في عام 1968م، أثناء الألعاب الأولمبية المكسيكية قام الوفد البحريني بعرض فكرة كأس الخليج التي كان الأمير خالد الفيصل، مدير رعاية الشباب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في المملكة العربية السعودية آنذاك صاحبها، والفيصل اليوم هو أمير منطقة مكة المكرمة، عُرضت الفكرة على ستانلي روس، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، وقد أُقيمت الدورة الأولى في عام 1970م في البحرين بين 27 مارس و3 أبريل، وشارك فيها أربعة منتخبات هي: دولة الكويت ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة قطر، وفي عام 1972م دخل منتخب الإمارات البطولة، وفي الدورة الثالثة دخل منتخب سلطنة عُمان، ثم دخل منتخب العراق البطولة الرابعة، وقد انضم المنتخب اليمني للبطولة في عام 2003، ليصبح عدد المنتخبات المشاركة 8 منتخبات.
لا شك، أن فكرة الاستفادة من الرياضة لتوثيق العلاقات بين مجلس التعاون كانت فكرة صائبة، ورغم ذلك لم تترك السياسة الرياضة لشأنها، وقد صاحب بعض الدورات تعصبات جماهيرية يرى البعض أنها قد تؤثر على العلاقات الأخوية بين شعوب الخليج، لكن الواقع أثبت عكس ذلك فقد زاد انفتاح دول مجلس التعاون على بعضها، وتقارب الشباب، وتعارف الرياضيون على بعضهم.
من ذكرياتي في هذه الدورات كانت حين زارنا المرحوم الشيخ باسل صباح السالم، في حقبة السبعينات من القرن الماضي في الإسكندرية وقد أخبرنا بموقف أمير الكويت المرحوم الشيخ صباح السالم، في إحدى الدورات التي كانت في الكويت حين شاهد فرحة أبنائه بفوز الكويت، وكانوا جميعاً خارج الكويت، طلب الشيخ صباح منهم الصمت ثم اتصل بوزير الداخلية وسأله عن سير المباريات النهائية فلما علم أن الجمهور تعامل مع الفوز والخسارة بروح المحبة ابتسم الأمير، وقال لأبنائه: الآن افرحوا.
التنافس الرياضي ليس كغيره من التنافسات فهو تنافس تغلب عليه الجماهيرية ليس كمثل التنافس العلمي والثقافي، وبسبب ذلك يتم استغلال التنافس الرياضي من قبل قوى داخلية وخارجية لتحقيق التباعد بين الجماهير وزيادة العداء بين الأشقاء، هذه القوى الضارة متواجدة اليوم بيننا وهي تستغل وسائل التواصل الاجتماعي لتحريض بعضنا على بعض، ودغدغة مشاعر الجماهير لإثارة النعرات وتحقيق أهدافهم بالتباعد والكراهية، وبالطبع يُساعد على ذلك إخفاء الهوية للطابور الخامس والطابور الخارجي في منصات التواصل، فلا نعرف كما نقول بالكويت (من طقاقنا).
إنّ مسؤولية حرمان الأعداء من تحقيق أهدافهم تقع بالدرجة الأولى على الجمهور، على تلك الأمواج من الشباب الذين عليهم أن يصنعوا سدّاً حديدياً باتجاه تلك القوى الشريرة.
إنّ نجاح دورات الخليج ليس فقط في تحقيق تقدم رياضي بل النجاح في تآلف شباب الخليج العربي وتعاونهم من أجل التصدي للتحديات التي تتربّص بهم من كل مكان.