من الخميس إلى الخميس

ميل غيبسون والسرطان

تصغير
تكبير

الصحة والمرض يُشكّلان محور حياة الإنسان، الصحة تعني القوة والمرض عنوان الضعف، الصحة تهِبُ الأملَ والمرض يُصاحبه الضّعف، ومن أجل الحفاظ على الصحة والابتعاد عن المرض كان علم الطب وما يدور حوله من علوم وأبحاث، كما يتم إنفاق المليارات من الأموال الصعبة، ويتخصّص ملايين البشر في مجال الصحة والمرض، ولن تجد حول العالم إنساناً يبدأ التحية لآخر إلا ويُتبعه بسؤال عن صحته.

قبل أيام استمعت إلى مقطع فيديو تابعه أكثر من ستة ملايين إنسان حول العالم في أربعة أيام فقط، الفيديو المنتشر على منصة (اليوتيوب) هو مقابلة طويلة أجراها جو روغن، (Joe Rogan) وهو ممثل كوميدي ومضيف بودكاست، مع النجم الأميركي ميل غيبسون، ( Mel Gibson) ومدة المقابلة استغرقت نحو ساعتين وثلث الساعة، تكلّم فيها النجم عن فلسفته في الحياة وكثير من الميتافيزيقيا (فلسفة ما وراء الطبيعة) كما عرج في الدقيقة 95 من المقابلة ليتحدث عن الصحة والمرض، واختار السرطان (المرض المزمن المعروف) ليُعطي لقاءه جاذبية خاصة، ويخلق موضوعاً للخلاف والنقاش.

الممثل الأميركي، تحدّث عن شفاء مجموعة من معارفه كانوا، كما يدعي، في المرحلة الرابعة للسرطان، وأنهم، أي المرضى، تخلّصوا من المرض بأخذ دواء (افيرمكتين) ودواء (البندازول) وكلاهما دواء لعلاج (الطفيليات) وأولهما تم استخدامه لـ «كوفيد-19»، كما ذكر بعدها دواء (الميثيلين بلو) (Methylene Blue) ويستخدمه الأطباء عادة كصبغة لتتبّع خلايا السرطان وليس للعلاج المباشر للسرطان، وهذا الدواء يُستخدم أيضاً لعلاج ارتفاع نسبة الميتهيموغلوبين بالدم.

كلام الممثل الأميركي يجب ألاّ يأخذه المتابعون على محمل الجد، فهو ليس مختصاً، ويمكن لأي مريض بالسرطان أن يحاسبه، أو حتى يقاضيه لمثل هذه الادعاءات التي قد تضر مَن يُصدّقها لا سيما أنها جاءت من نجم سينمائي قد يتأثر به البعض.

من ناحية أخرى، استغّل جو روغن، ما قاله غيبسون، ليُضيف معلومة حول علاقة الميثيلين بلو بـ(الميتوكوندريا) وهي عضيات خلوية أساسية مسؤولة عن توليد الطاقة، والأبحاث في هذا المجال مُنصبّة على الأمراض التنكسية العصبية وتحسين عملية التمثيل الغذائي.

وقد جاء تعليق مسؤول المقابلة مصاحباً لموضوع كَثُرَ عليه الجدل منذ فترة طويلة وهو علاقة الأموال والكسب المادي في تصنيع الدواء، وعلى السؤال القديم حول مدى صحة تلاعب شركات الدواء ومعاهد الأبحاث التابعة لتأثير تلك الشركات، تلاعبهما في تجنب توفير أدوية غير ربحية للأمراض وأهمها مرض السرطان، هذا الشقّ من المقابلة يمكن أن يُستفاد منه لإعادة إحياء الجدل القديم لتسليط الضوء على استغلال المرض من أجل الكسب المادي، وعدم الاهتمام والتركيز على البدائل الرخيصة لمعالجة الأمراض.

لقد كانت المقابلة ثرية بالمواضيع الجدلية، وأيضاً فيها معلومات بعيدة عن العلم القائم على البراهين، لا سيما حول مرضى السرطان، وعلى من يستمع لهذه المقابلة أن يأخذ المعلومات المتعلقة بمرض السرطان بمنتهى الحذر، لا سيما في مفهوم استخدام أدوية لم يتم اعتمادها لعلاج هذا المرض.

إنها الصحة أعزّ ما يملك الإنسان، لهذا، لا بد من الاهتمام بها وبتوفير الدواء الصحيح لمن يفقدها وبأرخص الأسعار، من أجل هذا لا بد ألا تمر مثل هذه اللقاءات الشهيرة دون التذكير بمواضيع الصحة، وكيفية إنقاذ ملايين البشر ممن لا يملكون ثمن الدواء الذي تزداد أسعاره ارتفاعاً كل عام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي