إنجازات قطر مثالٌ يُحتذى
تحتفل دولة قطر في 18 ديسمبر من كل عام، بذكرى اليوم الوطني، يوم تولى مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني مقاليد الحكم في البلاد، وهي مناسبة تعكس تماسك أهل قطر وتمسكهم بأرضهم، وكفاحهم وتضحياتهم من أجلها والدفاع عنها، بإرادتهم الصلبة وحكمتهم، واحتفاء بالإنجازات التي تحققت والتطلع إلى المستقبل المشرق لأبنائنا، تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أمير البلاد.
ويسرني بهذه المناسبة السعيدة، أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، قائد مسيرة الإنجازات والتنمية والمستقبل الزاهر، وإلى الحكومة الرشيدة وللشعب القطري الكريم.
إن الإنجازات التي حققتها قطر في جميع المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والرياضية والصحية والتعليمية والثقافية وغيرها، تعكس التكاتف والتلاحم بين القيادة الرشيدة والشعب المعطاء، وترسم صورة زاهية لمستقبلٍ يسوده الأمن والأمان والرفاهية والتنمية والاستقرار.
مبدأ الحياد
تتبنى قطر في سياستها الخارجية، مبدأ الوساطة والحياد تجاه الأطراف المختلفة في الصراعات بين الدول والمجموعات المتنازعة. وفي سبيل ذلك، زار صاحب السمو أمير البلاد في هذا العام، عدداً من الدول الفاعلة على الساحة الدولية، لدعم جهود الوساطة القطرية وتشجيع الحوار كوسيلة لحل الأزمات حول العالم. فقد زار سموه كلاً من، فرنسا والولايات المتحدة وتركيا وبريطانيا، وشارك في القمة الخليجية - الأوروبية، وقام بجولة أوروبية شملت السويد والنرويج وفنلندا، وجولة في أميركا اللاتينية، وجولة آسيوية، وشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لقد عزّزت زيارات وجولات صاحب السمو المكانة الدولية لدولة قطر كلاعب رئيسي ووسيط موثوق به في حل الأزمات الدولية، لما تقوم به من أدوار فاعلة، وتبنيها مبدأ الحوار في حل النزاعات.
ولعبت قطر بقيادة صاحب السمو دور الوساطة في صراعات ونزاعات مختلفة حول العالم، كدورها في المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، وفي الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، واستضافتها لمحادثات السلام في لبنان والسودان وغزة. كما عملت قطر كوسيط في العديد من أزمات الرهائن الدولية، مستفيدة من مكانتها الدولية وعلاقاتها الدبلوماسية وتواصلها مع مجموعة واسعة من البلدان والجهات الفاعلة. ونجحت الوساطة القطرية في حل الكثير من الأزمات في المنطقة وخارجها ووقّعت قطر العديد من اتفاقيات السلام، كاتفاق الدوحة الخاص بلبنان، ووثيقة سلام دارفور في السودان، وتبادل الأسرى بين «طالبان» وأميركا، والمحادثات بين أميركا و«طالبان» للخروج من أفغانستان، والمفاوضات في شأن الملف النووي الإيراني، واتفاق السلام للمصالحة في تشاد.
تعديلات دستورية
وفي الشأن الداخلي، كان صاحب السمو قد أعلن لدى تفضل سموه بافتتاح مجلس الشورى في أكتوبر الماضي، أن مجلس الوزراء انتهى من إعداد مشروع تعديلات دستورية ليجري طرحها للاستفتاء العام، بعد موافقة مجلس الشورى. وذكر سموه أنه ارتأى أن تحقق تلك التعديلات المصلحة العليا للدولة وتعزز قيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع.
وأقر مجلس الشورى تلك التعديلات الدستورية التي تم طرحها للاستفتاء العام الذي شهد إقبالاً كبيراً من المواطنين.
في الشأن الاقتصادي، واصل الاقتصاد القطري النمو خلال عام 2023 وتشير التقديرات إلى نمو الناتج المحلي بنسبة 1.2 في المئة، كما تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة نمو الاقتصاد القطري ستبلغ 2 في المئة بنهاية العام الجاري. وواصل معدل التضخم في الانخفاض خلال هذا العام، ما يعكس نجاح السياسات
المالية التي طبقتها الدولة لضمان الاستقرار الاقتصادي، كما ساهمت السياسات المتبعة في رفع التصنيف الائتماني لقطر من قبل وكالات التصنيف الدولية، مع المحافظة على نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد القطري. وحققت قطر بقيادة صاحب السمو، تقدماً ملحوظاً في جميع المجالات، وتبوأت مراكز متقدمة في المؤشرات الدولية والتنافسية العالمية في مختلف جوانبها التنموية، وفقاً للتقارير الدولية.
الأشقاء
وفي شأن العلاقة مع دول الخليج، قال صاحب السمو في خطابه أمام مجلس الشورى: «نحن نولي اهتماماً خاصاً للعلاقات مع الأشقاء في الخليج ودفع مسيرة التكامل بيننا».
وفي ظل رئاسة قطر للدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، فإننا لم ندخر جهداً مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدعم مسيرتنا الخليجية ودفع العمل المشترك، بما يلبي طموحات شعوبنا.
وعقب مشاركته في القمة الخليجية في الكويت، قال صاحب السمو إن«قادة دول مجلس التعاون الخليجي أجروا مشاورات مهمة في القمة الـ45 التي استضافتها دولة الكويت الشقيقة» وأشار سموه إلى«أن القمة مثّلت فرصة لبحث عدد من القضايا لتعزيز التعاون الخليجي المشترك في جميع المجالات». وأضاف: «خلال رئاسة دولة قطر للدورة السابقة، عملنا مع الأشقاء على تحقيق خطوات مهمة في مسيرة العمل المشترك، تطلعاً إلى تعميق علاقاتنا الأخوية وتحقيق مستقبل أفضل لمجتمعاتنا الخليجية». وهنأ سموه أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح على رئاسة الدورة الحالية للمجلس، متمنياً لدولة الكويت الشقيقة التوفيق والنجاح في توسيع آفاق مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وفي هذا السياق، أود الإشادة بنتائج القمة الخليجية في دورتها الخامسة والأربعين التي استضافتها دولة الكويت، والتي ستسهم في تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، كما أشيد بالتنظيم الجيّد للقمة والذي إن دلّ على شيء فإنما يدلُّ على حرص دولة الكويت الدائم على دفع العمل الخليجي المشترك وتسريع عجلة التقدم والتطور بما يحقق تطلعات قادة وشعوب دول المجلس.
الواقعية السياسية
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية لدولة قطر، قال صاحب السمو، إن دولة قطر «تحرص دوماً على إقامة سياستها الخارجية على ثوابت أساسية ومبادئ مستقرة، تحقق أهدافنا ومصالحنا الوطنية وتتفق مع قيمنا وتعكس انتماءنا الإسلامي والعربي والخليجي، وتفي بالتزاماتنا الدولية وشراكتنا الفاعلة مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات العالمية» وأضاف سموه: «ترتكز سياستنا الخارجية أيضاً على الواقعية السياسية والتقدير الواقعي لما يمكن أن نقوم به. ونحن نتبع نهج الحوار والدبلوماسية الوقائية وندعم الحلول السياسية التوافقية وتسوية المنازعات بالطرق السلمية ونضطلع بالوساطة حين يكون ذلك ممكناً، ما يتطلب المرونة اللازمة لأداء هذا الدور».
وتظل القضية الفلسطينية في مقدمة أولويات قطر، وبعد مرور أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي البربري على قطاع غزة والضفة الغربية والتدمير الممنهج وجرائم الحرب والإبادة الجماعية ما زالت قطر على موقفها الثابت والداعم للأشقاء في فلسطين، وطالبت المجتمع الدولي بوقف العدوان والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني. كما بذلت دولة قطر ما زالت تبذل جهوداً مكثفةً مع شركائها لوقف إطلاق النار، ونجحت جهود الوساطة في التوصل لاتفاق الهدنة الذي تم تنفيذه في نوفمبر من العام الماضي.
قضايا المنطقة
وفي كلمته خلال منتدى الدوحة، أعلن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن، أن قطر عادت إلى دورها في المفاوضات في شأن غزة «بعدما رأينا زخماً جديداً بمحادثات وقف إطلاق النار بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب»، وأضاف «ان هناك الكثير من التشجيع من الإدارة المقبلة من أجل التوصل لاتفاق»، مشيراً إلى أن هذا العامل قد أثر على القرار القطري بإعادة المحادثات إلى مسارها خلال الأسبوعين الماضيين. وكانت قطر أعلنت عن تعليق وساطتها بين «حماس» وإسرائيل، إلا أنها أخطرت الأطراف بأنها ستستأنف جهودها مع الشركاء عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب.
في الشأن اللبناني، ظلت قطر تحذّر من التصعيد الخطير للعدوان الإسرائيلي الذي تتسع رقعته يوماً بعد يوم، ومن عواقبه على دول المنطقة، ودعت لوقف العدوان على لبنان، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، ورحبت باتفاق وقف إطلاق النار الأخير، وأعربت عن أملها أن يفضي لاتفاق مماثل لوقف الحرب المستمرة على قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة.
وفي الشأن السوري، شدّدت دولة قطر على ضرورة منع سورية من الانزلاق نحو الفوضى، وأكدت ضرورة الحفاظ على المؤسسات الوطنية ووحدة الدولة، ودعت كل الأطراف لانتهاج الحوار لحقن دماء أبناء الشعب الواحد، وجددت وقوف قطر الثابت إلى جانب الشعب السوري وخياراته. كما أعربت عن ترحيبها بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها قوى المعارضة في سورية، لا سيما المحافظة على سلامة المدنيين واستقرار مؤسسات الدولة وضمان استمرار الخدمات العامة، واعتبرت أن هذه الخطوات تمثل مرحلة جديدة تتيح للشعب السوري تحقيق تطلعاته المشروعة نحو الحرية والعدالة والسلام.
الكويت الشقيقة
وفي الشأن الإقليمي والدولي، فإن دولة قطر تولي اهتماماً كبيراً لتطوير علاقاتها مع مختلف البلدان والمنظمات الإقليمية والدولية، والمساهمة الفاعلة في تعزيز السلم والأمن الدوليين، ودعم مشاريع التنمية والاستقرار في الدول المختلفة. وقد حققت دولة قطر الكثير من النجاحات والإنجازات في سبيل إرساء دعائم السلام والأمن والاستقرار والتنمية في عدد من البلدان، ما جعلها مثالاً يُحتذى في المحافل الإقليمية والدولية.
وفي ذكرى اليوم الوطني، أود الإشادة بعمق ومتانة العلاقات التاريخية الأخوية الراسخة التي تربط قطر بالكويت الشقيقة، لأنها تأتي في صدارة أولوياتنا وبتوجيهات سامية من القيادة السياسية، كما يسرني التأكيد على حرص قطر، أميراً وحكومةً وشعباً، على تقوية وتعزيز هذه العلاقات الوطيدة والمتميزة في جميع المجالات، في ظل القيادتين السياسيتين في كلا البلدين، صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، لما فيه خير ومصلحة الشعبين والبلدين الشقيقين، متمنياً لكلا البلدين مزيداً من التقدم والتطور والازدهار.
وبهذه المناسبة، يطيب لي أن أنتهز هذه الفرصة، لأتقدم بجزيل الشكر لجميع وسائل الإعلام، المقروءة والمرئية والمسموعة، بدولة الكويت الشقيقة، على ما تبذله من جهد مقدر في التغطية المتميزة لما يجري في بلدهم الثاني قطر، وعلى الدور البناء الذي تقوم به في توطيد علاقات التعاون والتعاضد بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتعزيز أواصر المحبة والإخاء لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، متمنياً لها التوفيق والنجاح في القيام بهذه المهمة لما فيه خير ونماء ومصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.
* كلمة بمناسبة اليوم الوطني لدولة قطر الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام