذ في اعتبارنا أنّها تتحمل الكثير من المسؤوليات، مشددا على «ان لبنان بحاجة الى الوقت والمساحة لحلّ الأمور بروية، ومشيراً الى أن«بقاء إسرائيل في النقاط الخمس التي أحتلتها لن يكون مفيداً للبنان لكن يعقد الوضع اكثر، لذلك نطالب الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل للانسحاب منها». ولفت الى «أن الحكومة، قبل ثلاثة أسابيع، وافقت على تجنيد 4500 جندي لزيادة استعدادنا في الجنوب».

وحول رؤيته لطريقة سحب سلاح حزب الله، أكد «أهمية اللجوء الى الحوار (...)»، مشدداً على «ان الموقف اللبناني موحّد، وجميعنا ملتزم العمل بإتجاه الهدف عينه. أحيانًا يكون لدينا اختلاف في الرأي، وهذا أمر طبيعي وهو يشكل جوهر الديمقراطية. علينا أن نناقش ونتحاور. وفي النهاية، هدفنا واحد».

وخلال استقباله «مجموعة العمل الأميركية لدعم لبنان» شدد رئيس الوزراء نواف سلام، على «أهمية مضي المجلس النيابي في إقرار القوانين الإصلاحية لدى إحالتها إليه من الحكومة»، مؤكداً «التزام الحكومة بحصر السلاح في يد الدولة استناداً الى ما ورد في البيان الوزاري، وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية وفق ما ورد في اتفاق الطائف، وبتطبيق القرار 1701، بكل مندرجاته».

وأضاف أن «الجيش اللبناني يقوم بدور كبير في الجنوب ويستكمله بالاتجاه الصحيح».

وكانت اورتاغوس قالت في مقابلة مع تلفزيون «ال بي سي آي»إن الولايات المتحدة تواصل طرح موضوع نزع سلاح «حزب الله»، لافتة إلى أن «الهدف هو نزع سلاح جميع الميليشيات في لبنان».

وأضافت أن بلادها تستمر في الضغط على الحكومة اللبنانية لتحقيق «تطبيق كامل لوقف الأعمال العدائية».

وفي ما يتعلق بتوقيت نزع السلاح، قالت «نأمل أن يتم في أسرع وقت، ولكن ليس هناك جدول زمني رسمي، ونتحدث عن نزع سلاح كل الميليشيات وليس حزب الله وحده».

«السلطة والشعب»

وخيّرت اورتاغوس «السلطة والشعب» في لبنان بين «إما التعاون معنا لنزع سلاح حزب الله وتطبيق وقف الأعمال العدائية وإنهاء الفساد، وسنكون شريكاً وصديقاً، أمّا إذا تباطأت الحكومة والقادة، فلا يتوقّعون شراكة معنا».

وفي ما يتعلق بمسألة «التطبيع»، أوضحت «لم أتحدّث مع أحد في لبنان عن هذا الموضوع. ما نركّز عليه الآن هو تنفيذ وقف الأعمال العدائية ونزع سلاح حزب الله والإصلاحات الاقتصادية، ونأمل أن نصل لاحقاً إلى مرحلة التفاوض وحل النزاعات الحدودية وغيرهما من القضايا بين لبنان وإسرائيل».

اغتيالات

في موازاة ذلك، وغداة جولة رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي إيال زامير عند الحدود مع لبنان، وذلك مع اقتراب حلول عيد الفصح اليهودي وما ذكرته تقارير من تل ابيب عن أن الجبهة الشمالية ما زالت في مقدمة خططه العسكرية «وصولاً لتدمير كافة البنى التحتية لحزب الله»، تواصلت عمليات الاغتيال لعناصر من الحزب كان آخرهم أمس، محمد عدنان منصور (بغارة في بلدة الطيبة الجنوبية) الذي وصفه افيخاي ادرعي بأنه «قائد المدفعية لحزب الله في هذه المنطقة».

كذلك حصل استهداف لسيارة في بلدة بين ليف ولأكثر من منزل جاهز في غير منطقة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي