ربيع الكلمات

عن التعليم أتحدث!

تصغير
تكبير

«الطريق إلى التنمية يمر أولاً بالتعليم، وثانياً بالتعليم، وثالثاً بالتعليم. التعليم باختصار هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية».

د. غازي القصيبي

نحن نعيش الآن تحولات كبيرة تتغير بالأيام بسبب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي دخل كل مناحي الحياة فأحدث تغييرات جوهرية، ولكن من المهم أن نضع المجاهر على تأثير هذه التغييرات على النظام التعليمي الحالي، وهل هو يناسب المستقبل أم لا؟

وحتى نصل إلى إجابة عن هذا السؤال من المهم أن نتعرف على مراحل التعليم المختلفة، فكان هناك التعليم البدائي، الذي كان يعتمد على التعلم بالملاحظة والتجربة، حيث كان الأطفال يتعلمون من خلال مشاهدة الكبار في مجتمعات الصيد والزراعة، ولم تكن هناك مدارس، بل كان التعلم يحدث بشكل غير رسمي في العائلة والمجتمع.

أما التعليم في العصر الصناعي فقد ظهر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث ظهرت المدارس الحديثة مع مناهج منظمة، وأصبح التعليم إلزامياً في العديد من الدول، وركزت المناهج على القراءة والرياضيات والعلوم، لتلبية احتياجات الثورة الصناعية.

وأما التعليم في القرن العشرين، فقد توسعت أنظمة التعليم فيه، وأصبحت أكثر شمولاً للجميع، مع فصل مراحل التعليم (ابتدائي، ثانوي، جامعي)، وكان المرحوم د. غازي القصيبي، ينتقدها بشدة، ويقول يجب إلغاء هذا النموذج، ولكن يجب أن يكون هناك منهج وطني يدرسه الطالب من عمر ست سنوات ولمدة عشر سنوات، حيث لا يمكن فصل الجانب النظري عن العملي على حسب ما ذكر.

وبعد ذلك جاء التعليم في العصر الرقمي، حيث أصبح التعلم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من التعليم، والاعتماد على الإنترنت، والفصول الافتراضية، والتعليم المخصص لكل طالب، لذلك فإن التعليم الحضوري التقليدي في طريقه إلى الاندثار حسب المعطيات، ولابد من التحول الرقمي وفي أسرع وقت بسبب تأثير الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، ومعنى هذا الكلام أن المنهاج وطريقة التدريس يجب أن يتغيرا، وقد يكون أسلوب الحفظ الحالي أصبح بلا فائدة بسبب سهولة الوصول للمعلومات.

التعليم في المستقبل سيكون مختلفاً تماماً عما نعرفه اليوم، وسيعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والتخصيص لكل طالب، بفضل الذكاء الاصطناعي، سيتم تصميم المناهج وفقاً لاحتياجات كل طالب، بحيث يحصل كل فرد على تجربة تعليمية تتناسب مع سرعته وقدراته، وستحل بيئات التعلم الافتراضية محل الصفوف التقليدية، مما يسمح للطلاب بتجربة أشياء مثل استكشاف الفضاء أو دراسة علم الأحياء عن طريق التفاعل المباشر مع الأعضاء البشرية بطريقة ثلاثية الأبعاد. وسيكون من الطبيعي أن يتلقى الطلاب تعليمهم من أي مكان في العالم عبر الإنترنت، مع فصول دراسية تفاعلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأدوات التعاون الافتراضية.

وبدلاً من النظام التقليدي الذي يعتمد على العلامات، سيُركز التعليم المستقبلي على اكتساب المهارات العملية، مثدل التفكير النقدي، البرمجة، وحل المشكلات، مما يجعل التقييم أكثر واقعية، وبسبب التغير السريع في سوق العمل، لن يكون التعليم مقتصراً على المراحل الدراسية التقليدية، بل سيصبح عملية مستمرة مدى الحياة، حيث يمكن للناس تحديث مهاراتهم في أي وقت بسهولة.

والأمر الأكثر أهمية أن المعلمين سيكونون مرشدين للطلاب وميسرين، ومساعدة الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات بدلاً من إعطائهم المعلومات فقط، وسيتم استخدام الروبوتات كمساعدين في التدريس، حيث يمكنها الإجابة عن الأسئلة، وتقديم الملاحظات الفورية، وحتى تقييم أداء الطلاب بشكل أكثر دقة وموضوعية، وبدلاً من المناهج الجامدة، ستكون المواد الدراسية ديناميكية ومتغيرة بناءً على التطورات الحديثة واحتياجات السوق، مما يجعل التعلم أكثر ارتباطاً بالواقع.

وبسبب الذكاء الاصطناعي، سيتمكن الطلاب من مختلف أنحاء العالم من التعاون في مشاريع تعليمية مشتركة، مما يعزز من فهمهم للثقافات الأخرى ويعدّهم لسوق عمل عالمي، والمستقبل يحمل الكثير من التحولات في مجال التعليم، مما سيجعل عملية التعلم أكثر مرونة، وتفاعلية، وملائمة لاحتياجات الأفراد والمجتمع.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي