«إعلان نيات» يتدحرج بتأييد قائد الجيش «إذا» و«الخطط ب» على نار حامية

لبنان: المحركات الرئاسية «تشتعل» في ملاقاة الخميس الكبير

العماد عون مستقبلاً هوكشتاين
العماد عون مستقبلاً هوكشتاين
تصغير
تكبير

- هوكشتاين ترأس اجتماع لجنة وقف النار وباشر اتصالات رئاسية بعد محطته في الرياض

... هل تكون الجلسة رقم 13 لانتخاب رئيس للجمهورية بعد غد خاتمةَ 800 يوم فراغٍ استوطن قصر بعبدا منذ أن غادره الرئيس 13 العماد ميشال عون في 31 اكتوبر 2022؟

سؤالٌ يكاد لا يُضاهيه شيءٌ في لبنان الذي يترقّب «الخميس الكبير» بوصفه حَداً فاصلاً، ما بعده ليس كما قبْله، سواء تصاعَدَ الدخان الأبيض أم بقيتْ صندوقةُ الاقتراع الزجاجية «كاتمةَ الأسرارِ» والأصواتِ في انتظار مزيد من الانضاج وربما... الانهاك.

48 ساعة كأنها 24 شهراً في ما ستشهده من إدارة محركات الاتصالات الداخلية والخارجية بأقصى قوة تكملةً لمسارٍ من مفاوضاتِ ما وراء الستارة بدأ خصوصاً قبل أسبوع، واتخذ أبعاداً ما فوق عادية مع زيارة الأيام الثلاثة التي قام بها الأمير يزيد بن فرحان، المكلف الملف اللبناني في الخارجية السعودية، قبل أن يحطّ في بيروت أمس الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بـ «قبعتيّن»:

- الأولى ترتبط بمآل اتفاقِ وقف النار بين لبنان وإسرائيل مع اقتراب نفاذ هدنة الستين يوماً (27 الجاري) والحاجة إلى تدعيمها سواء بتمديد لا يقل عن شهر أو تسريع الخطى إسرائيلياً للانسحاب إلى ما وراء الخط الأزرق ومن حزب الله للتراجع الى ما وراء جنوب الليطاني وتفكيك بنيته العسكرية في هذه الرقعة وتسلُّمها بالكامل من الجيش اللبناني.

- والثانية تتصل بالملف الرئاسي الذي يقترب من «ساعة الحقيقة» بعد غد، وسط ضغطٍ عربي ودولي لإنجاز الاستحقاق في جلسة الخميس مع اعتبار قائد الجيش العماد جوزف عون الأكثر تطابُقاً مع مواصفاتٍ مرسومةٍ خارجياً لشخصيةٍ تشبه المرحلة الانتقالية نحو «لبنان جديد»، ومرتكزاتها بناء الدولة والإصلاحات والتزام اتفاق الطائف بكل مندرجاته، على أن يبدأ التعبير عن هذا «المثلث» بمسار الانتخاب بعيداً من أي منطق صفقات أو محاصصات على حساب المؤسسات، إلى جانب رعاية تطبيق القرار 1701 كاملاً وعملية العودة بالبلاد إلى معايير الشفافية وقفل مزاريب الهدر والفساد، وذلك كـ «ممرّ آمن» لأي دعم مالي لابد أن يستند أيضاً على مصالحة «بلاد الأرز» مع محيطها العربي بعد الانحراف الكبير بفعل الانجراف إلى المحور الإيراني.

ومع قلْب «الساعة الرملية» رئاسياً، لم يكن ممكناً الجزم بمآلات جلسة الخميس، وهل تكون:

سيناريوهات

- استعادة لسيناريو 2008 حين انتُخب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان بغالبية ما فوق الثلثين (86 صوتاً) من الدورة الأولى (نال 117 صوتاً من 128) ما اعتُبر أكثريةً «تمحو» العيبَ الدستوري (كانت أسقطته أصلاً دراسة دستورية للوزير السابق بهيج طبارة بناء على طلب الرئيس نبيه بري) بعدم جواز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في الإدارات والمؤسسات العامة كرؤساء إلا بعد سنتين من تقديم استقالتهم أو إحالتهم إلى التقاعد.

- أو تكراراً لسيناريو معركة «الصوت الواحد» الوحيدة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان التي كانت وقعت في 1970 وفاز فيها سليمان فرنجية وشكلت بمسارها ومناوراتها والقطب المخفية فيها مفاجأةً بامتياز، وفي مثل هذا السيناريو تبرز حظوظ أسماء مثل الوزير السابق جهاد أزعور، من دون إغفال أوراق مستورة ستُكشف في الساعات المقبلة.

