ظهر اسمها من ضمن سحب الجناسي؛ هي أم لأطفال صغار، والدهم طليقها، وهو من حصلت على الجنسية بواسطته، هي مواليد الكويت، ودرست فيها، ولا تعرف إلا هذا البلد، وتتكلم لهجته، الأم تواصلت معي لطلب المشورة، عندما طلب منها مديرها بالعمل أن تترك العمل؛ فهي «مفنشة» وفق قرار سحب الجنسية، طبعاً لم تترك وظيفتها؛ حيث سمعت أخباراً مُفرحة أن من تُسحب جناسيهم يستمرون بعملهم، والرواتب ستصلهم، وهدأ البال، لكن أوامر أخرى أتت بأن عليها مُراجعة الجهاز المركزي، وتسليم شهادة الجنسية والبطاقة المدنية، وأن تراجع عشرات الجهات، ذهبت وسلّمت كل شيء مع كتاب تظلُّم.
وما أن عادت إلى المنزل إلا ويصلها اتصال من الوزارة التي تعمل بها، بأن خدمتها قد أُنهيت، وأُرسل لها الكتاب الرسمي، وأرسلتْ لي صورة منه، وسبب إنهاء الخدمة هو سحب الجنسية، الآن أم الأطفال في «سكة سد» كما يُقال، لا هوية ولا راتب ولا مصدر رزق، والمصيبة الأخرى تم تجميد حسابها في البنك، لا تسحب ولا تودع، ولا تستطيع أن تعود لجنسيتها السابقة، قالت لي بروح لا أعرف كُنهها: الآن كيف أعول أطفالي الكويتيين؟ وكيف أدفع إيجار شقتي؟ وكيف أسدد القرض الذي عليّ؟ وقالت: حتى لو أمرض، فإن أي مستوصف لن يقبلني؛ كوني بلا هوية، قلت لها: ماذا لو حدث عارض صحي لكِ، ما العمل؟ قالت: «الحمدلله عندي بنادول!!».
ما كتبته ليس قصة قصيرة من نسج الخيال؛ إنما هو قصة حقيقية.
قلت لها: «اذكري الله»... الكويت تحكمها أسرة منذ 400 سنة؛ أسرة الصباح أسرة مُباركة، وما سمعنا أنها ظلمت أحداً في تاريخها، وما زالت لا تظلم، وإنه بقدرة قادر ستُراجَع القرارات قريباً، وستفرحين، وستفرح كل من سُحبت جنسيتها.