بدءاً من «أسطول الظل» إلى الخدمات اللوجستية و«شركات الواجهة»
الحرس الثوري الإيراني يُعزّز سيطرته على صادرات طهران النفطية!
- ميزانية الحرس لـ «حزب الله» تبلغ 700 مليون دولار أخرى سنوياً
- الحرس الثوري يحصل على نحو نصف إيرادات صادرات النفط
- الصين تظل أكبر مشتر للنفط الإيراني بما في ذلك من الحرس
- سليماني أنشأ شبكة لتجارة النفط... والعائدات الإيرانية بلغت 53 مليار دولار عام 2023
لندن/دبي - رويترز - قال مسؤولون غربيون ومصادر أمنية ومصادر إيرانية مطلعة، إن الحرس الثوري الإيراني عزز قبضته على قطاع النفط ويسيطر على ما يصل إلى نصف الصادرات التي تدر معظم إيرادات طهران وتمول جماعات تدعمها في الشرق الأوسط.
وذكر أكثر من 12 مصدراً أجرت وكالة «رويترز» مقابلات معهم، أن كل جوانب قطاع النفط أصبحت تحت النفوذ المتزايد للحرس الثوري، بدءاً من «أسطول الظل» المكون من ناقلات تنقل النفط الخام الخاضع للعقوبات سراً، إلى الخدمات اللوجستية و«شركات الواجهة» التي تبيع النفط، في الغالب إلى الصين.
و«شركات الواجهة» هي شركات وهمية تخفي أنشطتها غير القانونية خلف واجهة مشروعة.
ولم ترد تقارير من قبل عن مدى سيطرة الحرس الثوري على صادرات النفط.
ورغم العقوبات الغربية الصارمة المفروضة لخنق قطاع الطاقة الإيراني، والتي أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرضها في 2018، تجني طهران أكثر من 50 مليار دولار سنوياً من عوائد النفط، وهي أكبر مصدر لها على الإطلاق للعملة الأجنبية وسبيلها الرئيسي للاتصال بالاقتصاد العالمي.
وقال ستة متخصصون - وهم مسؤولون غربيون وخبراء أمنيون فضلاً عن مصادر إيرانية وتجارية - إن الحرس يسيطر على ما يصل إلى 50 في المئة من صادرات النفط، وهي زيادة كبيرة مقارنة بنحو 20 في المئة قبل ثلاث سنوات.
وطلبت المصادر عدم الكشف عن هوياتها بسبب حساسية الأمر.
واستندت ثلاثة تقديرات إلى وثائق استخبارية عن عمليات الشحن الإيرانية، في حين استمدت تقديرات أخرى أرقامها من مراقبة أنشطة الشحن لناقلات وشركات على صلة بالحرس الثوري.
ولم تتمكن «رويترز» من تحديد المدى الدقيق لسيطرة الحرس الثوري على هذا القطاع.
وتعزز هيمنة الحرس الثوري المتزايدة على قطاع النفط من نفوذه في شتى مناحي الاقتصاد، كما تجعل من الصعب على العقوبات الغربية أن تؤثر بشدة على طهران، نظراً لأن الحرس الثوري مصنف بالفعل «منظمة إرهابية» من قبل واشنطن.
لكن عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، قد تعني فرض عقوبات أكثر صرامة على قطاع النفط.
وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي إن طهران تضع تدابير للتعامل مع أي قيود، من دون تقديم تفاصيل.
وفي إطار توسعه في القطاع، عزز الحرس الثوري نفوذه في مؤسسات الدولة مثل شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة تجارة النفط التابعة لها، وفقاً لأربعة من المصادر.
وقال ريتشارد نيفيو، نائب المبعوث الخاص السابق لإيران في وزارة الخارجية الأميركية، إنه عندما فُرضت العقوبات على صادرات النفط قبل سنوات، كان من يديرون شركة النفط الوطنية الإيرانية وقطاع النفط عموماً متخصصين في النفط وليس في كيفية التهرب من العقوبات.
وأضاف نيفيو، الذي يعمل الآن باحثاً في جامعة كولومبيا «كان رجال الحرس الثوري أفضل بكثير في التهريب، ولكنهم كانوا سيئين للغاية في إدارة حقول النفط، لذا بدأوا في توسيع السيطرة على صادرات النفط».
ولم يستجب الحرس الثوري أو شركة النفط الوطنية الإيرانية أو شركة تجارة النفط أو وزارة الخارجية لطلبات التعليق.
رغبة في المخاطرة
الحرس الثوري، هو قوة سياسية وعسكرية واقتصادية ذات نفوذ ترتبط بعلاقات وثيقة مع المرشد الأعلى السيد علي خامنئي.
ويمارس الحرس نفوذه في الشرق الأوسط من خلال «فيلق القدس» ذراعه للعمليات الخارجية، من خلال توفير المال والأسلحة والتكنولوجيا والتدريب لحلفائه «حزب الله» في لبنان، وحركة «حماس» في غزة، والحوثيين في اليمن وفصائل مسلحة في العراق.
وبحسب مصدرين غربيين ومصدرين إيرانيين، تمكن خبراء النفط في صفوف الحرس من مواصلة عملياتهم رغم أن إسرائيل قتلت عدداً من كبار قادته على مدار العام الماضي.
ويتابع نيفيو أن الحكومة الإيرانية بدأت تخصيص حصص من النفط، بديلاً عن المال، للحرس الثوري و«فيلق القدس» في عام 2013 تقريباً.
وكانت الحكومة تعاني من ضغوط مالية آنذاك نتيجة صعوبات في تصدير النفط نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.
ويضيف نيفيو، الذي كان يتابع الأنشطة النفطية الإيرانية آنذاك، أن الحرس الثوري أثبت قدرته على إيجاد طرق لبيع النفط حتى في ظل العقوبات.
وبلغت عائدات النفط الإيراني 53 مليار دولار في 2023 مقارنة مع 54 ملياراً في 2022، و37 ملياراً في 2021، و16 ملياراً عام 2020، وفقاً لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وأظهرت أرقام «أوبك» أن إنتاج طهران من النفط تجاوز هذا العام 3.3 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ عام 2018 على الرغم من العقوبات الغربية.
وقالت جميع المصادر إن الصين هي أكبر مشترٍ للنفط الإيراني وإن معظم الشحنات تذهب إلى مصاف مستقلة، مشيرة إلى أن الحرس الثوري أنشأ شركات واجهة لتسهيل التجارة مع المشترين هناك.
وأفاد مصدر مطلع على مبيعات النفط الإيرانية إلى الصين، بأن عائدات صادرات النفط مقسمة بالتساوي تقريباً بين الحرس الثوري وشركة تجارة النفط الإيرانية.
وأضاف أن الحرس الثوري يبيع النفط بخصم يتراوح بين دولار ودولارين عن أسعار شركة تجارة النفط، نظراً لأن المشترين يواجهون مخاطرة أكبر بالشراء من الحرس.
وأردف قائلاً «يعتمد الأمر على رغبة المشتري في المخاطرة، وتكون المخاطر أعلى مع الحرس الثوري الذي تصنفه الولايات المتحدة، منظمة إرهابية».
وقدّر مصدران غربيان أن الحرس الثوري يعرض خصماً أكبر يبلغ خمسة دولارات للبرميل في المتوسط، لكنه قد يصل إلى ثمانية دولارات.
وتتولى الحكومة تخصيص حصص النفط مباشرة للحرس الثوري و«فيلق القدس». ثم يعود الأمر إليهما في تسويق النفط وشحنه ووضع آلية لإنفاق العوائد، بحسب مصادر ووثائق استخبارية اطلعت عليها «رويترز».
وتحصل شركة النفط الوطنية الإيرانية على تخصيص منفصل.
واجهة صينية