«حزب الله» ينتظر عودة مستوطني الشمال لفرض انسحاب إسرائيلي كامل... إذا تعثر الاتفاق

قوات إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية
قوات إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية
تصغير
تكبير

مع موافقة الغالبية النيابية على انتخاب العماد جوزف عون، رئيساً للجمهورية اللبنانية، يبقى الوضع العسكري، يضيف حالة من اللاستقرار طويل الأمد، ممزوجة بدمار هائل لمئات الآلاف من الوحدات السكنية المدمرة والمتضررة والتي تحتاج لإعادة إعمار شاملة، ولو ببطء.

وفي الوقت عينه، يقترب موعد انسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلية من القرى والتلال التي احتلتها في الحرب الأخيرة والذي من المتوقع أن يكتمل، لكن مع تكهنات بإبقاء بعض النقاط في مرتفعات تعتبرها حساسة.

إلا أن ذلك، إن حصل، من شأنه أن يقدم لـ«حزب الله» الفرصة لمعاودة نشاطه العسكري، لكن ليس قبل عودة عشرات آلاف المستوطنين إلى المناطق الشمالية المحاذية للحدود اللبنانية والتي أفرغت خلال الحرب.

منذ الثامن من أكتوبر 2023 وعند دخول «حزب الله» حرب الإسناد للشعب الفلسطيني، خضع نحو 60 ألفاً من مستوطني شمال إسرائيل لأوامر إخلاء رسمية بسبب التهديد المباشر الذي شكله الحزب من خلال هجماته الصاروخية والمسيرة.

إضافة إلى ذلك، اختار نحو 30 ألفاً آخرين مغادرة المناطق الشمالية طوعاً. وقد شكل ذلك سابقة فريدة من نوعها تطلب فيها الحكومة الإسرائيلية الإجلاء الإلزامي، رغم أنه، في حرب عام 2006، غادر نحو نصف المليون مستوطن بنحو طوعي مناطق الشمال خوفاً من امتداد الحرب إليهم.

وتستهدف حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تاريخ الأول من فبراير، كتاريخ محتمل لبدء تسهيل العودة الآمنة لكل المناطق بعمق ثلاثة إلى خمسة كيلومترات داخل الحدود.

وتشير التقارير إلى أن أكثر من 2800 مبنى تضرر في مناطق المستوطنين بما في ذلك المباني السكنية والمرافق العامة والبنية التحتية الزراعية، وقد قدمت حكومة نتنياهو مبلغ 15.000 شيكل (4120 دولاراً) كمحفز لعودة المهجرين وتخفيف العبء على الخزينة التي تتحمل تكاليف إقامة هؤلاء في الفنادق والمناطق الداخلية.

ولغاية اليوم، لا يعلم مستوطنو الشمال متى يمكنهم إعادة افتتاح النظام التعليمي والعودة بسبب الأضرار الجسيمة، وليس قبل إعادة البناء واستعادة البنية التحتية وتقديم ضمانات بالسلامة المستدامة.

لكن يبدو أن نصف سكان مستوطنات الشمال لم يقرروا العودة إلى مناطقهم، وأعداد كبيرة منهم لا تريد العودة أبداً. وهذا من شأنه أن يسلط الضوء على الافتقار إلى الثقة في قدرة الحكومة على ضمان الأمن المفقود والهش والخوف من قدرات «حزب الله» التي لم تدمر.

لكن أي عودة ولو لبضعة آلآلاف من المستوطنين، يعطي الحزب الضمانة الكافية بأن أي بقاء قوات الاحتلال داخل الأراضي اللبنانية، سيقابلها هجوم للمقاومة على المواقع العسكرية، مع درجة من الاطمئنان بأن إسرائيل لن تستهدف العمق اللبناني أو تعرض سكان الجنوب أو البقاع أو ضاحية بيروت للانتقام.

إذ إن ليس من مصلحة «حزب الله»، الرد من اليوم الأول، على خرق إسرائيل لاتفاق الانسحاب الكامل، بل حتى يتأكد له، عودة المستوطنين، ليصبحوا تحت مرمى النار، إذا ما قررت تل أبيب استهداف المناطق اللبنانية المأهولة.

وهذا ما عناه الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير بأن رد المقاومة تحدده هي، من دون الالتزام بموعد أو ساعة محددة.

ومن المؤكد أن الحزب يهتم بتأمين عودة النازحين اللبنانيين لقراهم. وقد وافق في اليوم التالي لإعلان نتنياهو الاستباقي بوقف الأعمال العدائية، لرغبة المقاومة بإنهاء الحرب المدمرة التي لم يشهد لها لبنان مثيلاً من ناحية الدمار على القرى الجنوبية والبقاعية وعلى الحزب وقيادته ومخازنه.

إلا أن «حزب الله» لن يتأثر ببقاء إسرائيل العسكري في بعض النقاط داخل لبنان، لأن ذلك من شأنه إعطائه الحق بمهاجمة أي موقع محتل ليؤكد لبيئته ولأعدائه، بأنه مازال قادراً على مقاتلة إسرائيل، ولكن فقط إذا استطاع خلق توازن يفرض على نتنياهو أخذه بالاعتبار قبل أن يُقرر فتح النار على القرى الجنوبية والبقاعية.

إضافة إلى ذلك، فإن الاحتفاظ بتلال إستراتيجية يوفر لإسرائيل مزايا استخباراتية للمراقبة والاستجابة السريعة للتهديدات، ولكنه يهدد بإعادة إشعال الحرب المحدودة، ما يعرض مستوطني الشمال للخطر مجدداً، ويحد من احتمال بقائهم مستقبلاً في المنطقة الحدودية، وقد يخلق منطقة فارغة غير صالحة للسكان لمدة طويلة، بعد تآكل الثقة في الحكومة الإسرائيلية وفي أي مفاوضات مستقبلية.

إذاً يبقى الموعد الأساسي في 27 يناير، كموعد نهائي للانسحاب الإسرائيلي إلى مواقع قبل الحرب، بعد وصول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب لتسلم مهامه في البيت الأبيض في 20 الجاري.

ويبقى موعد عودة المستوطنين لمناطقهم كتوقيت مثالي ليعيد «حزب الله» فتح النار على أي موقع تحتله إسرائيل، إذا ما قررت حكومة نتنياهو إبقاء نقاط مستحدثة، أو حتى نقطة واحدة، محتلة.

أما إذا ما قررت إسرائيل الانسحاب النهائي، فإن ذلك من شأنه إعطاء الحزب الوقت الكافي لتعيين القادة من كل المستويات وتحصين أمن المقاومة، الذي كان أحد الأسباب الرئيسية للخسائر الهائلة التي تعرضت لها، وذلك استعداداً للمستقبل وما يمكن أن يخبئه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي