16 صاروخاً على طرطوس تسببت بحدوث زلزالٍ بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر

غارات واحتلال إسرائيلي في سورية بغياب الردع الدولي

تصغير
تكبير

قامت الطائرات والبحرية الإسرائيلية، بهجماتٍ عدة طالت منطقة البوكمال على الحدود السورية - العراقية، وحماة وحمص واللاذقية، وطرطوس، التي تَسبَّبَ قَصْفُها بـ 16 صاروخاً، بحدوث زلزالٍ بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر، ما يؤكد أن إستراتيجية إسرائيل تمتدّ إلى ما هو أبعد من أهدافها المعلنة سابقاً والمتمثلة بمواجهة النفوذ الإيراني في سورية.

فهذه الاعتداءات على السيادة والمقدرات السورية وتدمير البنية التحتية في كل أنحاء المحافظات، تدلّ عن هدفٍ شامل يتمثل في نزع أي قدرات دفاعية عن سورية لتخضع بالكامل، خصوصاً على المستوى الإستراتيجي، ولا سيما بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيعزّز ويضاعف الاستيطان في الجولان السوري المحتل «الذي أصبح ملك إسرائيل إلى الأبد».

وبعد سقوط بشار الأسد ومغادرة المستشارين الإيرانيين وقوات «حزب الله»، لم تَعُدْ إسرائيل تعمل بهدف منْع ما كان يُسمى بـ «محور المقاومة» من ترسيخ موطئ قدم في المنطقة أو نقْل السلاح إلى لبنان أو استهداف الأصول الإيرانية، بل ان مئات الضربات تهدف لمنْع إعادة بناء نظام دفاعي متماسك في سورية.

وهذا تدبيرٌ طبيعي لأي جيش يريد التقدم لاحتلال أراضٍ متقدمة ولم يعد يحتاج إلى غطاءٍ دفاعي لحماية القوات الغازية من المشاة والآليات.

وهذا ما يَحدث فعلاً، إذ تتوغّل القوات الإسرائيلية في محافظة درعا والقنيطرة والجولان وريف دمشق، موجِّهةً رسالة للسوريين بأنها تملك قوةً ساحقةً تؤثّر في نفسية العسكريين والمدنيين السوريين، خصوصاً بعدما وُصف انفجار طرطوس بـ «هيروشيما صغيرة»، وذلك كي لا يفكر أحد في سورية أن باستطاعته مقاومة هذا التقدّم الذي لم يتوقّف منذ انطلاقه، إذ تزداد القوات توغلاً.

بإضافة إلى ذلك، فإن تَمَرْكُزَ القوات المحتلة على بُعْدٍ يوازي 20 كيلومتراً من الحدود اللبنانية - السورية الموازية لسهل البقاع، يشكل تهديداً مباشراً للبنان حيث توجَد الطرق اللوجستية وقوات الجغرافيا لـ «حزب الله» من «وحدة بدر»، ما يضيف مستوى أكبر من التوتر والتجهيزات العسكرية تَحَسُّباً لأي قفزةٍ عسكرية إسرائيلية داخل لبنان مستقبلاً إذا قررت تل أبيب الإطاحة باتفاق وقف النار وضرْبه عرض الحائط في أي وقت مستقبلي.

ويدلّ هذه الخرق الواضح ضد دولة سورية العضو في الأمم المتحدة، على أن إسرائيل تحاول ضرْب محاولة أن تعود «بلاد الشام» بحلّة جديدة بعد سقوط النظام السابق، حيث يَعمل المسؤولون الحاليون على صوغ الدستور ولملمة الجِراح وعودة المهجّرين وتنظيم شؤون الدولة التي مازالت تنوء تحت عقوبات دولية قاسية ولم تبدأ بورشة البناء بعد سنوات الحرب الطويلة.

وهذا من شأنه أن يَطرح تساؤلاً عن الدور الذي تحاول إسرائيل القيام به لزعزعة الاستقرار في سورية، ولا يبشر بالخير لمصير الشمال الشرقي الذي تسيطر عليه القوات الأميركية التي لن تنسحب قواتُها من البلاد ما لم تَرْضَ إسرائيل وتتناسب هذه الخطوة مع مصلحة تل أبيب الإستراتيجية.

فسورية تحتاج لاسترداد مناطق النفط والغاز والسلةّ الغذائية وفتْح الحدود مع الدول المجاورة، باستعادة معبر التنف الواقع تحت السيطرة الأميركية أيضاً.

وبعد انتفاء سبب وجود قواتها (بسقوط النظام)، من المفترض أن تعيد أميركا النظر بوجودها في دولةٍ كأنها تولد من جديد وتحاول النهوض بعيداً عن العداء للغرب أو محاربة إسرائيل بسبب العمل الضخم الذي تحتاج إليه الدولة الجديدة لترميم البلاد.

إلا أن النهجَ الإسرائيلي المتبَع غير مُطَمْئن خصوصاً في ظل غياب الإدانة أو العمل الدولي لوقف التمدد والاعتداء والاحتلال الإسرائيلي.

وهذا يدلّ أيضاً على أن تل أبيب تخاطر بتقويض الاستقرار الإقليمي وتعمل لإدامة الصراع خصوصاً أن هناك فئات من الشعب لن تقبل بالوضع الذي تحاول فرْضه دولة محتلة وستعمل لتنظيم نفسها لمقاومة هذا الاحتلال المستجدّ.

وليس من المستبعَد أن حالة الحرب الدائمة هي ما تسعى إليه إسرائيل في نهاية الأمر، هي التي لا تملك حدوداً تعترف بها وتَعتبر أن لديها الحق في احتلال أراضٍ من دول مجاورة ليس فقط كمناطق عازلة بل لأنها تقع ضمن عقيدة «إسرائيل الكبرى».

وما مسألة «الدفاع عن النفس» إلا حجج واهية، لأن إسرائيل لم تُهاجَم من سورية أثناء حُكْمِ النظام السابق ولا أَظْهَرَ الحُكْمُ الجديد نيات عدائية تجاهها.

ولا يوجد في القانون الدولي أي شيء يشير أو يسمح بـ «الضربات الاستباقية» التي تتغنّى إسرائيل بأنها تقوم بها مَنْعاً لهجومٍ مستقبلي لم يقع.

لكن صَمْتَ الدول الغربية يثير التساؤلات تجاه نياتها تجاه سورية الجديدة التي دعت العالم، بما في ذلك إيران، لمعاودة فتح السفارات وبث الحرارة في العلاقة مع دمشق خصوصاً بعد طول غياب لدولٍ عدة غادرت «بلاد الشام» في أول أيام الحرب.

ومن الطبيعي أن تتعامل المجموعة الدولية بحذرٍ مع النظام الجديد ومرحلة الانتقال. إلا أن من غير الطبيعي أن تُترك إسرائيل لهواها تفعل ما تريده وتشن الحروب التدميرية على دول الجوار وعلى الشعب الفلسطيني من دون رادع.

وتالياً، فإن غياب القانون الدولي وازدواجية المعايير إشارةٌ خطيرة جداً للمجتمع الدولي الذي فَقَدَ البوصلةَ الحقيقية بسبب تغطية الدول الغربية لكل جرائم إسرائيل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي