إسرائيل سلّطت «موجات الغارات» فوق رأسه

لبنان عالِق بين أولويتيْن ومُفاضَلتيْن فكيف يخرج من... المأزق؟

مركبة لعنصر من «حزب الله» استهدفتها مُسيّرة إسرائيلية في عيتا الشعب
مركبة لعنصر من «حزب الله» استهدفتها مُسيّرة إسرائيلية في عيتا الشعب
تصغير
تكبير

بعد مرحلة «انتهتْ اللعبة» التي عبّر عنها اتفاقُ وَقْفِ النارِ بين بيروت وتل ابيب (27 نوفمبر) وتفسيرِ الأخيرة لمندرجاته و«حدود» التفويض لها بتنفيذه «بيدها»، دخلتْ «بلاد الأرز» مرحلةَ «دَقَّتْ ساعة الحقيقة» في ما خصّ مسألة سلاح «حزب الله» و«توقيت» إنهاء وضعيته خارج الشرعية، بعدما أرستْ اسرائيل معادلةَ «ردعٍ هجومي» عبر استراتيجيةِ «موجاتِ الغارات» التي باتت «مسلطة» فوق رأس لبنان منذ سبت «الصواريخ الطائشة» والمجهولة باقي الهوية التي تحوّلت بمثابة «قنبلة انفجرتْ بيد حاملها» أياً يكن ويُخشى أن تجرّ الوطن الصغير مجدداً إلى «طوفان» دمٍ ودمارٍ يكون ممراً إلى «اليوم التالي» الذي أصبح إطاره الأمني – السياسي... جاهزاً.

وغداة يوم الـ 80 غارة وأكثر على جنوب لبنان (بما في ذلك مدينة صور) والبقاع والتي تَسَبَّبَتْ بسقوطِ 7 ضحايا ونحو 40 جريحاً وسط زعْم اسرائيل انها اغتالت رضوان سليم عواضة (في صور) واصفة إياه بأنه «قائد عمليات في حزب الله»، تَعَمَّدَتْ تل أبيب أمس تثبيت عمليةَ رَفْعِ الضغط العسكري مستغلّة ما يبدو أنها «فجوة زمنية» تسمح لها بالعودة إلى حقبةِ الحرب الكبرى، وأتاحها لها ما يَشي بأنه تَرَدُّدٌ أو تَاَخُّرٌ من لبنان الرسمي في ترجمة «إعلان النيات» الذي عبّر عنه في ملاقاة جوهر اتفاق وقف النار و«المانيفست» العربي – الدولي غير المكتوب في ما خص وجوب طيّ صفحة السلاح غير الشرعي وبناء الدولة التي تبسط «بلا شريك» لها سيادتها على كامل أراضيها.

وتسود مَخاوف في لبنان من أن يكون الموقف الرسمي المعبَّر عنه منذ خطاب القسَم للرئيس جوزف عون ثم في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام حول حصرية السلاح بيد الدولة وامتلاكها قرار الحرب والسلم، وصولاً لكلام الأخير (عبر قناة "العربية") عن أن «صفحة سلاح حزب الله طويت" بعد البيان الوزاري وشعار«شعب جيش مقاومة» أصبح من الماضي، لم يَعُدْ كافياً للجم إسرائيل عن اندفاعةٍ أكبر، كانت مجرّد مسألة وقت وقد تكون «الصواريخُ اللقيطةُ» التي تَبَرَأ منها الحزبُ سَرَّعَتْ بها، وذلك في غمرةِ «كرة النار» التي تتدحرج من غزة إلى «يمن الحوثيين» وتَطرق باب إيران نفسها ويُراد أن تتحوّل «طليعة» مَسارِ حلولٍ مستدامة تُطرح على طريقة أن مَن لا يلتحق بها «يَفوته القطار» ويبقى على قارعة الشرق الجديد.

وبحسب أوساط سياسية فإنّ وقائع الساعات الأخيرة، والتي شهدت اغتيالاً جديداً نفذتْه اسرائيل في عيتا الشعب حيث استهدفتْ سيارة (قضى فيها عنصر من حزب الله) وقصفاً على اللبونة وإلقاء قنابل على غرفة جاهزة في الناقورة ومنازل جاهزة في شيحين بالتوازي مع تحليق لمسيّرات فوق الضاحية الجنوبية لبيروت، تعكس ضمناً أن لبنان الرسمي بات عالقاً بين أولويتين وبين مفاضَلتين:

- أولوية أن تنسحب اسرائيل من التلال الخمس التي ما زالت تحتلّها على الحدود الجنوبية وأقامتْ انطلاقاً منها ما يشبه المنطقة العازلة، وأولوية سحب سلاح «حزب الله» ولو عبر موقف رسمي يدعو إى ذلك ويحدد له إطاراً زمنياً، وذلك بمعزلٍ عن القدرة على تطبيق مثل هذا الخيار ما دام الحزب يَرْفض تسليم السلاح.

ملف التطبيع

وفي الإطار، تشير الأوساط إلى أن اسرائيل ومن خَلفها الولايات المتحدة ربطت عملياً بين مسألة التلال الخمس ومجمل الملف البري العالق مع اسرائيل منذ ما قبل الحرب والمعروف بالنقاط الـ 13 المتنازع عليها، إلى جانب ملف الأسرى اللبنانيين لدى تل ابيب، عبر دعوة الولايات المتحدة إلى إطلاق مجموعات عمل دبلوماسية ثلاثية لبتّ هذه الملفات بالتوازي، وصولاً لرفْعها مطلب «التطبيع بات احتمالاً حقيقياً، وهو ما يَعني أن لبنان الذي سلّم بأن تحرير التلال يكون بالدبلوماسية، بات في موقف أضعف لجهة تردُّده حتى الآن في دفْع مَسار إنهاء الوضعية العسكرية لـ «حزب الله» قبل أن يلتفّ الحبل حول عنق البلاد برمّتها.

- أما المفاضلة المضمرة فهي بين أن يصبح سلاح الحزبومصيره رَهْنَ حربٍ جديدةٍ قد تشنّها اسرائيل، وبين أن يتكبّد لبنان لإنهائه حرباً داخلية، وسط اقتناعٍ بأن ثمة رغبةً في تجنُّب كأس النزاع الأهلي حول السلاح، وفي التريث ريثما ينجلي المشهد الاقليمي وخصوصاً على جبهة إيران، على قاعدة أن أي صِدام أميركي (واسرائيلي) معها، أو صفقة، سيصبّ في النهاية عند بت مسألة الوضعية العسكرية للحزب من دون توريط «بلاد الأرز» في مستنقعٍ قد لا يكون ممكناً الخروج منه.

«عامل الانتظار»

على أن هذه المفاضلة في شقّها الثاني باتت تحاصرها التطورات المتسارعة في الاقليم والتي تجعل من الصعب على لبنان الرسمي التحكم «بعامل الانتظار» وفق ما عبّرت عنه عملية إطلاق الصواريخ وردّ الفعل الاسرائيلي غير المتناسب عليها والذي يستفيد من «زمن دونالد ترامب» في البيت الأبيض والذي يستعجل لبنان أيضاً على تحديد إطار ناظم زمنياً لمعالجة قضية سلاح«حزب الله».

ومن هنا تتزايد المخاوف من أن تكون «الحرب الأخيرة» بمثابة احتمالٍ «لا مفرّ منه»، ما لم ينجح لبنان في تفكيك الصواعق المتشابكة، وسط مضي اسرائيل في هجمتها الجوية ومحاولات فرض وقائع على الأرض وبينها أمس توغل قوة مدرعة تضم جرافات في اتجاه وادي قطمون (قضاء بنت جبيل) حيث عملت على استحداث سواتر ترابية في المنطقة.

أبوالغيط

في موازاة ذلك، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، دعم الجامعة العربية وتضامنها الكامل مع لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضده.

وكتب أبوالغيط عبر حسابه على منصة «إكس»: «في اتصال هاتفي مع وزير خارجية لبنان يوسف رجي (مساء السبت)، أعربت له عن دعم الجامعة العربية وتضامنها الكامل مع لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضده».

وأضاف «سنكثف اتصالاتنا الدولية من أجل وقف تلك الاعتداءات والتطبيق الكامل لالتزامات الجانبين وفق اتفاق وقف إطلاق النار الذي سبق التوصل إليه».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي