ترقُّبٌ في بيروت لوفود خليجية... والرئيس الفرنسي يزورها قريباً
«ماراثون» رئاسة الحكومة في لبنان اليوم... هل يعود ميقاتي بـ «نسخة 2025»؟
- مستشار ترامب للأمن القومي: انتخاب عون رئيساً... خطوة إيجابية
- الشرع تمنّى للرئيس عون التوفيق في مسؤولياته الجديدة
يكمل مسار إعادةِ تشكيلِ السلطة وإطلاق عجلة المؤسسات، حلقتَه الثانية اليوم، مع تكليف الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزف عون والتي يُفترض أن تكون امتداداً، في شكلها وتوازناتها وبرنامج عملها، للمواصفات التي حَكَمَتْ إنجازَ الاستحقاق الرئاسي بدفْعٍ عربي ودولي كبيرٍ أرسى ما يشبه الحاضنةَ لولادة «لبنان الجديد» على الموجةِ نفسها مع الشرق الجديد.
وعشية الاستشارات النيابية المُلْزِمة التي ستنتهي بتسمية الرئيس المكلف، اليوم، كانت أسهم رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي هي الأعلى لتشكيل رابعة حكومة له (بعد 2005 و2011 و2021 وهي الحكومة التي تحوّلت منذ نوفمبر 2022 لتصريف الأعمال)، وإن هذه المرّة على مسرحٍ سياسي استعاد معه الواقعُ اللبناني توازنَه الإستراتيجي الذي تمّ قَضْمَه تباعاً منذ نحو 20 عاماً على متن التحولات في الإقليم التي شطبتْ نظام بشار الأسد من المعادلة وأضعفت «حزب الله» وأفْقَدَتْه «وزنه» كناظِمٍ سياسي وأمني في «بلاد الأرز» من ضمن انحسارٍ متدحرج للدور الإقليمي لإيران التي باتتْ «الحروب» التي اشتعلت فتائلها من «طوفان الأقصى» مرشّحةً لأن تدور آخر جولاتها ربما في عقر دارها وعلى... رأسها.
وحتى أولى ساعات مساء أمس، راوَحَ المشهدُ بين:
- تهان مسبَقة لميقاتي وُجهت إليه وانطلقتْ من «اقلاعه» في الاستشارات بأكثر من 50 صوتاً يَضْمَنها.
- متريّثون أبدوا «نياتٍ» بتسمية ميقاتي واتّخذوا وضعيةَ انتظارِ «مناخاتٍ» خارجية وهل ستهبّ رياحٌ تحمل «لا» لهذا الخيار ما يحتّم عليهم عدم السير به.
- معارضةٍ كانت حسمت أمرَها بالتصويت للنائب فؤاد مخزومي باعتبار أن عودة رئيس الحكومة الحالي ستشكّل «نكسةً» لعهد جديد لا يمكن أن ينطلق بعدّة شغل تنفيذية من «الزمن الذي تحوّل»، وبقي السؤال هل سيكون متاحاً جذْبها في ربع الساعة الأخير إلى خيار القاضي نواف سلام الذي أبدى استعداداً كما نُقل عنه لتولي رئاسة الحكومة اذا استطاعت الكتل النيابية تأمين تسميته والذي قد يشكل نقطة تقاطُعٍ بين المعارضة ونواب تغييريين ومستقلّين (نحو 10) يدعمون النائب إبراهيم منيمنة الذي أكد جاهزيةً لسحْب ترشحه (غير الملزم دستورياً) لمصلحة رئيس محكمة العدل الدولية، بما يُخْرج المعارضة من دائرة «معركة خاسرة» مسبقاً إلى منازلة أكثر توازناً.
وفي حين انشدّت الأنظارُ إلى اجتماع كتلة «اللقاء الديموقراطي» التي يترأسها النائب تيمور جنبلاط، باعتبار أن تسميتها ميقاتي أو سلام، تُعْطي مؤشراً إلى إمكان إحداث أي خلْط أوراق في الدقائق الخمس الأخيرة أم إلى أن «ما كُتب قد كُتب» باسم ميقاتي، فإنّ ترقباً لا يقلّ أهمية ساد لِما سيَعتمده «التيار الوطني الحر» بقيادة النائب جبران باسيل الذي اعتُبر الخاسر الأكبر محلياً بانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، وهل يلجأ للسير «عَكْس تيار نفسه» بتأييد ميقاتي أم يكتفي بعدم تسمية أحد لترْك الباب موارَباً أمام إمكان التحاقه بالحكومة العتيدة، أياً كان شكلها ورئيسها، وتالياً تفادي «الهزيمة الكاملة» ليس فقط بالمعنى الداخلي الصرف بل بالبقاء على هامش مرحلة يتشكّل فيها نظام إقليمي جديد.
وتوقفت أوساط متابعة في بيروت عند مجاهرة نواب بانتظارِ ما ستحمله اتصالاتٌ خارجية، وبروز أجواء عن تريُّثٍ حتى الساعات الأخيرة لرصد هل ستكون هناك «كلمة سر» عربية أو دولية تدفع في اتجاه هذا الخيار أو ذلك لرئاسة الحكومة، معتبرةً أنه بعد المسار الذي اعتُمد في رئاسة الجمهورية وطغتْ فيه الدينامية الخارجية على الداخلية، بفعل قصور الأطراف المحلية على مدى 26 شهراً كانت مرشَّحة لأشهر إضافية عن اجتراح مخرج من الفراغ، بدا عدد من النواب «تائهين» أو في ما يشبه «عمى الألوان» عاجِزين عن تفكيك الأبعاد العميقة ومرتكزات «المعجزة» التي استولدت رئيساً للبنان وغير قادرين على إمساك قرارهم بأنفسهم في ما خصّ ما سيكون على صعيد الحكومة العتيدة بدءاً من رئيسها.
ورأتْ هذه الأوساط أن محاولة بعض الأطراف الزجّ باسم المملكة العربية السعودية، سواء لتأكيد وجود غطاء لمعاودة تكليف ميقاتي أو الحديث عن إمكان وصول «إشارة فيتو» عليه، ينمّ عن سوء فهْمٍ لدور الرياض التي تلتزم عدم التدخلِ في الشأن اللبناني وشاركتْ في الدفْع متعدد البُعد لإنهاء الفراغ الرئاسي تحت سقف دور «مجموعة الخمس حول لبنان» بهدف وضْع لبنان على سكة الخروج من النفق المظلم، في حين يَبقى على اللبنانيين تقدير وتحديد الخطوات التالية انطلاقاً من الثوابت التي عبّر عنها خيار قائد الجيش رئاسياً على المستوييْن السيادي والإصلاحي والتأسيس لمرحلة جديدة على هذين المستويين يحكمها اتفاق الطائف وتوازناته الدستورية والمؤسساتية واتفاق وقف النار مع اسرائيل وتطبيق القرارات الدولة.
وإذ لا تقلل الأوساط من أهمية اسم رئيس الحكومة، كونه يعبّر عن مدى تَرَسُّخ «النهج الجديد» الذي أُريد أن يعبّر عنه انتخاب عون، رأت أن عودة ميقاتي لن تعني بالضرورة «تَسَلُّل» الزمن القديم إلى «لبنان الجديد» ومنْح الثنائي الشيعي (حزب الله ورئيس البرلمان نبيه بري) الذي يؤيّد هذا الخيار «نقاطاً تعويضية» عن خسائره المتراكمة، مشيرةً إلى أن «بلاد الأرز» صارت تحت مظلة رافعة خارجية تشكّلها التحولات الجيو - سياسية الهائلة وبما يجعل أي رئيس وزراء ينضوي في كنفها ويعمل بموجبها وعلى مقياس تأثيراتها المتدحرجة ومضطراً لتقديم نفسه بـ «نسخة 2025» وما فوق.
وترى الأوساط نفسها، أن المعيار الحقيقي لمدى «التوأمة» بين رئاسة عون وأبعادها وبين أول حكومات عهده، سيكون شكل الحكومة التي يُستبعد جداً أن تكون سياسية، وهل تتكرّر فيها المحاصصاتُ، وهل يعود فيها الثلث المعطّل المعلَن أو المضمر، وهل يتضمّن بيانها الوزاري عودة إلى مثلث «جيش وشعب ومقاومة» بأي صيغة، وهل تعمّق تكريس وزاراتٍ لطوائف أم يكون مثلاً إبقاء حقيبة المال مع المكون الشيعي (عبر الحاكم الحالي لمصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري) من بابٍ تقني تفرضه المرحلة.
وتشير هذه الأوساط إلى أن هذا هو المحكّ الفعلي للحكومة العتيدة التي تشكّل أيضاً سرعة تأليفها أحد مؤشرات «التغيير الحقيقي»، وهذا ما ستكون عيون المجتمعين العربي والدولي عليه لبدء ترجمة الاحتضان غيرالمسبوق المستعاد للبنان، والذي سيتكرّس تباعاً مع زيارات مرتقبة هذا الأسبوع لوفود رفيعة سعودية ومن دول خليجية أخرى، وسط ترقب وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الأيام المقبلة.
في موازاة ذلك، تلقى الرئيس عون أمس، اتصالاً من قائد الإدارة الجديدة في سورية أحمد الشرع هنأه فيه بإنتخابه متمنياً له التوفيق في مسؤولياته الجديدة، ومؤكداً على ما يجمع الشعبين السوري واللبناني من علاقات أخوية.
وشكر عون للشرع تهنئته، مشدداً على أهمية التعاون لمعالجة كل المسائل العالقة بين البلدين.
وفي واشنطن، اعتبر مايك والتز، مستشار الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب للأمن القومي، ان انتخاب جوزف عون رئيساً للبنان «خطوة إيجابية».