واصلت نهجها الحذر في ظل تغيرات البيئة الاقتصادية وعالم مليء بالتقلبات

«الوطني»: البنوك المركزية توازن بين النمو والتضخم... وتقلبات الأسواق

تصغير
تكبير

- الذهب تجاوز 3050 دولاراً للأونصة للمرة الأولى مدفوعاً بمخاوف حول تباطؤ النمو العالمي
- «الفيدرالي» يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 1.7 في المئة ويرفعها للتضخم إلى 2.7 في المئة

سجل تقرير بنك الكويت الوطني في شأن الأسواق العالمية هذا الأسبوع، تطورات بارزة، إذ واصلت البنوك المركزية نهجها الحذر في ظل تغيرات البيئة الاقتصادية.

ففي الولايات المتحدة، أبقى الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة في نطاق 4.25 في المئة - 4.50 في المئة، مع خفض توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعام 2025 إلى 1.7%، ورفع تقديراته للتضخم إلى 2.7%.

ورغم ارتفاع مبيعات التجزئة بمعدل هامشي بلغ 0.2 في المئة في فبراير، إلا أن المبيعات الأساسية سجلت انتعاشاً أقوى بنسبة 1 في المئة، في الوقت الذي استقر فيه مؤشر الدولار ضمن نطاق 103-104 نقاط.

وفي كندا، ارتفع التضخم السنوي إلى 2.6 في المئة على أساس سنوي، ما قد يدفع بنك كندا إلى تأجيل خطوة خفض أسعار الفائدة.

أما في أوروبا، أقرت ألمانيا حزمة إنفاق هائلة بقيمة تريليون يورو وتخطط قواعد كبح الديون، بينما تم خفض توقعات التضخم في منطقة اليورو إلى 2.3 في المئة، ما يعزز توقعات مواصلة خفض البنك المركزي الأوروبي لسعر الفائدة.

وفي خطوة لافتة، خفض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة إلى 0.25 في المئة وسط تصاعد حالة عدم اليقين العالمي، فيما أبقى بنك إنجلترا على سعر الفائدة عند 4.5 في المئة، محذراً من مخاطر التضخم.

وفي آسيا، أبقى بنك اليابان سعر الفائدة الأساسي عند 0.5 في المئة، في خطوة متحفظة في مواجهة المخاطر التجارية وضغوط التضخم، بينما ثبت بنك الشعب الصيني أسعار الإقراض للشهر الخامس على التوالي على الرغم من مؤشرات التعافي الاقتصادي.

ورغم نمو مبيعات التجزئة الصينية إلى 4.0 في المئة على أساس سنوي، إلا أن نمو الإنتاج الصناعي تباطأ، وان جاء أعلى من التوقعات.

من جهة أخرى، تباين أداء الأسواق الأسهم والسندات والعملات الأجنبية العالمية، ما يعكس حالة عدم اليقين لدى المستثمرين في شأن آفاق النمو الاقتصادي والسياسات النقدية.

وفي ظل هذه الضبابية، قفز الذهب متجاوزاً 3050 دولاراً للأونصة للمرة الأولى، مدفوعاً بتزايد المخاوف حول تباطؤ النمو العالمي.

الولايات المتحدة

أشار تقرير «الوطني» إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي أبقى على أسعار الفائدة المستهدفة في نطاق 4.25 في المئة - 4.5 في المئة، بينما خفض توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعام 2025 من 2.1 في المئة إلى 1.7 في المئة، مشيراً إلى تداعيات السياسات التجارية، خاصة في ما يتعلق بالتعريفات الجمركية.

وفي المقابل، رفع الاحتياطي الفيدرالي توقعاته للتضخم وفقاً لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي من 2.5 في المئة إلى 2.7 في المئة، في إقرار ضمني باستمرار ضغوط الأسعار. كما أكدت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على حالة عدم اليقين المحيطة بمسار أسعار الفائدة المستقبلية، مشيرة إلى أن قراراتها ستظل معتمدة على البيانات الاقتصادية.

وفي خطوة بارزة، أعلن «الاحتياطي الفيدرالي» عن تباطؤ وتيرة التشديد الكمي، إذ قرر خفض الحد الأقصى للاسترداد الشهري لسندات الخزانة الأميركية من 25 مليار دولار إلى 5 مليارات دولار اعتباراً من أبريل.

وجاء رد فعل الأسواق إيجابياً، إذ ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 1.1 في المئة، بينما تراجعت عائدات سندات الخزانة الأميركية إلى 4.25 في المئة عقب هذا البيان.

ارتفاع مبيعات التجزئة

سجل التقرير ارتفاع مبيعات التجزئة والخدمات الغذائية في الولايات المتحدة بنسبة 0.2 في المئة على أساس شهري في فبراير، لتعوض جزئياً التراجع الحاد المسجل في يناير بنسبة -1.2 في المئة على أساس شهري. وتراجعت مبيعات السيارات وقطع الغيار بنسبة 0.4 في المئة على أساس شهري، في حين انخفضت مبيعات محطات البنزين بنسبة 1.0 في المئة، ما أثر على أداء القطاع بصفة عامة. في المقابل، انتعشت مبيعات التجزئة الأساسية، باستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء، بنسبة 1.0 في المئة على أساس شهري، لتعوض بذلك الانخفاض المسجل الشهر السابق.

كما شهدت المبيعات عبر الإنترنت ارتفاعاً قوياً بنسبة 2.4 في المئة على أساس شهري، بينما تراجعت مبيعات الحانات والمطاعم بنسبة 1.5 في المئة على أساس شهري، منخفضة للشهر الثالث على التوالي. وعلى الرغم من هذا التحسن،لاتزال مبيعات التجزئة السنوية تظهر نمواً محدوداً، وسط مؤشرات على تباطؤ إنفاق المستهلكين خلال الربع الأول من العام 2025، بما يعكس استمرار الضغوط التضخمية والمخاوف التجارية في التأثير سلباً على ثقة المستهلكين.

طلبات الإعانة

ولفت تقرير «الوطني» إلى ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأولية في الولايات المتحدة هامشياً بمقدار 2,000 طلب لتصل إلى 223 ألف طلب خلال الأسبوع المنتهي في 15 مارس، وجاءت أقل بقليل من التوقعات البالغة 224 ألفاً، لكنها ظلت ضمن النطاق المسجل هذا العام بين 203-242 ألف طلب. في المقابل، ارتفعت المطالبات المستمرة بمقدار 33 ألف طلب لتصل إلى 1.892 مليون، ما يشير إلى زيادة فترات البحث عن وظائف في ظل تباطؤ حركة التوظيف.

ورغم تراجع معدلات تسريح الموظفين، إلا أن حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات وارتفاع أسعار الفائدة تساهم في الحد من خلق فرص عمل جديدة. كما تأثرت معنويات الشركات الصغيرة، ما انعكس سلباً على الاستثمارات الرأسمالية والطلب على العمالة.

وفي سياق السياسة النقدية، أشار التقرير إلى تلميح الاحتياطي لإمكانية خفضها بواقع 50 نقطة أساس بنهاية العام. من جهة أخرى، أدت عمليات تسريح موظفي القطاع العام على نطاق واسع إلى نشوب نزاعات قانونية، ما أثر على بيانات البطالة. أما على صعيد الأسواق، انخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية، في حين ارتفع الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.

ألمانيا تعتمد خطة إنفاق

تاريخية بقيمة تريليون يورو

أقر البرلمان الألماني خطة استثمارية ضخمة بقيمة تريليون يورو، طرحها المستشار فريدريك ميرز، بعد حصولها على 513 صوتاً، متجاوزة الأغلبية المطلوبة لتعديل الدستور.

وتهدف الخطة إلى تحديث البنية التحتية عبر صندوق استثماري بقيمة 500 مليار يورو يمتد على مدار 12 عاماً، إضافة إلى زيادة الإنفاق لتعزيز القدرات الدفاعية لمعالجة العجز التمويلي المقدر بنحو 400 مليار يورو الذي يعاني منه القطاع. وتتضمن الخطة رفع القيود عن سياسية «كبح الديون»، والتي تحدد العجز الهيكلي عند حد أقصاه 0.35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ما يمنح الولايات الفيدرالية الستة عشر مزيداً من المرونة في الاقتراض.

ومن المتوقع أن توافر هذه الإصلاحات دفعة مالية كبيرة وسط تباطؤ الاقتصاد الألماني.

تراجع التضخم في منطقة اليورو

تم تعديل معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو إلى 2.3 في المئة على أساس سنوي في فبراير، مقارنة بالتقدير الأولي البالغ 2.4 في المئة، على خلفية الانخفاض غير المتوقع لمعدل التضخم في ألمانيا. ويعزز هذا التراجع فرص البنك المركزي الأوروبي للمضي قدماً في تطبيق المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، بعد أن خفض بالفعل سعر الفائدة على الودائع بمقدار 150 نقطة أساس منذ يونيو 2024، ليستقر عند 2.5 في المئة. ويأتي هذا التراجع في ظل اعتدال نمو الأجور وتباطؤ تضخم قطاع الخدمات، ما يعزز من الاتجاه الهبوطي لمعدلات التضخم.

إلا أن المخاطر لاتزال قائمة، لا سيما في ظل التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وزيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية. وتتوقع الأسواق حالياً خفض سعر الفائدة مرتين بنهاية العام، إلا أن حالة عدم يقين في شأن ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي سيتحرك في أبريل أو سيتبنى نهجاً أكثر حذراً في سياسته النقدية المقبلة مازالت قائمة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي