أكاديميون مصريون أثنوا على دعمها المتواصل للنهوض بالثقافة العربية
سعاد الصباح... عطاء ثقافي راسخ وعروبة لا تتزعزع
- سعاد الصباح: مصر وطن الروح والعقل والأمومة
- علي الدين هلال: أقامت مكتبة رقمية... هي الأولى من نوعها في مصر
أثنى أكاديميون مصريون على المكانة المصرية خاصة، والعربية عامة، في وجدان الدكتورة سعاد الصباح، نظير عطاءاتها التي لم تنقطع في سبيل النهوض بالثقافة العربية، ونظير مبادئها السامية التي جعلتها لا تُقيم وزناً للمال وللربح المادي مقابل نشر وتعظيم الثقافة والمعرفة، ودعم المؤسسات والأجيال تمهيداً لرسم مستقبل عربي مشرق.
جاء ذلك، خلال ندوة حملت عنوان «عطاء لا ينضب وولاء لا ينقطع.. قراءة في حياة امرأة عربية»، نظّمتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، الأربعاء الماضي، بالتزامن مع فعاليات الدورة الـ 56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، إذ شارك فيها العديد من الأكاديميين، منهم العميد الأسبق للكلية الدكتور علي الدين هلال، والدكتور أحمد يوسف، ومساعدة العميد الدكتورة هالة عبدالجواد، ورئيسة قسم الاقتصاد الدكتورة هالة أبوعلي، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي المصري الدكتور خالد صقر، وأستاذة العلوم السياسية الدكتورة نيهال هاشم، وغيرهم.
«وطن الروح»
وشهدت الندوة الثقافية، كلمة للدكتورة سعاد الصباح، ألقاها نيابة عنها مدير دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع الأديب والكاتب علي المسعودي، أكدت خلالها على المكانة الكبرى لمصر في نفسها، حيث وصفتها بوطن الروح ووطن العقل، وقالت: «مصر هي الأمومة التي سكنتْني وسكنتُها.. فكانت مفتاح علمي ومفتاح عملي.. وفاتحةَ دموعي وابتساماتي ومدرسة شِعري ونثري».
وعن علاقتها بالقاهرة، ومصرعموماً علّقت بالقول: «هنا مصر، هنا القاهرة، هنا جامعة القاهرة، هنا.. أنا، أنا المُنهمِرة قطرةً قطرةً، أنا المقطوفة وردة وردة، هنا أنا المخطوفة آهةً آهةً، قضمتْ قلبي مصر، وقضمَتْه بهدوءِ الحسناواتِ الواثقات. كتبتني مصر وشكَّلتني ولوَّنتْني.. أنا التي شربَتْ من ماءِ النيل.. ومن أساطيرِه وعنفوانه وحزنه الطويل.. فكانت مصر وطن الروحِ ووطن العقل».
واستذكرت الدكتورة سعاد الصباح حادثة وفاة ابنها البكر مبارك، ودفنه في مصر، قائلة: «هنا موطن الابنِ البكر مبارك الذي يسكن منذ خمسين عاماً تحتَ هذا الثرى.. وأرى وجهَه الآن أمامي حاضراً بينكم، وأتمنى أنه يسمع صوتي الآن.. مثلما يسمع الجنين في بطنِ أمّه صوتها ويعرف نبضَها.. والأرض تعرف صوت الأمومةِ.. مثلما تعرف دموعَ الفراق وحزن الرحيل».
وحول ذكرياتها في مصر، تحدّثت قائلة: «هنا كان الالتحام بالقضايا الكبرى.. هنا معركة الكرامة ومواجهة العدوِّ الصهيوني.. ورِحلاتنا الأولى لخط المواجهة الأمامي نلتقط من قناة السويسِ الجرحى.. فنواجه الصهاينة بأعين ونظرات تقول لهم إن المعركة مستمرة.. وإن هزيمتهم قادمة لا محالةَ.. هنا كان دعمُنا لمنظمة فتح في بداياتِ نشاطِها المؤثر حين عقدنا الاجتماعات الطويلة مع الدكتور فتحي عرفات وجيهان السادات وعلية الفار وماجدة الشافعي وزهرة رجب، للقيامِ بواجبِنا تجاه القضية الفلسطينية، حين تبرعتُ بسيارتي المرسيدس.. وأقمْنا الأسواق الخيرية لتوفير الدعمِ المالي لمشروعِ المقاومة».
«عطاء متجدد»
بدوره، تحدث العميد الأسبق للكلية الدكتور علي الدين هلال عن الفترة التي عاشتها الدكتورة سعاد الصباح في مصر، وعن وفاة ابنها البكر مبارك.
وعن مواقفها، تطرق هلال إلى تطوعها خلال حرب أكتوبر بالهلال الأحمر المصري، وزيارتها للجنود الجرحى. ثم عرج إلى علاقتها الراسخة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية التي تخرجت فيها، لافتاً إلى تمويلها برنامجاً في الكلية للبعثات السنوية للدراسة بدأ بميزانية مئة ألف دولار، وتمويلها إقامة مكتبة رقمية في الكلية، كانت الأولى من نوعها في مصر، وكذلك تمويلها لرسوم دراسة الطلبة الفلسطينيين في الكلية، مردفاً بالقول: «سعاد الصباح عطاء متجدد وولاء لا ينقطع، ونبادلها حباً بحب ووفاء بوفاء».
«مبادئ سامية»
قال الدكتور أحمد يوسف إن الدكتورة سعاد الصباح إنسانة ذات مبادئ سامية، وهو ما انعكس على علاقتها بالكلية التي درست فيها، وعلى مصر التي عشقتها، فقد تميزت بوفائها لكليتها ولمصر ولزوجها الراحل سمو الشيخ عبدالله المبارك الصباح، ولأمتها العربية عامة.
«ملتقى المبدعين»
تطرّق الروائي يوسف القعيد إلى المكافآت المجزية التي كانت تدفعها الدكتورة سعاد الصباح للكُتّاب والباحثين خلال إنشاء «دار سعاد الصباح للنشر» في مصر، مشيراً إلى أن الدار كانت ملتقى حقيقياً لكل المبدعين العرب.
وكانت سعاد الصباح عاشت لسنوات في القاهرة، وارتبطت بعلاقة حميمة مع جمهورية مصر العربية عموماً، وبكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على وجه الخصوص، إذ كانت من خريجات الدفعة الأولى فيها.