لسنوات طويلة كنت أزورُ عمتي في الرياض، وأذكر أنها، رحمها الله، لا تعرف في الكويت إلّا حسين وسعد وأمهما وخالهما قحطة وجارهما أبوصالح، بمعنى قروب «درب الزلق»، وكانت تستغرب كيف يمثلون، وأجزم أنها لا تشاهد في التلفزيون، إلّا هم.
وفي الستينيات، لا أذكر هل قرأت هذا أم سمعته، أن خبراً نشر في جريدة كويتية أن عوض دوخي، الفنان الكويتي الكبير، سيحج في ذلك العام مع الحملة الفلانية، وكانت الحملات بالباصات، ويقال ما إن أقبلت الحملة على الديار المقدسة، إلا اعترضتها سيارات سعودية عدة، وطلبوا إخراج عوض دوخي لأنهم سيتكفّلون باستضافته وأداء مناسك الحج معه، وفعلاً أخذوه وهو لا يعرف مَن هم، لكن حتماً الذين يحبونه.
ويحكي لي صديق بحريني أنه دخل مجلس صديق له في البحرين، فشاهد صورة معلّقة لشخص، واعتقد أنها لوالد صاحب المجلس، وسأله: «هل هذا الوالد»؟قال: «لا... هذا أحمد باقر... ألا تعرفه»؟ قال: «لا والله»... قال: «هذا أحمد باقر الموسيقار الكويتي الكبير»!
ويقول مفكر روسي، إن أميركا لم ترسل جنوداً لتفكك الاتحاد السوفياتي تلك الإمبراطورية الكبرى، إنما أرسلت مجموعة من الفنانين والمطربين عبر أفلام السينما ومسلسلات الدراما، هؤلاء الجنود كانوا يظهرون ويقدمون الإنسان الأميركي المرفه وهو في فيلته الخاصة وسيارته، والسوبر ماركت بجانب منزله وهو مليء بكل الخيرات، بينما المواطن السوفياتي يجلس أمام شاشة التلفاز ويشاهد هؤلاء الجنود ويقارن وضعه البائس حيث يصطف كل صباح أمام طابور الخبز في جو بارد، ولا يملك سيارة أو بيتاً، فكل شي تملكه الحكومة حتى هو!
فعلاً قوة ناعمة غيّرت فكرهم وفكرنا! من دون إطلاق طلقة واحدة، لهذا، علينا ألا نستخف بهؤلاء الجنود!، حيث الكثيرين منا ما زالوا يحرمون الفن والسينما والمسرح!
ونكملُ في مقال آخر عن هذه القوة الناعمة...!