منتجون ومخرجون ومُؤلّفون أكدوا لـ «الراي» أنه قد يصبح «هبّة»
الذكاء الاصطناعي... بلا مشاعر درامية !




















هل تقتحم تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) الدراما الكويتية؟ وتكون سبباً لفقدان العديد من العاملين في الوسط الفني... للمهنة التي يفضلونها؟
هذا ما طرحته «الراي» على عدد من المنتجين والمخرجين والمؤلفين، لمعرفة رأيهم الشخصي حيال الأمر، وعمّا إذا كانوا يُمانعون أو يوافقون على استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمالهم!
ففي ظل ما يحصل في العالم حالياً من استخدامات متعددة لتلك التقنيات في جميع مجالات الحياة، ومنها مجال الفن، على غرار ما حدث خلال الموسم الرمضاني الفائت في مسلسلي «الحشاشين» و«حق عرب»، إلى جانب أعمال لا تزال تُصنع بـ«الذكاء» بأقل تكلفة وبلا جهد، رأى المشاركون في هذا الاستطلاع، أن الأعمال «المصطنعة» وإن بدت محبوكة جداً، فإنها بلا مشاعر...
باسم عبدالأمير: لا أُفضّل استخدامه في أعمالي
اعتبر المنتج والفنان باسم عبدالأمير أنه «كمنتج، لا أفضل استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الدراما، لأن (حلاتها الدراما تكون طبيعية منها وفيها). ونحن كما هو متعارف عليه في طبيعة الحال، نستخدم في أعمالنا الدرامية مثل الغرافيك (CGI) إلى جانب الخيال والتقنيات الحديثة التي تساعدنا على تقديم عمل متكامل».
واسترسل «على الصعيد الشخصي، لا يمكنني حتى اللحظة معرفة ما هي إيجابياته أو سلبياته، وإجاباتي عن هذا الأمر ستأتي عند مشاهدتي لعمل درامي على أرض الواقع تمت صناعته من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي».
حسين دشتي: مرآة جديدة أمام الفن
قال المخرج والمنتج حسين دشتي إن «الفن مرآة تعكس الحياة، والذكاء الاصطناعي اليوم مرآة جديدة نضعها أمام الفن، فقد أصبح له دور متزايد في صناعة الدراما والأفلام، ويمكن استخدامه بطرق متنوعة لتحسين الجوانب الإبداعية والتنظيمية على السواء».
وأضاف أنه «من إيجابيات الذكاء الاصطناعي في الدراما، تحسين المؤثرات البصرية (VFX) والصوتية بفضل تقنيات التعلم العميق، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء مشاهد مُعقدة، ومؤثرات بصرية وصوتية، وحتى شخصيات افتراضية تبدو واقعية من دون الحاجة إلى تكاليف ضخمة أو وقت طويل، كما يُساعد في التصوير الافتراضي والمعاينة السريعة لتحضير لقطات أولية أو رسوم تخطيطية قبل البدء في التصوير، ما يسهم في توفير الوقت والتكاليف وتحسين عملية الإخراج».
وأكمل «أما السلبيات، فتتمثل في التأثير على العمالة البشرية، لأن الاعتماد الزائد عليه قد يقلّل من الفرص المتاحة لبعض العناصر، كما أنها تفتقر إلى الحسّ الإنساني. وعلى الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم الأنماط والإحصاءات، إلا أنه يفتقر إلى القدرة على التقاط العواطف والتفاصيل الدقيقة التي تميّز الإبداع البشري، مثل الحساسية تجاه الثقافة والتجارب الحياتية، إضافة إلى التكرار وفقدان الأصالة»، مشيراً إلى أن «الذكاء الاصطناعي يتعلم من البيانات الموجودة، ما قد يؤدي إلى تكرار أنماط مكررة وإنتاج أعمال تفتقر إلى الابتكار والأصالة التي يجلبها الإنسان عادةً».
خالد جمال: سيكون له دور فعّال
رأى المخرج خالد جمال أن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور فعّال جداً في صناعة الدراما، لناحية كتابة السيناريو وتحليل الشخصيات، وهذا الشيء سيمنح كتّاب المسلسلات نوعاً جديداً من الثقافة والمعرفة، بحيث سيتعلم الكاتب «غير المتعلّم» آلية رسم خطوط المسلسل وتفصيل الأحداث والعوامل النفسية لكل شخصية، إلى جانب اقتراح الأفكار المساندة للأحداث.
وأكمل جمال «من جانب الإخراج، من الممكن أن يُساهم في تثقيف المخرج الجديد ببعض الأمور الفنية غير المتاحة للبعض، لناحية الصورة والكاميرا والأدوات المستحدثة في التصوير».
وختم قائلاً: «كما أرى أن الذكاء الاصطناعي أخطر على البشرية من أيّ سلاح فتّاك، كونه يُسبب تخلفاً عقلياً ويلغي استخدام العقل، خصوصاً أن مجال الإعلام بشكل عام، يعتمد العمل به على الإبداع والتميّز وخلق أفكار وطرق جديدة، لكن في المستقبل القريب سنصبح أداة بيد الذكاء الاصطناعي».
جميلة جمعة: قصة... بلا إحساس حقيقي
رأت الكاتبة الدرامية جميلة جمعة أن «الذكاء الاصطناعي قد يعطي قصة، لكنه لن يعطي إحساساً حقيقياً أو مشاعر، ومن الممكن أن يعطي مواقف، في المقابل لن تكون من واقع وصلب حياتنا أو مجتمعنا، وربما أنه يستطيع إكمال حدوتة ما، لكنها بلا شك ستكون خالية من هويتنا وبيئتنا، ولن يراعى فيها الدين والقيم، والسبب أن الكمبيوتر أو الذكاء الاصطناعي لن يصل إلى مرحلة إيصال دموع الأم، وآلام الجدة والوالدين والأطفال وحزن الجيران، والخوف الذي نعاني منه مع كل معاناة حرمان وغربة وفقط».
وأكملت «بالنسبة إليّ، من الممكن أن أقارن العمل الإلكتروني بالإنساني في كل المجالات العلمية، لكن عندما نصل إلى الكتابة، حينها يفوز الإنسان لأن له قلباً ينبض وشعوراً وحباً، ويفيض أحاسيس تهذبها الروحانيات والأخلاق والتجارب الحياتية».
محمد النشمي: الدراما ليست ماذا حدث... بل كيف حدث
أوضح الكاتب الدرامي محمد النشمي أنه «من الممكن للذكاء الاصطناعي أن يقترح علينا ككتّاب أفكاراً لمسلسلات درامية أو كوميدية وحتى بوليسية وغيرها، إلى جانب منحنا عناوين مع أحداث متعددة ومتشابكة وفق تسلسل، ورغم ذلك لا أعتقد أنه ينفعنا كونه يأتي خالياً من المشاعر».
ومضى يقول: «الدراما ليست ماذا حدث، بل كيف حدث، إذ لا يهم الحدث بقدر ما تهم المشاعر التي نوصلها إلى المتلقي، فهي لعبة مشاعر ما بين الكاتب والمشاهد. والذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يقدمها، بالتالي من الصعب استخدامه في عملنا. ولا أخفي القول إنني حاولت منذ ظهور تقنية الذكاء الاصطناعي في الساحة، كوني في الدرجة الأولى أحب الاطلاع على كل ما هو جديد، معرفة مدى إمكانات هذه التقنية التي باتت تغزو العالم، فهل سوف نصل في يوم من الأيام لمرحلة الاستغناء عن الكاتب؟».
وختم النشمي «قد يصبح استخدام الذكاء الاصطناعي هبّة خلال الفترة المقبلة، وقد تتم الاستعانة به في الخارج لتأليف فيلم أو مسلسل، لكن لا أتوقع أن هذا الأمر قد يحصل لدينا هنا. إلى جانب ذلك كله لا أتوقع استمراره طويلاً، لأن الأعمال الفنية قائمة على المشاعر الحقيقية».
حمد الرومي: لن يعكس واقعية المجتمع
لم يحد الكاتب الدرامي الدكتور حمد شملان الرومي، عن رأي زميله محمد النشمي، قائلاً: «لا شك أن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يعطي نصاً درامياً أو مسرحياً حتى، أو أن يمنح فكرة وحواراً وسيناريو متكاملاً، لكنه في المقابل لا يمكنه أن يصنع أبعاداً ولا مشاعر إنسانية حقيقية، كما أنه لن يعكس واقعية المجتمع».
وزاد «الكلمة لو نَبَعت من قلب الكاتب، فهي بلا شك ستصل إلى قلوب الجمهور مباشرة، في حين ستجد أن الكلمة المُصطنعة ستمر مرور العابرين من دون أن تحرك ساكناً في المتلقي. لذلك، ومن وجهة نظري لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيحقق النجاح في مجال تأليف النصوص».