وليد البحر استعرض في برنامج «رفاه» آلية اتخاذ قرار تمويل مشاريعه والمتابعة حتى تحقق أهدافها
«صندوق التنمية»... القوّة الناعمة للسياسة الخارجية
- وليد البحر: الصندوق نفّذ مشاريع في دول قبل أن يكون للكويت تمثيل دبلوماسي معها
- انطلاقة الصندوق بدأت بالدول العربية ومنها أخذ تسميته ثم توسّع عالمياً
- نحن من أقدم الصناديق العربية ولدينا مشاريع في 106 دول بالقارات الخمس
- الصندوق يقدّم منحاً لدول تعاني وليس لديها خبرة في إعداد دراسات الجدوى
- نتعامل مع تعثّر الدول بسداد ديونها وفق ظروفها ولكن لا إسقاط لفلس واحد
أكد المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بالوكالة وليد البحر «نجاح الصندوق في دوره، كأحد أذرع القوة الناعمة للسياسة الخارجية الكويتية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه «وفقاً للقانون، لا يمكن أن ألغي أي دين، لا يمكن أن ألغي أي فلس مهما طالت مدة الدين».
وفي حديث للبرنامج الحواري الاستقصائي «رفاه» الذي يبث على تلفزيون دولة الكويت وتلفزيون «الراي»، ويقدمه الزميل عبدالله بوفتين، استعرض البحر مشاريع «الصندوق» وآلية اتخاذ القرار في التمويل والجهود المضنية في المتابعة حتى تحقق المشاريع أهدافها المنشودة، مشيراً إلى أن للصندوق مشاريع في بعض الدول أقيمت قبل التمثيل الدبلوماسي مع تلك الدول.
وقدم شرحاً حول تطور أعمال الصندوق الذي بدأ أعماله في الدول العربية، ومنذ عام 1974 تطور نشاطه ليشمل دولاً آسيوية وأفريقية، فيما امتد نشاطه بعد الغزو الغاشم لدولة الكويت، ليشمل دول وسط آسيا وبعض الدول الأوروبية وأميركا اللاتينية والكاريبي.
بداية الرحلة
وتناول البحر بداية الصندوق، فقال إنه «أنشئ عام 1961 بهدف تقديم القروض الميسرة للدول النامية التي تربطنا معها علاقات، والتي لها تأثير كبير في تعزيز دور الكويت وربط العلاقات مع الدول النامية»، مشيراً إلى أن «هذه القروض الميسرة تشمل قطاعات كثيرة، منها النقل والكهرباء والمياه والصرف الصحي، وسابقاً كانت تشمل قطاع الصناعة، ولكن في الفترة الأخيرة صار للصناعة دور كبير في القطاع الخاص، لذا اهتممنا عام 2022 بتوسع القطاع ليشمل القطاعات الاجتماعية في التعليم والصحة».
وأضاف أن «هذه المشاريع في بعض الدول التي بدأنا بها عام 1961 لم يكن هناك تواجد دبلوماسي في هذه الدول، وهذه لها دور كبير في موضوع ابراز دور الكويت الإنساني»، مشيراً إلى وجود «الصندوق» في بعض الدول سبق التمثيل الدبلوماسي معها.
وعما إذا كان دور «صندوق التنمية» يقتصر على الدول الصديقة أو العربية أم مفتوحاً لكل الدول، قال البحر «بدأنا بالدول العربية، ولو ترى اسمه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ومن عام 1974 تطور نشاط الصندوق ليشمل دولاً آسيوية وأفريقية».
وأضاف «بعد الغزو الغاشم لدولة الكويت، امتد نشاط الصندوق ليشمل دول وسط آسيا وبعض الدول الأوروبية وكذلك أميركا اللاتينية والكاريبي»، لافتاً إلى أنه «اليوم لدينا مشاريع في 106 دول، ولا ننسى أن الصندوق يعتبر من أقدم الصناديق العربية، وبعده أنشئت صناديق مثل الصندوق السعودي وصندوق قطر للتنمية وصندوق أبوظبي».
منح وقروض
وذكر البحر أنه «إضافة إلى ما قدمنا من قروض، لا ننسى أن الصندوق يقوم بتقديم منح تقدم للدول التي تعاني وليس لديها خبرة في إعداد دراسات الجدوى، لأن طبيعة المشاريع التي نطلبها لابد من توافر دراسات جدوى فنية واقتصادية، فتقوم الدول بطلب لنظر الصندوق بتقديم منحة تخص دراسة لمشروع معين».
وحول آلية التعامل مع الدول التي قد تتعثر في السداد، قال: «يجب التفريق بين تعثر الدول، فهناك تعثر للدول بسبب مقاطعات دولية، ويجب احترام هذه المقاطعات، وكذلك نحن نطبق ما هو مقدم من سياسة الكويت تجاه الدول».
وعما يعني بـ«المقاطعات»، أوضح البحر أن «هناك دولاً قد يكون هناك توقف فيها بقرار سياسي، وذكرت أن وزير الخارجية هو رئيس مجلس الإدارة فلابد أن نسير بحسب سياسة الكويت، كذلك هناك دول بقرارات دولية مثل كوريا الشمالية، فهناك مقاطعة، ولا يمكن أن نتجه باتجاه يختلف عن الاتجاه الدولي، كذلك هناك دول تعاني من مشاكل داخلية مثل الأحداث في السودان، فهذه الدول ليس لديها القدرة على سداد ديونها طبقاً للظروف».
وعن كيفية التعامل معها، أكد البحر «بالقانون لا يمكن أن ألغي أي دين، لا يمكن أن ألغي أي فلس، مهما طالت المدة».
وأضاف «ما يحصل أن هناك دولاً قد تصل إلى نقطة القرار، المطبقة من قبل البنك الدولي وتعتبر دولاً مثقلة بالديون، هذه الدول بعدما تصل إلى القرار نتفق معها على جدولة الديون، والجدولة لا تعني إلغاء الدين، ولهذا السبب هناك ترتيبات بأن الفترة ستزيد وفترة المال تختلف».
ظروف ورقابة
وذكر البحر أن «هناك بعض الدول التي تمر بمشاكل مالية، مثل تأثير كورونا، فبعض الدول تعاني من هذه المشاكل، لذا نحاول أن نجد وسيلة لمعالجة هذه الديون فنتفق معها على ترتيبات مالية، وهو إعطاء فترة زمنية لسداد هذه المتأخرات، وهذه الدول ظروفها لا تشملني فقط فهناك دول مساهمة معنا في تمويل المشاريع، فما ينطبق علينا ينطبق على الآخرين، لأن طبيعة المشروع المساهم فيه ليس الكويت فقط، وغالبية المشاريع تكون المساهمة مشتركة، ولهذا السبب نجد وسيلة».
وأضاف: «لا ننسى أن الكويت تسعى إلى إيجاد حلول لهذه المشاكل، لأن توقف الدولة عن سداد مشروع معين، يؤثر على سداد كل المشاريع الموجودة، ولا يحق للدولة أن تسحب من قروض الصندوق وكذلك لا يحق للدولة أن تتقدم بقرض جديد، لهذا الدول تسعى لإيجاد حلول لمعالجة هذه الديون،... وبالقانون لا يمكن أن ألغي حتى فلساً واحداً».
وتطرق البحر إلى الجانب الرقابي على أعمال الصندوق، مشيراً إلى «وجود ديوان المحاسبة وكذلك مدققو حسابات داخلية ومدققو حسابات خارجية، بالإضافة إلى المراقب المالي من قبل وزارة المالية، وبعد أن تتم هذه الأمور، هناك مراقبة من قبل جهاز متابعة الأداء الحكومي، وثم الرقابة التي تتم في الميزانيات عندما تعرض على مجلس الإدارة للموافقة عليها».
قوة ناعمة
وعما إذا نجح «صندوق التنمية» في دوره كأحد أذرع القوة الناعمة للسياسة الخارجية الكويتية، قال البحر، «نعم نجح الصندوق بهذه المهمة، ونستذكر سابقاً عند إنشاء الصندوق عام 1961، وجاءت الفكرة لمساعدة الدول النامية للتمتع بجزء من الثروة التي تساهم فيها الكويت، وهذه خلقت علاقات كبيرة مع الكويت ومواقف مؤيدة للكويت، نستذكر منها قرار مجلس الأمن 666 إبان الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت في عام 1990، ومناصرة الدول وتأييدها لموقف الكويت والشرعية له دور كبير، وكذلك سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه، بما أن الكويت تمر بصعوبات خلال الغزو أكد على أنه يجب أن يستمر الصندوق في أدائه».
وأضاف «لا ننسى هناك بعض الدول تبنت أنها على استعداد لردّ القروض التي قدمت لها سابقا، هذا تأييد ومساعدة الكويت، لكن خلال الغزو استمر الصندوق في أدائه لأن هذه المشاريع اذا تأخرت فسيكون لها تأثير في التكلفة»، مشيراً إلى أنه «في عام 2017 حصلت الكويت على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، وهذا يعكس مكانة الكويت وعلاقتها بين دول العالم، لهذا ننظر أن للكويت مواقف إنسانية قدمت للدول الصديقة، وسيستمر الصندوق في عطائه من أجل مساعدة الدول النامية».
آلية اتخاذ القرار
تطرق وليد البحر إلى آلية اتخاذ القرار في الصندوق، فقال «لدينا مجلس إدارة يتكون من وزير الخارجية، وهو رئيس مجلس الإدارة، ويضم عضوين ثابتين، هما نائب وزير الخارجية ووكيل وزارة المالية، بالإضافة إلى ضم من 4 إلى 6 أعضاء، يملكون خبرة في مجال الاقتصاد والتمويل والقانون».
وأضاف «بالنسبة للمشاريع، لابد أن تقدم لمجلس الإدارة، وهناك لجان في المجلس مثل لجنة القروض المنبثقة من مجلس الإدارة، ولجنة الاستثمار، ولجنة التدقيق وكذلك لجنة المخاطر. ودورنا أن نقدم جميع المعلومات المتوفرة لمجلس الإدارة لاتخاذ القرار، وهذه المشاريع حتى تقرر ما هي القطاعات وشروط التمويل، وهذه تكون بالاتفاق مع مجلس الإدارة».
وذكر أنه «ما بين فترة وأخرى نقدم لمجلس الإدارة اقتراحات بحسب الأوضاع الاقتصادية للدول، فبعض الدول يكون وضعها الاقتصادي متوسطا، ثم بعد فترة يكون وضعها الاقتصادي منخفضاً، وكذلك تختلف المشاريع بحسب القطاعات، فقطاع الكهرباء له إيراد يختلف عن قطاع التعليم والصحة، فهذه الشروط تكون بالاتفاق مع مجلس الإدارة».
4 خطوات لتمويل المشاريع
1 - تقديم المعلومات:
قدم البحر شرحاً عن آلية وخطوات متابعة المشاريع بعد اتخاذ القرار، قائلاً «بعد الموافقة المبدئية التي تقدم إلى مجلس الإدارة، نكون قدمنا كل المعلومات التي تخص المشروع المقدم من الدول بعد دراسته من الجهاز الفني في إدارة عمليات الصندوق، وبعد أخذ الموافقة المبدئية يتم تعيين فريق يتكون من خبراء مهندسين واقتصاديين ماليين وقانونيين».
2 - إرسال بعثة فنية:
بيّن البحر أنه «يتم الاتفاق لإرسال بعثة فنية للدول المعنية. ولدى إرسال البعثة قد تكون بعض المشاريع ممولة من قبل أطراف أخرى، مثل الصندوق السعودي أو أبوظبي، فيتفق مع الجهات التمويلية نفسها لإرسال بعثات مشتركة بين المؤسسات الموجودة، خلال زيارة البعثة الفنية تراجع وتزور موقع المشروع والتأكد من السلامة الفنية للمشروع وجدواه الاقتصادية».
3 - تقديم تقرير فني متكامل:
وتابع «بعد ذلك تتم مناقشة مسودة الاتفاقية بين الجهاز الفني والحكومة، للاتفاق على آلية تنفيذ هذه المشاريع، وبعد ذلك يعود الفريق إلى الكويت لإعداد تقرير فني متكامل حول المشروع، وتتم مناقشته من قبل جميع الجهاز الفني، ويكون هناك بعض التنقيحات على التقرير، حتى يقدم لمجلس الإدارة بصيغته النهائية، وكذلك مرفق به مسودة الاتفاقية المزمع عقدها مع الدولة المعنية».
4 - موافقة مشروطة على التمويل:
أشار البحر إلى أنه «بعد موافقة مجلس الإدارة على التقرير والاتفاقية، يتم ابلاغ الحكومة المعنية بموافقة الصندوق على توقيع القرض ويتم الاتفاق معها بالنسبة للتوقيع».
وأضاف أنه «بعد التوقيع، هناك إجراءات نفاذ وهذه مشروطة من قبل الدولة يجب المصادقة قانونياً من قبل الدولة حسب الإجراءات المتبعة لإعلان النفاذ، والاعلان يعني أنه يبدأ المشروع وله الحق في السحب من القرض»، موضحاً أن «هناك شروط اعلان النفاذ، تتطلب فيها الشروط المتعلقة في مؤسسات أخرى مثل تنفيذ مشروع جسر، بحيث اننا قد لا نكون الممول الوحيد وهناك ممولون آخرون، فلابد من التأكد أن هذه الجهات وافقت على المصادقة على الاتفاقية».
أدوار محلية للصندوق
1 ـ دعم «الرعاية السكنية» وبنك الائتمان:
أشار البحر إلى الدور المحلي لصندوق التنمية، فقال «دورنا محلي جاء بعد تعديل القانون الذي يشمل مساهمة الصندوق فيما يعادل 25 في المئة من صافي الأرباح، فتبنينا تقديم الدعم للرعاية السكنية، وقدمنا التزامنا في الرعاية السكنية ما يعادل 501 مليون دينار حتى اليوم. كما وافق الصندوق في العام 2002 على شراء سندات لبنك الائتمان، وهذه السندات قيمتها 500 مليون تسدد على فترة 20 سنة بواقع ربع سنوي للسند 25 مليونا لفترة 5 سنوات، كذلك عندما حلت السندات عام 2022 قام الصندوق بتجديد هذه السندات لفترة 20 سنة إضافية، بالإضافة إلى القرار الذي تم من قبل مجلس الوزراء لدعم احتياطي بنك الائتمان، وافق الصندوق على تقديم 300 مليون دينار من احتياطي الصندوق لدعم بنك الائتمان، بالإضافة إلى التزام دولة الكويت تجاه المؤسسات الإقليمية والدولية ما يعادل 760 قدمنا اليوم ما دفع 466 وجار تنفيذه حسب التواريخ المتفق عليها بيننا وبين المؤسسات الدولية».
2 ـ دفع التنمية البشرية بالتدريب والتأهيل:
أفاد البحر بأن «دور الصندوق في التنمية البشرية داخل الكويت، يتمثل في برنامج تدريب وتأهيل المهندسين بجميع تخصصاتهم بالإضافة إلى الهندسة المعمارية، هذا البرنامج بدأ في عام 2004 ونحن سعداء بأننا سنصل إلى ألف متدرب، برنامج مدته 13 شهرا، 3 شهور دورات تقدم من قبل جهات اختصاص، فالمتدرب يكون لديه ما يقارب 13 شهادة خبرة في جميع المجالات، بالإضافة إلى 6 أشهر يكون في تدريب خارج الكويت مع جهات مختصة سواء شركات مقاولات أو شركات استشارية في المجالات بحسب تخصصاتهم، بعد ذلك 3 أشهر تدريب داخل الكويت».
وأضاف «نحن سعداء بهذا الدور، فبعض المتدربين تخرجوا واستمروا في تعليمهم وخدموا الكويت في التعليم وبعضهم في مناصب، لدينا دفعتان كلا منها 30 متدربا، لمدة سنة 60 متدربا، ونختار المعدلات 3 وما فوق ولابد أن يجتازوا التوفل وهناك ميزة لاختيار الجامعات التي لديها خبرة ولها تقييم عالمي، لذا نستقطب فئة تستحق التدريب وستساعد في إعطاء الفرص للقطاع الخاص وتهيئة ذوي الخبرة للاندماج مع القطاع الخاص».
3 ـ المساهمة في محفظة وطنية:
ذكر البحر أن «الصندوق ساهم في محفظة وطنية في عام 2008 بمبلغ 100 مليون دينار، وكذلك برنامج (كنت من المتفوقين) لنعرف الطلبة المتفوقين من الثانوية العامة ليزوروا الدول للتعرف على مشاريع الصندوق وطبيعة عملها، حيث تمت زيارة أكثر من 15 دولة، ونختار الدول التي لدينا فيها مشاريع عدة حتى تكون لهم فرص لزيارة المشاريع».
وبين أن «الدور المحلي يعادل حاليا 90 في المئة من رأسمال الصندوق بمليارين، وهو 30 في المئة من حجم الإقراض الذي قدمه الصندوق بستة مليارات و800 ألف، منذ إنشاء الصندوق حتى اليوم، و30 في المئة قدمناه للدور المحلي».