مِن نِعم الله تعالى على خلقه، أن جعل الليل راحة بعد حركة النهار؛ ففي الليل الهدوء بعد الجهد والتعب، وفي النهار تنتعش الأجساد وتتحرك، فيبدأ العمل والمجيء للمعاش والتكسب، وفي ذلك يقول تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا «9» وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا «10» وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا «1») سورة النبأ.
ومن أراد الراحة ساوى بين ساعاته، كما في رد رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، عندما سئل عن الموازنة بين الأوقات، قال: «ساعة وساعة»، ففي الليل راحة للذهن والبدن، للقدرة في يومه على أداء العمل، والاجتماع بالصحبة والأهل؛ فالإنسان يقسم وقته، ويوازن بين ساعاته، ليحقق ما تتطلبه الحياة، فلا راحة للنفس إلا بالاعتدال في سائر أمورها.
التوجيه النبوي الذي انحصر في كلمتين: «ساعة وساعة» يحمل معاني عميقة، قد نلقي به محاضرة جامعة للشرع والطب، حيث أكد أطباء النفس على ما في السهر من أضرار؛ فإنه يصيب الشخص بالاضطرابات النفسيّة، كالاكتئاب والإحباط، والقلق والتشاؤم والأرق، وإصابة العضلات بالخمول، والنقص من قوّتها وكفاءتها، وفي قلّة النوم تأثير على الأداء العام للشخص خلال النهار، مع تأثيره السلبي على التفكير والتذكّر والصعوبة في اتخاذ القرارات، فإنه يعوق التفكير الإبداعي وفهم المهام وتطبيقها، وفيه سرعة الغضب والانفعال وتقلب المزاج وعدم الرغبة في العمل طوال اليوم، وانخفاض الدافع تجاه الحياة والنشاطات اليومية وضعف العلاقات الاجتماعية.
وأما الحركة في النهار للعمل أو ممارسة الرياضة، فإنها تحسن المزاج العام بشكل ملحوظ وتقلل من أعراض الاكتئاب، وذلك لأنها تساعد على خفض مستويات هرمونات التوتر، مما يساهم في تخفيف القلق والاكتئاب وتحسين الصحة النفسية بشكل عام.
فقد منحنا الله تعالى الهدوء ليلاً، والنشاط نهاراً، لما فيهما من منافع جسدية وذهنية، أثبتتها النصوص الشرعية، ثم الدراسات الطبية، وهي حكمة قال بها الأولون: «من طاب نومه طاب يومه».
aaalsenan @