انطلاق أول العروض الرسمية في «أيام المسرح للشباب 15»
الصعود على أكتاف الآخرين... «سهرة في حالة حرجة»












في أول العروض الرسمية لفعاليات مهرجان «أيام المسرح للشباب» بدورته الخامسة عشرة، والذي تنظمه الهيئة العامة للشباب على خشبة مسرح الدسمة، قدمت فرقة المسرحي الكويتي عرضها المسرحي «سهرة في حالة حرجة»، التي تناقش هَوَس الشهرة وصعود «الترند» لدى البعض.
المسرحية من تأليف فرح الحجلي، وإخراج محمد الأنصاري، في حين تشارك في بطولتها نخبة من النجوم الشباب، على غرار عبدالله البلوشي وناصر الدوب ومحمد جمال الشطي، بالإضافة إلى سارة العنزي ويوسف أشكناني وحوراء إبراهيم وأحمد عاشور.
ودارت أحداث المسرحية في سهرة تلفزيونية يُقدمها مذيع متعجرف وأناني «عبدالله البلوشي»، والذي اعتاد أن يضغط على آلام ضيوفه في البرنامج لكي يتصدّر «الترند» ويحصد المزيد من نسب المشاهدة، كونه يعاني من عقدة الشهرة.
ففي الوهلة الأولى، يظن الضيوف في البرنامج أن الأمور تسير بشكلٍ عفوي وتلقائي، بيد أن الحقيقة تقول عكس ذلك، لا سيما وأن فريق الإعداد اشتغل على الإساءة إليهم بصورة ممنهجة ومقصودة، كما استغل نقاط الضعف لديهم لعرض مشاكلهم وقضاياهم أمام الملأ بطريقة مستفزة وغير إنسانية.
مَنْ يُدير اللعبة في هذه السهرة هو ذلك المذيع، الذي دأب على جرح الآخرين في برنامجه، لكي يسطع نجمه في سماء الإعلام ويزيد من عدد متابعيه في مواقع التواصل.
كما أضاء العرض على 3 شخصيات أساسية، لكل منها مشاكلها الخاصة وهمومها، فضلاً عمّا تكابده كل واحدة على حدة، مِنْ نقصٍ ما في جانب من جوانب حياتها.
وبدا النص الذي ألّفته الحجلي منحازاً إلى التجريب، كما أنه مُعاصراً جداً، كما لو أنه كُتِب اليوم، نظراً لتناوله قضايا جديدة كلياً لا سيما وأنه يلامس أحداث الساعة، وفكرته «خارج الصندوق». أما لغة الحوار، فجاءت بالفصحى، عدا بعض «القفشات الكوميدية» التي كانت بالعامية.
النص باختصار، يعتبر من الطروحات الشجاعة، كما قدم فرح الحجلي كمؤلفة للمرة الأولى في هذا المهرجان، بعدما اعتادت أن تكون مخرجة وممثلة في دوراته السابقة.
ولعلّ تواجد الفنان البلوشي في العرض أضفى نوعاً من التوازن على الإيقاع الدرامي، خصوصاً أنه والحجلي من خريجي الدفعة ذاتها في المعهد العالي للفنون المسرحية، ولذلك يبدو أن دور المذيع قد كُتب خصيصاً له.
ويحسب للمخرج محمد الأنصاري قيادته في ضبط زمام الخشبة، ليقدم عرضاً «ولا غلطة» فيه، مستحضراً خبرته المسرحية في إدارة دفة الإخراج ورؤيته الثاقبة في تنفيذ الفكرة من الورق إلى الخشبة.
أيضاً، لا نغفل دور الإضاءة لفاضل النصار، والتي جاءت متماشية مع مضمون النص، حيث الألوان الزرقاء والحمراء والصفراء التي تناسب أجواء السهرة، لتجعل الجمهور جزءاً من الحدث.
وفي ما يتعلّق بالديكور، الذي صمّمه خالد السالم، فكان بطل العرض بامتياز، خصوصاً في ظل وجود السلم بمنتصف الخشبة، والذي يشير إلى ذلك الهوس لدى المذيع بالصعود إلى النجومية، ولكنه بدلاً من الصعود خطوة خطوة، اختار الصعود السريع على أكتاف الآخرين.
وكذلك الأزياء للمصممة فاطمة العازمي لم تكن أقل شأناً من عناصر السينوغرافيا الأخرى، حيث عمدت إلى تصميم الثياب البرّاقة في دلالة واضحة على طبيعة السهرة التلفزيونية، إلى جانب الماكياج لاستقلال مال الله.
ولأن الموسيقى التصويرية جزء من اللعبة، فقد أبدع العازفون بتوظيفها بشكل جيد من دون المبالغة، لتصاحب الحالة الدرامية تارة وتتوقف طوراً عند نهاية كل مشهد.
«فريق العمل»
- مساعد المخرج: محمد المنصوري وفهد العامر.
- تنفيذ الديكور: علي الحسيني ومبارك العنزي.
- تأليف موسيقي: محمد البصيري.
- مخرج منفذ: محمد الشطي.
- العازفون: آلاء مقصيد ومبارك العنزي وعمران عبدالجليل.
المنتدون: جمالية العرض ... طغت على كل شيء
أعقب العرض ندوة تطبيقية في قاعة الندوات بمسرح الدسمة، أدارتها عضو اللجنة الفنية الكاتبة فلول الفيلكاوي، بحضور رئيس المهرجان الدكتور محمد المزعل ورئيس المركز الإعلامي الزميل مفرح الشمري، إلى جانب مخرج العمل محمد الأنصاري، والمؤلفة فرح الحجلي.
في بداية الندوة، تحدث الشمري مشيداً بجمالية العرض المسرحي، وبجهود المخرج الأنصاري، وكذلك فرقة المسرح الكويتي، التي تواصل تقديم أعمال متميزة في المهرجانات داخل الكويت وخارجها. وأكد أن هذا المهرجان كان شاهداً على ولادة العديد من نجوم المسرح والتلفزيون والسينما، مختتماً حديثه بالتحية لفريق العمل على جهودهم.
من جهته، عبّر الناقد عبدالله شموه عن إعجابه بالعرض، قائلًا: «كنت أحاول العثور على أخطاء، لكن الجمالية طغت على كل شيء. الموسيقى والديكور كانا متناغمين مع المشاهد، والأزياء ناسبت الشخصيات، أما النص فقد ناقش قضايا متنوعة وواقعية».
وفي مداخلته، قال الدكتور أيمن الخشاب: «العمل يلامس قضايا معاصرة بواقعية، ويسلط الضوء على وحشية وسائل التواصل الاجتماعي واستغلالها لمصالح شخصية. تمنيت أن تكون وحشية الإعلام مرتبطة بشكل أعمق بمجريات المسرحية، لأن المسرح يكشف ما وراء الحقيقة. كذلك، سعدت برؤية ناصر الدوب وعبدالله البلوشي في العرض، فقد أمتعا الجمهور بالكوميديا».