هل تغيّر الجمهور الكويتي؟!

صالح الدويخ
صالح الدويخ
تصغير
تكبير

الجمهور الكويتي، ذلك الجمهور الذي كان يوماً معياراً للذائقة الفنية في الخليج العربي، يبدو اليوم مختلفاً عن صورته التي عرفناها في العقود الماضية.

لطالما كان المسرح الكويتي رائداً في تقديم قضايا جريئة وأعمال تلامس القاع الاجتماعي والسياسي بأسلوب فني يجمع بين العمق والجرأة، وكانت تحمل سقفاً عالياً من الحرية، حيث سمحت بطرح أفكار قد تكون صادمة للبعض، لكنها كانت دائماً تنبض بصدق فني يراعي احترام الدولة والمجتمع. السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل ما زال الجمهور الكويتي كما كان؟ أم أن التحولات الاجتماعية والثقافية قد أعادت تشكيل أولوياته وتطلعاته؟

في الماضي، كان الجمهور الكويتي يُعرف بذائقته الفنية الرفيعة، وبتفاعله الحيوي مع الأعمال التي تنبش أعماق الواقع، حتى لو كانت تحمل طابع النقد اللاذع أو الكوميديا الجريئة، إلا أنه الآن يبدو أكثر ميلاً للبحث عن الترفيه الآني والسريع، هناك تركيز ملحوظ على الأعمال التي تُقدم جرعات من الكوميديا الخفيفة أو المواضيع التي لا تحمل تعقيداً فكرياً، لذلك لم يعد الجمهور مستعداً لتحمّل أعباء التفكير العميق أو مواجهة مواضيع قد تُحرج الراحة النفسية التي اعتاد عليها.

هذا التحول ليس محصوراً فقط في المسرح؛ بل انعكس على الدراما التلفزيونية أيضاً. ما كان يُعتبر يوماً دراما جريئة ومتنوعة أصبح محصوراً في قوالب مكررة ومواضيع محدودة لا تتجاوز قضايا الأسرة أو العلاقات الشخصية، وهناك غياب ملحوظ للمغامرة الإبداعية التي لطالما شكلت هوية الفن الكويتي.

لا يمكن إغفال الجانب الاقتصادي أيضاً، فالإنتاج الفني اليوم بات محكوماً بمعادلة الربح والخسارة، المنتجون يفضلون المواضيع التي تضمن جماهيرية واسعة، حتى لو كان ذلك على حساب ما يقدم، الأعمال المسرحية التي كانت تقدم سابقاً بأهداف فنية بحتة أصبحت نادرة، واستبدلت بعروض تهدف لإرضاء الطلب السريع للجمهور والربح الأسرع.

المسرح الكويتي للأسف بات أشبه بنسخة مكررة من الدراما التلفزيونية، بأفكارها المحدودة ومواضيعها المكررة، ومع ذلك لا يمكن تحميل الجمهور وحده مسؤولية هذا التغير، فالفن كما الجمهور يعكس روح المجتمع وثقافته في لحظته الراهنة.

ربما يكون السؤال الأهم اليوم: هل يمكن استعادة ذلك الجمهور المتعطش للفن العميق والجريء؟

الإجابة تكمن في قدرة المبدعين على تقديم أعمال جديدة تستعيد تلك الروح، من دون التنازل عن الجودة أو احترام القيم المجتمعية.

نهاية المطاف: الفن ليس مجرد مرآة للمجتمع... بل أداة لتغييره.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي