معهد التمويل الدولي أكد أن تعامل دول الخليج مع المشهد العالمي وصراع الشرق الأوسط يسير بشكل جيد للغاية
الكويت ستحافظ على فوائض كبيرة في حساباتها الجارية... 2025
- مخاطر منخفضة على دول الخليج من تعثرها مقارنة بالأسواق الناشئة
- 136 مليار دولار تدفقات رأسمالية غير مقيمة متوقع وصولها المنطقة 2025
- 4 تريليونات صافي الأصول الأجنبية لحكومات الخليج بنهاية العام المقبل
- انخفاض النفط دون 70 دولاراً يفرض ضغوطاً محتملة على الأمد المتوسط
- الاحتياطيات الكبيرة لدول الخليج توافر مصدات ضد انخفاض أسعار النفط
أفاد تقرير صدر حديثاً عن معهد التمويل الدولي، أن دول مجلس التعاون الخليجي نجحت في التعامل مع المشهد العالمي والصراع في الشرق الأوسط بشكل جيد للغاية متوقعاً أن تحافظ الكويت على فوائض كبيرة في الحساب الجاري في 2025.
ومع ذلك، لفت إلى أن الفوائض الكبيرة في الحساب الجاري والموازنة العامة، التي كانت في السابق تحمي من الصدمات الاقتصادية، آخذة في التضاؤل بسبب انخفاض عائدات النفط، وتكاليف الاستيراد الكبيرة المرتبطة بجهودها الرامية إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، متوقعاً تعافي النمو الإجمالي (الهيدروكربوني وغير الهيدروكربوني) من 0.9 في المئة عام 2024 إلى 3.5 في المئة عام 2025، مع تراجع تخفيضات إنتاج النفط في العامين الماضيين تدريجياً بعد الربع الأول من 2025.
وتم إحراز تقدم كبير في تحسين مناخ الأعمال، خصوصاً في السعودية والإمارات، اللتين تمثلان مجتمعتين 75 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون، كما تم إحراز تقدم في تنويع اقتصادات هذه الدول بعيداً عن النفط، كما يشير الانخفاض المستمر في مساهمة قطاع الطاقة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وتستمر الرقمنة والذكاء الاصطناعي في لعب دور رئيسي في إستراتيجية التنويع الاقتصادي.
روابط اقتصادية
من جهة أخرى، ذكر «معهد التمويل» أنه نظراً للروابط الاقتصادية الوثيقة التي تربط دول الخليج بالدولار، فإنه سيكون لفوز ترامب في انتخابات الرئاسة تداعيات على المنطقة، بما في ذلك الوضع الجيوسياسي، وأسعار النفط، ومعدلات الفائدة. مضيفاً أن التوصل إلى حل سلمي للصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سوف يلقى ترحيباً من جانب جميع دول الخليج. حيث كان التهديد المستمر بالتصعيد الإقليمي، خصوصاً فيما يتصل بإيران، مؤثراً سلباً على معنويات الاستثمارين المحلي والأجنبي.
وحسب التقرير، ستتأثر دول الخليج أيضاً بقرارات ترامب خلال فترة رئاسته وتأثيرها على أسعار النفط. فقد كان ترامب من أشد المؤيدين لاستقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة، وهاجم باستمرار التحول إلى الطاقة الخضراء. وقد يؤدي هذا إلى زيادة الاعتماد على النفط الخام في أميركا.
كما قد يؤدي إلى تحفيز إنتاج النفط في الولايات المتحدة، وبالتالي زيادة العرض العالمي 2025 وربما انخفاض أسعار النفط. إضافة إلى ذلك، قد يرفع «الفيدرالي» أسعار الفائدة لمواجهة التضخم الناجم عن سياسات ترامب، ما يعزز قيمة الدولار والعملات الخليجية، ما قد يؤدي إلى تقليص فائض الحساب الجاري لدول المنطقة.
متوسط السعر
وعلى افتراض أن متوسط سعر برميل النفط سيبلغ 70 دولاراً عام 2025، مقارنة بـ 80 دولاراً 2024، فإن فائض الحساب الجاري المجمع لدول الخليج سوف يتقلص من 99 مليار دولار 2024 إلى 38 ملياراً عام 2025، أي 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن تحافظ الإمارات وقطر والكويت على فوائض كبيرة في الحساب الجاري، وإن كانت بمستوى أقل من الفوائض الكبيرة التي سجلت في 2023 - 2024، بينما ستسجل السعودية عجزاً مالياً بنسبة 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مرة أخرى، ما لا يمثل مشكلة عميقة نظراً لديونها المنخفضة واحتياطياتها المالية الوفيرة.
في غضون ذلك، تشكل دول الخليج مخاطر أقل بكثير في ما يتعلق بالتخلف عن سداد الديون السيادية مقارنة بمعظم الأسواق الناشئة. وما يعكس الاستقرار المالي لهذه الدول تصنيفاتها الائتمانية القوية وتدفقات رأس المال غير المقيمة الكبيرة، والتي من المتوقع أن تصل 136 مليار دولار في عام 2025 (6.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي). ويتجلى هذا الاتجاه في الزيادة الحادة في إصدارات السندات بالعملة الصعبة خلال الأرباع الثلاثة الأولى 2024، متجاوزة إجمالي 2023 بالكامل.
تدفقات رأس المال
وتوقع التقرير مواصلة دول الخليج اتجاهها نحو تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج، حتى مع تقلص فوائض الحساب الجاري، مرجحاً أن تهيمن الاستثمارات الصادرة للخارج، خصوصاً من صناديق الثروة السيادية الخليجية، على الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى دولها. وستشكل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة 40 في المئة من إجمالي التدفقات غير المقيمة. وتشهد الاستثمارات في القطاعات المستدامة، خصوصاً الطاقة المتجددة، اهتماماً متزايداً.
وفي ظل فائض متوقع في الحساب الجاري، قد يرتفع صافي الأصول الأجنبية الحكومية إلى 4 تريليونات دولار بحلول نهاية 2025، ما يعادل 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتدير صناديق الثروة السيادية ما يقرب من ثلثي هذه الأصول، وتستثمر في الأسهم العالمية والدخل الثابت. أما الباقي فيُحتفظ به كاحتياطيات رسمية، في المقام الأول في أصول سائلة مثل الودائع المصرفية وسندات الخزانة الأميركية. ويستمر الطلب القوي على الأصول عالية الجودة من دول مجلس التعاون الخليجي، بدعم من العملات المستقرة، وانخفاض الديون، والاحتياطيات المالية الكبيرة.
نظرة مستقبلية
وتواجه النظرة المستقبلية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مخاطر ضئيلة. ورغم استمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة، فمن غير المتوقع أن يكون لها تأثير سلبي كبير على الأداء الاقتصادي. ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة، خصوصاً إلى ما دون عتبة 70 دولاراً للبرميل، من الممكن أن يفرض ضغوطاً محتملة على مالية الحكومات في الأمد المتوسط. ولحسن الحظ، من شأن الاحتياطيات الكبيرة أن توافر مصدات مالية ضد مثل هذه المخاطر في الأمد القريب.
انخفاض النمو العالمي إلى 2.7 في المئة العام الجاري
توقع معهد التمويل الدولي أن ينخفض النمو العالمي من 2.9 في المئة عام 2024 إلى2.7 في المئة عام 2025، في حين من المتوقع أن تنمو الأسواق الناشئة عند 3.8 في المئة العام المقبل مقارنة مع 4 في المئة عام 2024، و4.3 في المئة بـ2023. وتعكس هذه التوقعات ما ستفرزه السياسات المحتملة للإدارة الأميركية الجديدة مثل سياسات التجارة والتدابير المالية والهجرة، فضلاً عن المخاطر الجيوسياسية المتزايدة. وفي حين لم يتم تنفيذ هذه السياسات حتى الآن، فإن تأثيراتها المتوقعة يمكن أن ترسم بشكل كبير المشهد الاقتصادي العالمي إذا تحققت.