- أو استجراراً، وعلى مرأى سفراء وممثلي دول العالم تحت قبة البرلمان الذين سيحضرون إليه، لجولات جديدة من «جلساتِ الـ لا انتخاب»، ولكن التي يُخشى أن ترتّب هذه المرة تداعياتٍ خارجية لا قدرة للبنان على تَحَمُّلها، هو العالق بين «مطرقة» حربٍ إسرائيلية يُخشى أن تتجدّد بعد هدنة الستين يوماً ما لم يتم «تنظيم» الباقي من أيامها بما يضمن «مهلة إضافية» أو «اختصار المسافات» بـ «الانسحابات المتبادَلة»، وبين سندان إعادة إعمار ما هدّمتْه الأيام الـ 65 المجنونة والتي لا تملك بيروت أي «قرش أبيض» لتمويلها هي التي تتوالي عليها الأعوام السود منذ 2019 حين وقعت البلاد بين «فكيّ قرش» الانهيار المروع.

تضييق الفجوات

ولأن هذا ما هو المحكّ في الخميس المنتظَر، تكثّفت الاتصالات الداخلية أمس، وعلى مدار الساعة، بين الكتل وداخلها، وبين النواب المستقلين والوسطيين والمتأرجحين، في محاولةٍ لتضييق الفجوات وإنجاز أرضية داخلية يُفضَّل أن تكون على «الموجة نفسها» مع المجتمع الدولي، وسط رصْد الوقائع الآتية:

- بروز ملامح «إعلان نيات» من عدد متعاظم من النواب والكتل باستعدادٍ لانتخاب العماد جوزف عون إذا كان ثمة توافق عليه، وهو ما راوحت قراءته بين أنه إما تعبير عن اقتناعٍ حقيقي بهذا الخيار وترْك حسم التصويت له stand by لحمايته، وبين أنه في إطار مناوراتٍ وتَهيُّبِ الظهور كمَن عرقل مساراً له رافعة خارجية وازنة وتالياً سيتحمّل التبعات المحتملة لنسْفه.

- تحوُّل الرئيس بري (ومن خلفه حزب الله) صاحب «الحل والربط» في خيار قائد الجيش في ضوء رهْن كتل – مفاتيح، وفي مقدّمها «القوات اللبنانية»، موقفها من انتخاب عون (كررت القوات أنها لا ترفضه) بسير بري به بما يضمن أن يعبر عتبة الـ 86 صوتاً، وهو ما بدا مساراً محسوباً يَعتمده الحزب الأقوى مسيحياً، تفادياً لتجريده من الخيارات في ملاقاة جلسةٍ قد تكون ملأى بالأفخاخ ويتعيّن النزول إليها (بخطة ب) تمنع أي تهريبة رئاسية بـ 65 صوتاً بتقاطُع بين مَن يعارضون حتى الساعة وصول قائد الجيش (بري وحزب الله والنائب جبران باسيل) وقد لا يمانعون إمرار رئيس تكون لهم حصة الأسد فيه ولو تحت عنوان الخيار الثالث وبواحد من الأسماء التي إما لا يحبّذها الخارج أو حتى يرفضها.

«عض الأصابع»

- بلوغ عملية «عض الأصابع» حدّ تلميح قريبين من الثنائي الشيعي بأن العماد عون هو مرشح الدورة الأولى فقط، فبحال نال 86 صوتاً وما فوق كان رئيساً وإلا خرج من السباق، وهو ما اعتبرتْ أوساط سياسية أنه محاولة للقول للخارج «أدينا قسطنا» ولا إمكان لإيصاله باللعبة البرلمانية وتالياً نفض اليد من أي «شراكة» في إسقاطه، في الوقت الذي لا مرتكز دستورياً لهذا الطرح خصوصاً أن توافر أكثرية الثلثين يمكن أن يعود ويحصل في أي دورة لاحقة أو جلسة لاحقة، وفي ظل تأكيد نواب أن البرلمان ليس الخميس في معرض جلسة لتعديل الدستور بحيث إذا لم يحصل على الغالبية المطلوبة يَسقط بل هي جلسة انتخاب رئاسية.

- التشابُك الذي بات قائماً بين الملف الرئاسي وقضية الإعمار وهدنة الجنوب ومصير اتفاق وقف النار، وسط انطباعٍ بأن العنوانين الأخيرين قد يشكلان أحد أبواب «الشدّ والرخي» من الثنائي الشيعي الذي يدرك تماماً أن لا «قابلية للحياة» لأي خيار لا يحظى برضى خارجي ولكنه يحتاج إلى ضماناتٍ تتصل بإخراج مناطق واسعة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية من تحت الركام، كما عدم التعاطي في السلطة مع المكوّن الشيعي على أنه مغلوب.

انسحاب إسرائيلي

ولم يكن عابراً أمس، انسحاب الجيش الإسرائيلي من عدد من المناطق في القطاع الغربي من جنوب لبنان تمهيداً لانتشار الجيش اللبناني ولا سيما في منطقة الناقورة، وذلك على وقع مضي تل أبيب في توجيه إشارات متناقضة حيال «اليوم التالي» لانتهاء الهدنة.

فبعدما نقلت القناة 13 أن «إسرائيل ترغب في البقاء ببعض المواقع خارج الحدود الشمالية في لبنان إلى أجل غير مسمى»، كاشفة أن «القيادة السياسية أعلنت في اجتماع عقده بنيامين نتنياهو رغبتها بالإبقاء على وجود إسرائيلي في مواقع بجنوب لبنان»، بالتوازي مع تقارير عن إمكان إقامة منطقة عازلة بعمق نحو ثلاثة كيلومترات، أعربت الحكومة الإسرائيلية عن مخاوفها بشأن الاتفاق مع حزب الله، مشيرة إلى أن هناك مخاطر قد تواجهه في حال عدم انسحاب الحزب من جنوب الليطاني.

وإذ زعمت «أن حزب الله يتواجد في مناطق بجنوب لبنان»، مكررة المطالبة بالانسحاب من تلك المناطق لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، أبدت تأكيدها على الالتزام باتفاق وقف النار مع لبنان، مشيرةً إلى أنه سيتم تنفيذه.

وجاءت «هدية» الانسحاب من القطاع الغربي، والمرونة النسبية من تل أبيب في الكلام عن مصير اتفاق وقف النار، في الوقت الذي ترأس هوكشتاين اجتماعاً للجنة الخماسية المولجة الإشراف على تنفيذ الاتفاق والتي تقودها بلاده عبر جنرال أميركي، وذلك في الناقورة.

وكان هوكشتاين دشّن لقاءاته في بيروت بزيارة قائد الجيش، قبل أن يلتقي في فترة بعد الظهر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ويعقد الاجتماع الذي اعتُبر الأهمّ مع بري (في حضور الجنرال الأميركي غاسبر جيفرز)، والذي كان طبقه الرئيسي، إلى موضوع وقف النار والإعمار، رئاسة الجمهورية التي تحبّذ فيها واشنطن خيار عون.

وفي وقت سيستكمل هوكشتاين، الذي يُعتبر عرّاب الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل ثم اتفاق وقف النار، مهمته الرئاسية اليوم بلقاءات مع عدد من النواب وممثلي الكتل، فإن البارز أن محطته في بيروت سبقتْها زيارة، ذات دلالات كبيرة على التناغم الأميركي - السعودي، للرياض حيث استقبله (الأحد) وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في حضور الأمير يزيد بن فرحان العائد من لبنان، حيث تمّت مناقشة القضايا الإقليمية الراهنة، وعلى رأسها التطورات الأخيرة في لبنان، والجهود المبذولة للتعامل معها.

وعلى وقع تَشديدِ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي يوفد جان - إيف لودريان الى بيروت الخميس، لحضور جلسة الانتخاب الرئاسية على «أهمية انتخاب رئيس في لبنان» معتبراً «أن هذه الخطوة ستساهم في استعادة السيادة اللبنانية الكاملة»، نقل موقع «النهار» الإلكتروني عن أوساط بري رداً على ما أشيع عن احتمال أن يطلب هوكشتاين منه «القبول» بترشيح العماد عون وأن ضغطاً قد يحصل في هذا الاتجاه من بوابة الجنوب على أساس أن الرجل يشكل ضماناً لتطبيق الـ 1701 واستتباب الهدوء ومع تلويحٍ بموضوع الإعمار أن «هذا النوع من الضغوط لا يمشي مع بري».

ووصل الأمر ببري الى القول قبيل لقاء هوكشتاين في معرض رده على كل الحراك العربي والغربي الرئاسي نقلاً عن زواره: «لتحضر كل هذه الدول في العالم المشغولة بنا وتعيّن لنا رئيساً».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي