«الراي» في الكواليس... بروفايل قائد الجيش يتقدّم والبراغماتية سمة المرحلة

مصادر دبلوماسية عربية: لبنان أمام فرصة ذهبية مدخلها الرئاسة

 تمركز وحدات من الجيش اللبناني حول بلدة شمع - صور بالتنسيق مع «اليونيفيل»
تمركز وحدات من الجيش اللبناني حول بلدة شمع - صور بالتنسيق مع «اليونيفيل»
تصغير
تكبير

- المجتمع الدولي لن يَتسامح مع عودة اللبنانيين إلى خيارات أثبتت عدم جدواها
- زيارة فيصل بن فرحان لبيروت ستكون فوق عادية في التوقيت والمَضمون

هل سيكون للبنان رئيسٌ في 9 يناير؟ سؤالٌ طَبَع آخِر أيام 2024 وبقي الجوابُ عنه تائهاً في خبايا المناوراتِ السياسية التي ستَبلغ أوْجها حتى ربع الساعة الأخير الفاصل عن جلسة انتخابٍ تتم أكثر من محاكاةٍ لها من الأطراف الوازنين في الداخل بناءً على أكثر من «رسْم تشبيهي» لمجرياتها المفترَضة و«أفخاخها» المحتمَلة.

وفي الوقت الذي كان مصيرُ الجلسةِ الرئاسية في صلب «طوفان التوقّعات» التي تُغْرِقُ الشاشات اللبنانية ليلة كل 31 من ديسمبر بقراءاتٍ مبكّرة في فنجان السنة الطالعة، ومن خَلْف كل الغبار الذي يلفّ ما سيكون بعد 8 أيام تحت قبة البرلمان، تلوح في كواليس دبلوماسية عربية، تسنّى لـ«الراي» مواكبتها، أجواءُ اطمئنان وتفاؤل بأن الاستحقاق المعلَّق منذ 26 شهراً يقترب من انفراجٍ، ما لم يكن في 9 يناير ففي موعدٍ لصيقٍ به مرجّح قبل 20 الجاري.

وإذ ترتكز مَصادرُ دبلوماسية عربية في ارتياحِها إلى أن الانتخابات الرئاسية تتجه لإنهاء الفراغ الخطير على مؤشراتِ «نضجٍ» سياسي لدى مختلف الأفرقاء وإدراكٍ ولو متأخّر منهم أن لا مصلحة لأحد بعد الآن في احتجاز هذا الاستحقاق لأي سبب أو اعتبار، ترى أن التحولاتِ المذهلةَ في المنطقة، وكان آخِرها في سورية، وإشاراتِ انتقال إيران وبطبيعة الحال «حزب الله» إلى مرحلة «وقف الخسائر» و«احتواء الأضرار» التي بدأت مع الحزب في لبنان واستُكملت بسقوط نظام بشار الأسد، تشجّع على استشرافِ ارتفاع حظوظِ بلوغ تفاهم ما على اسم الرئيس العتيد بعدما تم التسليم من الجميع بأن لا حلّ إلّا بالخيار الثالث الذي يُراعي واحدة من أولويتين، يتم إسقاط الاسم عليها بعد أن يحدّدها اللبنانيون أنفسهم، إما الأمنية أو الاقتصادية - المالية.

وتشير المَصادر الدبلوماسية إلى أن المتغيراتِ الداخليةَ في لبنان، والتي مازالت «على الورق»، كما التحوّلات في المنطقة، ناهيك عن معطى 20 يناير الأميركي أي تاريخ عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مع فريق عملٍ بالغ التشدّد، تتقاطع لتشكّل قوةَ دفْع «ثلاثية» للملف الرئاسي كفيلة بقطع الطريق على أي محاولة تلاعب جديدة أو ألاعيب يُخشى أن تطيح بالاستحقاق مجدداً وتضعه، ومعه البلاد، على كفّ مجهولٍ معلوم، معتبرة أن اللبنانيين أمام «فرصة ذهبية» في ضوء ما يحصل من حولهم لأخْذ زمام الأمور بأنفسهم.

ولفتت إلى أنها «لحظةُ تحديد الخيارات» بناءً على تجربةِ المرحلة السابقة التي أثبتت السياساتُ التي اعتُمدت فيها على مختلف الصعد، بانحرافاتها السياسية والاقتصادية، أنها غير ذي جدوى، ما يحتّم تغييراً يبدأ من الرئاسة الأولى ويعيد التوازن إلى السلطات ويُخرج لبنان من حال انعدام الوزن أو الانجراف الذي أوقعه من حفرة إلى أخرى، خصوصاً منذ 2016 وصولاً إلى ما شهده إبان الحرب الأخيرة التي توقفت باتفاقٍ لوقف النار مع ملحقات غير معلنة، وبحيث بات تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته شرطاً ملازماً لأي مشروع نهوض بلبنان.

وتؤكد المصادر الدبلوماسية العربية أن الجميع في لبنان يعلمون أن المجتمع الدولي «لن يتهاون» مع أي مساراتٍ تُعتمد وتنمّ عن عودة إلى اللعبة القديمة وقواعدها التي سقطتْ مع التحوّلات الهائلة في المنطقة وبفعل ما استجرّته من ويلات على الوطن الصغير، مقلّلة من المخاوف بإزاء أن تشكّل جلسة 9 يناير مسرحاً لـ «تهريبة» رئاسية تُفْضي إلى خيارٍ لا يراعي مصلحة اللبنانيين ولا يَضمن فتْح طريق مصالحة «بلاد الأرز» مع محيطها العربي والمجتمع الدولي وفق المرتكزات المعروفة «فأي رئيسٍ يُنتخب ولا يلبّي معيار المصلحة العليا للبنان والتصالح مع العالم لن يكون قادراً على انتشال البلاد من أزماتها الخطيرة، ووضعها على سكة تعافٍ لن يتطلّب وقتاً طويلاً متى اختير الأشخاص المناسبون على رأس السلطة ووُجدت النيات والآليات لتطبيق الإصلاحات، وهذا أمر يدركه كل الأفرقاء».

ومن هنا ترى المصادر أنه بمعزل عما يُقال في العلن أو يُسرَّب أو يُنشر فإنّ الملف الرئاسي بات له «ناظِم» معروف للجميع ويدفع للاعتقاد أن «خط النهاية» قد يكون قريباً، خصوصاً في ضوء اعتبار أكثر من عاصمة أن رئيس البرلمان نبيه بري جدّي في مسعاه لإتمام الاستحقاق في الموعد الذي حدده وفق الوعد الذي كان قطعه إبان الحرب بالدعوة لجلسة بعد وقف النار، وأيضاً في ضوء المؤشرات إلى أن الواقعية صارت تحكم خيارات وخطوات جميع الأطراف الذين يَحسبون خطواتهم بناءً على المتغيّرات والحدّ من الخسائر.

ولم يتطلّب الأمر عناءً لرصْد حجم الارتياح العربي والدولي لقائد الجيش العماد جوزف عون، الأوفر حظاً لدخول قصر بعبدا، رغم التعقيدات التي ما زالت ماثلة حتى الآن، والذي باتت بعض الصالونات تتحدّث عن إمكان عدم انتخابه بلغة «لا قدّر الله»، وسط توقف المصادر نفسها عند الزيارة الأخيرة التي قام بها العماد عون للمملكة العربية السعودية واستقباله من وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، مع ما لذلك من دلالاتٍ تتجاوز الشؤون الأمنية والعسكرية لتطلّ على أبعاد سياسية لا يمكن تَجاهُلها.

ولا تُخْفي المصادر نفسها، اهتمامها بما ذُكر عن زيارةٍ مرتقبة لوفد سعودي رفيع المستوى لبيروت برئاسة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وهي الزيارة التي تم إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بأجواء إمكان حصولها من دون حسم موعدها، وسط ترجيحاتٍ بأن تتم بين 3 و7 يناير الجاري، على أن تكون سريعة ولساعاتٍ قليلة، وبعد أن يجري تحديد جدول أعمالها ولقاءاتها.

وفي تقدير المصادر أن الزيارة الـ «ما فوق عادية»، في مضمونها وتوقيتها عشية جلسة 9 يناير، ستُشكّل قطعاً إشارةً تكمل المناخات العربية والدولية، إلى أهمية أن يُنجز الاستحقاق الرئاسي وطيّ صفحة الفراغ في رأس السلطة، مبديةً اعتقادها أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تكثيفاً للاتصالات في هذا الملف، خصوصاً من أعضاء مجموعة الخمس حول لبنان (تضم الولايات المتحدة، السعودية، فرنسا، مصر وقطر) التي تشهد تنسيقاً عالي المستوى بين قادة دولها والتي أخذ بعض سفرائها إجازات عطلة نهاية السنة.

وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن ثمة ملامح إدراكٍ لبناني بأهمية احترام العملية السياسية بكلّيتها، بما في ذلك عدم عزْل أي مكوّن أو اعتماد «منطق انتقامي» لا يَستوي مع شروط الإنقاذ الذي يحتاج، إلى جانب القاطرة الخارجية، إلى رافعة داخلية لا تَستثني أحداً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي