شهر رمضان، ضيف عزيز وغال على نفوس الناس، وعادة ما يُستقبل بالفرح والبشر عند قدومه كل عام، وهناك عادات وتقاليد لاستقباله تختلف باختلاف الثقافات والشعوب، ومن يعش في الكويت يجد تميزاً لدى الكويتيين بعادات لدى الجميع، الكبير والصغير والرجال والنساء، وحتى قبل قدومه هناك استعدادات كبيرة تتم في الأسواق من قبل النساء، وفي العادة يجتمع الكويتيون على مائدة الإفطار في بيت واحد عادة في بيت الوالد أو الجد، وهناك الغبقة الرمضانية، وزيارة الدواوين، والمجالس تكون عامرة بالزوارات.
والوافدون لديهم دور كبير في تنمية الحياة الاقتصادية في هذا الشهر الفضيل، حيث تشهد الكويت خلال رمضان نشاطاً اقتصادياً مكثفاً، وتزداد الحركة في الأسواق والمطاعم والمجمعات التجارية، والكثير من القطاعات يعتمد عليهم، فيجب تقدير هذا الأمر والتوقف على النظرة أو الحديث بسلبية عنهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
وشهر رمضان فرصة لتعزيز التعايش والتكافل بين الكويتيين والوافدين، حيث تسود روح التعاون والتكافل الاجتماعي، ولا ننسى دور الجمعيات الخيرية التي تقوم بتوزيع وجبات الإفطار والسلال الغذائية للفئات المحتاجة، بمن فيهم العمال ذوو الدخل المحدود، وإقامة الموائد الرمضانية منذ القدم.
والإنسان يتمنى أن يكون بين أسرته في هذا الشهر الفضيل وهو يتناول وجبة الفطور والسحور، إلا أن الوافد وبسبب البحث عن لقمة عيش كريمة لأبنائه يكون بعيداً عنهم، فلا بد من تقدير هذا الأمر، وتوفير سكن مناسب، والالتزام بإعطائه الراتب في وقته، فتخيل لو أن راتبك يتأخر لمدة شهر وأنت لديك أبناء والتزامات وأسرة ما هو موقفك، فمن الطبيعي ما لا ترضاه على نفسك لا تمارسه مع غيرك.
وفي هذه الحياة دائماً نطمح للأفضل وللتغيير من ذاته وتطويرها إلى الأحسن، وهذا يحتاج إلى تدريب ومجهود وعمل دؤوب مستمر، وحقيقة التغيير تأتي من داخل الإنسان إلى الخارج كما جاء في قول الله تعالى: «إنّ اللهَ لا يُغيّرُ ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم».
وفي رمضان فرصة لكي يغير الإنسان من نمط حياته السريع والذي تسببت به الحياة المعاصرة وما يكون معها من قطيعة أو قسوة عند التعامل مع الآخرين، إلى تلاقي أفراد العائلة على أوقات محددة للفطور والسحور، فالجميع حاضر وقت الإفطار ووقت السحور، فلنستغل هذا الشهر المبارك في التخلص من عاداتنا السيئة وممارساتنا السلبية، ونضع لأنفسنا خطة تسمو بها نفوسنا، وتقربنا من الله عز وجل.
والإنسان يحتاج إلى أن يكرّر الأمر الذي يود أن يغيره حتى يحدث نجاحاً، إذاً، فشهر رمضان يمتنع فيه الإنسان عن الأكل والشرب لمدة 30 يوماً تقريباً، من الفجر إلى وقت المغرب، وفي الحقيقة فإن الإنسان سيتعود على اكتساب عادات إيجابية.
ويقول الأديب علي الطنطاوي، عن الجوانب الاجتماعية والإنسانية في رمضان فيذكر: «رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيهم وفقيرهم، فيحس الغني بألم الجوع ليذكره -من بعد- إذا جاءه من يقول له:(أنا جَوْعان)، ويعرف الفقير قيمة نعمة الله عليه حين يعلم أن الغني يشتهي على غناه رغيفاً من الخبز أو كأساً من الماء... ويغدو الناس كأنهم إخوة في أُسرة واحدة، أو رفاق في مدرسة داخلية، يفطرون جميعاً في لحظة واحدة ويمسكون جميعاً في لحظة واحدة».