أحياناً للحضور خيبة... والغياب هيبة

صالح الدويخ
صالح الدويخ
تصغير
تكبير

في هذا الشهر الكريم الذي تنقلب فيه موائد الدراما كما تنقلب موائد الإفطار، بين طبق دسِم من الأداء، وكوب بارد من الحبكة، تُمدّ سفرةُ السباق الرمضاني، حيث يُفرَش البساطُ للأسماء الكبيرة، وتُرفع أغطية التشويق عن الأطباق المنتظرة. لكن بين زحمة الواصلين، وصدى العابرين، هناك فرق بين من يحضر احتراماً لاسمه، ومن يغيبُ احتراماً لاسمه.

الذين يعرفون قيمة أنفسهم، يدركون أن الغيابَ أحياناً أبلغُ من الحضور، وأن التمهّل في صناعة الخطوة القادمة أهمُّ من الركض وراء كلّ خطوة، لأن النجمَ الحقيقيّ لا يلهث، بل يختارُ اللحظة التي يخطو فيها بثبات، لا تلك التي يتعثّر فيها بالاستعجال.

كم من فنانٍ غابَ فزاد شوقُ الجمهور له؟ كم من اسم اختفى عاماً أو عامين، فعادَ بجلالِ الملوكِ، لا بضجيجِ المارّين؟ الغياب ليس نسياناً، بل امتحان للقيمة، فمن يظل حاضراً في ذاكرة الناس حتى وهو غائب، هو نجمٌ لم يخسر مكانه، بل صانه من الابتذال.

في زحام الأعمال الرمضانية، ليس المهمُّ أن تأتي، بل أن تأتي وأنت تعرف لماذا أتيت، ليس المهمُّ أن تصرخ الأضواءُ باسمك، بل أن يكون لاسمك صدىً حتى لو همست، فالدراما ليست سباقاً للكمِّ، بل للكيف، وليست معركة إثبات الوجود لمجرّد الوجود، فاحترموا من حضرَ لأنه أتى بعمل المفترض أنه يُضيفُ إليه ولا يُكرّر، واحترموا من غابَ لأنه اختار أن يعودَ حين يكونُ للعودة معنى... ففي الدراما، كما في الحياة التي قد تفاجئنا بعكس المتوقع، حين يكون للحضور خيبة... والغياب له هيبة.

نهاية المطاف: ليس كل ما يلمع ذهباً، فالتقدير السليم للأمور يحتاج إلى نظرة متأنية وعقل متفتح.. مو دعوووم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي