سلام في طرابلس وعكار... خطة أمنية وضبط الحدود مع سورية

أهداف «ثلاثية البُعد» لاستحضار مجلس الشيوخ... فهل مَن يرْمي «صنارة» لمحاولة بلوغ «طائف السلاح»؟

النيران تلتهم سيارة بعد استهدافها بمسيّرة إسرائيلية قرب حسينية بلدة قعقعية الجسر في منطقة النبطية
النيران تلتهم سيارة بعد استهدافها بمسيّرة إسرائيلية قرب حسينية بلدة قعقعية الجسر في منطقة النبطية
تصغير
تكبير

- لبنان «يلهو» بملفات داخلية «جانبية» على ضفاف المخاطر «الوجودية»

رغم الأبعاد المصيرية و«الوجودية» لاستمرار لبنان يترنّح فوق الصفيح الساخن للمنطقة وجبهته الجنوبية التي تبقى بمثابة بابٍ «لأعاصير نار» جديدة، بدت بيروت وبعض القوى السياسية وكأنها «تلهو» بملفاتٍ «جانبية» ذات طبيعة «جزئية» لجهة تأثيرها على «النظام التشغيلي» للحُكم ودستور الطائف.

ففي الوقت الذي يَظْهَر لبنان متروكاً لقَدَرٍ يرسمه فريقٌ واحدٌ ولو تحوّلت البلادُ «بمَن فيها» مجرّد «أضرار جانبية» لمشروعٍ صار موْصولاً بمقتضيات «حرب البقاء» التي يخوضها المحور الإيراني على امتداد ساحات نفوذه الذي باتت في مرمى «دومينو» التداعي، وَجَدَ بعض أطراف الداخل أن لديهم «ترف» طرْح عناوين متشابكة في ظاهرها، مثل قانون انتخاب جديد على أساس لبنان دائرة واحدة وإنشاء مجلس الشيوخ، ولكنها في «بنك أهدافها» تبدو أقرب إلى رمي «الشِباك» في محاولةٍ لـ «اصطياد» ما أمكن من نقاطٍ في «ملعب» أو آخَر.

وفيما استقبل لبنان الموفد الفرنسي الرئاسي جان - إيف لودريان قبل 3 أيام من زيارة الرئيس جوزف عون لباريس، فإن أوساطاً مطلعة رأت أن طرْحَ اقتراحي القانون (من كتلة رئيس البرلمان نبيه بري) حيال قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ، نص عليه اتفاق الطائف متلازماً مع قيام مجلس نواب على أساس غير طائفي (إلغاء الطائفية السياسية) لا يمكن عزله عن مسرح العمليات العسكري والسياسي، وهو «رأس جبل جليدٍ» يُخشى أن وراءه ما وراءه على مساريْن متوازيين: حرف الأنظار عن «القضية الأمّ» المتمثلة بمسألة سلاح «حزب الله» والتي باتت «موصولة» بضغطٍ أميركي بفتْح قنوات تفاوض مباشر و«مدني» - دبلوماسي مع اسرائيل، وكأنه الاسم الحَركي

لـ «التطبيع»، و«ربط نزاعٍ» مع ما سيكون على صعيد مصير السلاح في ضوء ما يُرسم للمنطقة ومصير محور الممانعة وإيران نفسها.

ورغم أن الطرحيْن جرى عملياً «ترحيلهما»، إلا أن إثارتهما في رأي الأوساط تنطوي على أكثر من هدف:

- إزاحة «العدسة» عن تطورات استعادة الحرب مع اسرائيل لـ «دينامياتٍ» باتت اسرائيل تتحكّم بها شبه منفردة، وفق ما عبّرت عنه مفاخرتها (وفق تقرير في صحيفة «جيروزاليم بوست»)، بـ «عقيدتها الأمنية الجديدة» في لبنان وعنوانها «إبقاء حزب الله مسحوقاً ليس مجرد ردعُه، بل سحقُه تماماً» واعتبار أن الموجاتِ العاتيةَ من الغارات التي شنّتْها بعيد إطلاقِ الصواريخ «العادية»، وشبه البدائية، من جنوب لبنان على مستعمرة المطلة (السبت) «تترجم» هذه العقيدة، في وقت يمضي لبنان في التركيز على «تصفيح» التعهدات التي قدّمها إلى «العرّابين» الدوليين لاتفاق وقف النار والتي «علّقت» تفعيل تل ابيب «حتى إشعار آخر» معادلة «المطلة مقابل بيروت».

وأضاف التقرير «نتحداكم أن تحاولوا (إطلاق وابل صواريخ على اسرائيل)، وإذا فعلتم ذلك، فسنبدأ في تسوية بيروت بالأرض مرة أخرى ونقتل البديل الثاني لـ (السيد حسن) نصرالله (الشيخ نعيم قاسم). أما البديل الأول (هاشم صفي الدين) فقد قتل بالفعل خلال الحرب».

وكان بارزاً في السياق نفسه ما نُقل عن مسؤول لبناني فضّل عدم الكشف عن هويته لـ «فرانس برس» من ان عون ورئيس الحكومة نواف سلام أجريا اتصالاتٍ مكثفةً مع رعاة اتفاق وقف النار، الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة لخفض التصعيد بعد تهديدات إسرائيلية باستهداف بيروت على أثر إطلاق الصواريخ.

وقد أكد «رئيس الحكومة ضرورة ضبط الأمن ومنع تكرار إطلاق الصواريخ».

