5 «رعيان» انتسبوا زوراً إلى كويتي في 1968

«الراي» تنشر خبايا أكبر قضية تزوير جناسي

تصغير
تكبير

كشف مصدر أمني لـ«الراي» عن «حالة تزوير قديمة وغريبة تبين مقدار العبث الذي تعرّضت له الجنسية والهوية الوطنية، وكيف أصبحت مجالاً خصباً للغش والاحتيال والاستفادة والتدليس»، مبيناً أن «جذور القصة تعود إلى الستينات».

وأوضح المصدر أن «الحالة تعود لمواطن كويتي بالتأسيس أباً عن جد، كان حصل على الجنسية الكويتية سنة 1962 بطريقة سليمة تماماً، حيث تقدم إلى اللجنة المسؤولة وحصل على الجنسية بشكل مستحق»، مشيراً إلى «المواطن أدلى بإفادته آنذاك عندما سُئل عما إذا كان متزوجاً ولديه أبناء بنفي حالة الزوجية وأنه مطلّق ولا يوجد زوجة على ذمته ولم يرزق بأي أبناء، وذلك في 1962».

وقال المصدر إن «الكويتي المعني كان من أصحاب (الحلال) ولديه 5 أشخاص من جنسية عربية يعملون لديه رعاة، وأن الخمسة قرروا سنة 1968 الحصول على الجنسية الكويتية بأي طريقة، فاستخرجوا عن طريق عضوين في مجلس الأمة وأحد المختارين آنذاك شهادات تقدير عمر (تسنين)، لأنه لم يكن في حوزتهم شهادات ميلاد رسمية من الكويت، وعن طريق شهادة العضوين تمكنوا من الحصول على شهادات (التسنين)، ثم حصلوا على شهادات لصالحهم من العضوين والمختار بأنهم كويتيون وأنهم أبناء المواطن الكويتي الذي يعملون لديه، والذي لم يكن لديه أبناء أصلاً».

وذكر المصدر أن «شهادات العضوين للرعاة الخمسة كانت على فترات متفاوتة لكل حالة على حدة، لكنها تمت في السنة نفسها 1968، وبالتالي حصل الخمسة على شهادات بأنهم أبناء المواطن الكويتي بالتأسيس من دون أن يعلم».

وأشار المصدر إلى أن «المواطن الكويتي توفي سنة 1977، ولم يكن يعلم عن التزوير الحاصل بوجود الرعاة الخمسة مسجلين على ملف جنسيته على أنهم أبناؤه»، مضيفاً أن «المواطن كان لديه نوع من الاضطراب النفسي أدخله مرات عدة إلى مستشفى الطب النفسي، إلى أن توفي في 1977، وظن الخمسة أن السر مات ولن يكتشفه أحد».

وتابع المصدر أنه «في سنة 1985 وصلت معلومات إلى مباحث الجنسية التي كان يديرها في ذلك الوقت العقيد عبدالله الطيار، حيث اكتشف أن الخمسة ليسوا أبناء المواطن الكويتي، وأنهم كانوا رعاة غنم يعملون لديه، لكنهم سجلوا عن طريق التحايل والغش في ملف المواطن من دون علمه بواسطة عضوي مجلس الأمة آنذاك».

وأضاف أن «العقيد الطيار استدعى الخمسة سنة 1985 للتحقيق معهم، كما استدعى شقيق المواطن الكويتي المتوفى سنة 1977 حيث أكد في شهادته أن أخاه لم يكن متزوجاً وليس لديه أبناء، وتم إثبات ذلك في محضر التحقيق الرسمي الذي أُجري في ذلك الوقت».

وبيّن المصدر أن «العقيد الطيار رفع تقريراً كاملاً بالقضية إلى سليمان المشعان وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والجوازات آنذاك، والذي بدوره جهز الإجراءات اللازمة لسحب جناسي المزوّرين، لكن المحظور وقع مرة أخرى بتدخلات سياسية من أعضاء في مجلس الأمة و(انقمت الموضوع)».

وقال المصدر إنه «بعد نحو 39 سنة، تم فتح الملف من جديد في 2024، ما يثبت أن الغش لا يدوم وأن التزوير لا يستمر، حيث انكشفت التفاصيل، وتم اتخاذ القرار بسحب الجناسي من هؤلاء المزوّرين، ومن اكتسبها معهم بالتبعية والذي يصل عددهم إلى 400 شخص، وبعضهم في حالة مالية عالية جداً»، مبيناً أنه «لو كان تم اتخاذ الإجراءات اللازمة عند اكتشاف القضية في 1985 لكان الضرر أقل بكثير وكان العدد أقل بكثير أيضاً».

وكشف المصدر أن «الرعاة الخمسة ليسوا إخوة ولا تجمعهم صلة قرابة لكنهم من جنسية عربية، مشيراً إلى أن فحوصات البصمة الوراثية أثبتت التزوير من دون أدنى شك».

وأوضح المصدر أن «القضية استوفت كل مراحل التحريات والتحقيقات، وتم اكتشاف التزوير بالأدلة القاطعة، حيث تمت مطابقة البصمة الوراثية للمزوّرين مع أشقاء المواطن الكويتي المتوفى (أعمامهم المفترضين)، ليثبت بالدليل العلمي القاطع أنهم ليسوا أعمامهم، وأنه لا توجد أي صلة قرابة تجمعهم».

وأضاف أن «أحد الرعاة الخمسة لديه شقيق توأم، أبناؤه يقيمون مع المزور وما زالوا يحملون جنسيتهم العربية، وتم التحقيق معهم وتسجيل الاعترافات، وإجراء فحوصات البصمة الوراثية التي أثبتت صلة القرابة بين أبناء الشقيق التوأم مع المزوّر وكذلك مع شقيقه (أخيه من أب واحد) وأنه لا صلة له بالمواطن الكويتي الذي ينتسب إليه زوراً».

وعن شهادة عضوي مجلس الأمة للمزورين الخمسة وما إذا كانا على عِلم بعدم انتماء المزورين للمواطن الكويتي حقيقة، قال المصدر «العِلم عند الله، لأن العضوين توفيا من زمن طويل ولا يمكن الجزم بالإجابة».

إشادة برجاليعملون في «رمال متحركة»أشاد المصدر بجهود أبناء الكويت في إدارات وزارة الداخلية المعنية بملف الجنسية، وعلى رأسهم مباحث الجنسية، الذين يبذلون جهوداً مضنية في بحث ودراسة كل ملف، معتبراً أنهم كمن يعملون في رمال متحركة حيث تمتد عمليات البحث والتحري إلى 40 و50 سنة مضت من أجل التوصل إلى الحقيقة، وهؤلاء الرجال يستحقون كل الإشادة والدعم على جهودهم الكبيرة في هذا الملف.

لا يمكن حرق المراحل...في الكشف عن التزويرأكد المصدر أن عمليات الكشف عن مزوري الجنسية لا يمكن مقارنتها بأي عمليات أخرى، لأنها تستغرق وقتاً طويلاً من البحث والتحري والتحقيق مع مختلف الأطراف ذات الصلة.وقال إن البحث يشمل فحوصات الـ «DNA» التي تتم مطابقتها بين المزورين أنفسهم وبين مَن يدّعون نسبهم إليهم، ويمتد ليشمل أيضاً ملفات شهادات الميلاد وشهادات التسنين لمن لم يكن لديهم شهادات ميلاد.وأضاف أن التحريات أيضاً تصل إلى ملفات لجان الجنسية القديمة أيضاً على مر السنوات الماضية، مشدداً على أن ما يظهر هو النتيجة النهائية، لكن في الحقيقة فإن الجهد كبير وغير مرئي، ولذلك لا يمكن حرق المراحل أو الاستعجال في هذا الملف.