مجموعة العمل الدبلوماسية

ولا يقلّ حساسية سعي لبنان إلى إدارةِ استحقاق «شائك» ومزنّر بأشواك سياسية يعبّر عنه المسار «اللجوج» من واشنطن في إلحاحها على إطلاق «مجموعات العمل الدبلوماسية» بين بيروت وتل ابيب (ومشاركة أميركية) لبلوغ حل مستدام على «مثلث» التلال الخمس التي أبقتها اسرائيل تحت الاحتلال والنقاط الخلافية على الخط الأزرق وأسرى الحرب اللبنانيين.

وإذ تزور المبعوثة الأميركية مورغان اورتاغوس تل أبيب قريباً لوضع هذه المجموعات على «السكة»، برز ما أبلغته إلى موقع «أساس ميديا» رداً على سؤال عن سبب عدم قيام لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار «بضبط الحركة الإسرائيلية» إنّ هذا «السؤال خطأ، والصحيح هو: لماذا يستمرّ الجيش اللبناني في السماح بإطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية؟ ما الذي يمكن أن يفعله الجيش اللبناني أيضاً للالتزام بوقف النار ونزع سلاح الحزب في الجنوب»؟

وعن رفض بري تشكيل لجان قبل تطبيق إسرائيل وقف النار، ردّت أورتاغوس بأن «هناك وقف إطلاق نار قائماً، ويوجد وقف إطلاق نار في المنطقة»، مشيرة إلى «أننا سنواصل العمل مع الحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية، سواء من خلال الآليّة أو عبر القنوات الدبلوماسية لحلّ كل القضايا الحدودية العالقة».

- اعتبار الاوساط المطلعة أن من أهداف طرحيْ قانون الدائرة الواحدة وإنشاء مجلس الشيوخ، وإن استظل الثاني البيان الوزاري للحكومة لجهة اكتمل تطبيق بنود الطائف، توجيه رسالة «ترهيب» للقوى المسيحية التي تشكّل رافعةً رئيسيةً في الضغط لنزْع سلاح «حزب الله» الآن وليس غداً ووفق جدول زمني تحدده الحكومة، وخصوصاً من المعارضة (مثل القوات اللبنانية)، والتي «تتحسس» من عنوان إلغاء الطائفية السياسية ولا سيما متى تَقَدَّم على الموضوع السيادي الذي من شأنه تحقيق المساواة البديهية بين اللبنانيين، بدءاً من إنهاء السلاح خارج الدولة.

- أن استحضار موضوع الطائف والبنود التي ما زالت لم تُطبّق فيه منذ 35 عاماً يُخشى أن يخفي وراءه محاولةً لاستخدام الإطار «الملبنن» الذي رفعه لبنان الرسمي كأحد مرتكزات معالجة مسألة سلاح حزب الله في شقه شمال الليطاني (غير المشمول بالقرار 1701) التزاماً بما نص عليه «الطائف»، وذلك لإحداث توازٍ في تنفيذ هذه البنود في شقيها الإصلاحي والسيادي، بما قد يعيد الى الأذهان فكرة «طائف السلاح» الذي قد يتيح لحزب الله «تعويض» خسارة السلاح الذي بات «ورقة محروقة» ومقايضته بمكاسب في النظام «بدءاً» مما نص عليه الطائف في جوانب منه، رغم اقتناع هذه الأوساط بأن زمن المقايضات ولّى ولم تَعُد له «موازين» تسمح بوضع «ولو مسدس» على الطاولة.

وفي موازاة ذلك، انشغلت بيروت أمس بتطورين:

أولهما إعلان الجيش الاسرائيلي أنه «هاجم الاثنين في منطقة النبطية جنوب لبنان (بغارة) المدعو حسن كمال حلاوي قائد منظومة الصواريخ المضادة للدروع في جبهة الجنوب في حزب الله»، مشيراً إلى أنه «خلال الحرب عمل حلاوي على ترويج مخططات إرهاببة عديدة ضد دولة إسرائيل وكان مسؤولاً عن نقل عناصر إرهابية والتسلح بوسائل قتالية في منطقة جنوب لبنان (...) وسيواصل الجيش العمل لإزالة اي تهديد على مواطني دولة إسرائيل».

سلام في طرابلس وعكار

والثاني زيارة سلام لمدينة طرابلس على رأس وفد ضم عدداً من الوزراء، حيث عاين الوضع فيها وترأس اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي، وأطلق خطة أمنية لتثبيت الهدوء والاستقرار، قبل أن يزور محافظة عكار ويطلق خطة أوسع تشمل ضبط الحدود الشمالية مع سوريا ولقاء نواب المحافظة، ليُنهي الزيارة بجولة استطلاعية في مطار القليعات الذي وعدت الحكومة بالعمل على تشغيله.

ومن طرابلس، أكد سلام «ضرورة ضبط الحدود ومكافحة التهريب، وفق خطة أمنية جديدة من الواجب العمل على تطبيقها سريعا» موضحاً أنه «في هذا السياق تأتي زيارة وزير الدفاع إلى سوريا (اليوم) للبحث مع المسؤولين هناك في كيفية ضبط الحدود ومنع التجاوزات والتعديات».

واستمع سلام إلى تقارير من المسؤولين العسكريين والأمنيين في المدينة، مطالباً بوضع خطة وطنية لسحب السلاح من أيدي المواطنين، وضبط التعديات على الأملاك العامة والخاصة، مشيراً إلى «ضرورة التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية للعمل بفعالية، ورفض الخضوع لأي ضغوط لإطلاق سراح المخلين بالأمن» ولافتاً إلى أن التعاون بين جميع الجهات الأمنية هو الحل الأمثل لتقوية جهود الدولة في مكافحة الفوضى وضمان السلم الأهلي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي